كوني أنت وإلا لن تكوني أبداً

نادية خلوف
nadia_khaloof@yahoo.com

2019 / 1 / 7

كوني على سجيتك!
لا أنتمي لفئة النّسويات اللواتي يستعملن قضية المرأة ربما للكسب السّياسي، ولا أستطيع أن أستبعد الرجل من حياتي الشخصية، فالحياة بوجود النساء والرجال أجمل، لكن متى يحدث هذا التّواجد وأين؟
شاهدت آلاف القصص الحقيقية التي ظلمت فيها النساء، وبعض القصص التي ظلم فيها الرجال بالنسبة للحياة العادية، وأستثني الرجل السوري الذي هو على المستوى الشخصي منتهك الإنسانية ضعيف مهمّش، ولا يجد أمامه سوى المرأة كي يقتصّ منها من ظلم الحياة ، فتكون ضحيته، وأنجح الزواجات السورية هي زواج البسطاء غير المتعلّمين حيث الحياة تكون أكثر استقراراً. المتعلم قد ينظر إلى نفسه كإله في بلد يزداد فيه عدد الآلهة والمغفور لهم ، و الأولياء الصالحين، وبمناسبة الأولياء الصّالحين، فقد أرسلت لي إحداهن رسالة وعليها صورة زوجها، وقالت هو يعيش بين الأولياء الصالحين ، الناس تتبرّك به. وقد كان في لجان الحماية الشعبية في مكان ما من سورية، وكان يحارب بالدوشكا، لكنّها الحرب حيث يلتقي القاتل والمقتول في مملكة السّماء-إن وجدت-
لفت نظري أن التمييز في العالم لازال قوياً ضد النساء، ولا زال الرجل هو من يقرّر الطلاق في أغلب الحالات. أي أن العالم يسير وفق قانون الأحوال الشخصية الإسلامي، والنّساء في بحث دائم عن شريك تكمل معه بقية أعمارهن. وقد قرأت قصة نجاح لزوجين درسا الصيدلة في أمريكا ونجحا في عملهما ثم بدأ الرجل يطالب زوجته أن تكون نحيفة مثلاً، وفعلت كل ما يريد ، لكنه تركها وتخلى عنها وعن أولاده.
المرأة تبحث عن الرّجل وليس العكس، وهو يعرف ذلك جيداً، ونسبة الطلاق في العالم بحدود خمسين في المئة تقريباً، وفي سورية أكثر قليلاً.
كتبت البارونة جرينفليد في مقال قديم في الغارديان عنوانه :
لماذا يهرب بعض الرجال من النساء الذكيات؟


وتقول أنه في دراسة جديدة استجوب علماء النفس في جامعة بوفالو ، جامعة كاليفورنيا اللوثرية وجامعة تكساس 105 رجلاً مع سلسلة من التجارب واكتشفوا أن النساء الذكيّات جعلتهم يشعرون بأنهم أقل ذكورة.
تقول أيضاً
أعطتني والدتي ، دوريس ، البالغة من العمر 88 عاماً ، بعض النصائح كفتاة صغيرة وكنت لا أزال أعيش معها : "كوني أنت وسوف تكونين رائعة" ، كما قالت لي: " كوني شخصًا آخر وتكونين من الدرجة الثاني"
ومع ذلك ، كان لدي خبرة قليلة في التواصل مع الأولاد. أتذكر حفلة مراهقة ، الأولى ، عندما كنت في الرابعة عشرة من عمري ، وكنت أشعر بالقلق مما قد يصنعونه . الأولاد مخلوقات غريبة عندما يكون كل ما تعرفه كتباً. ومرة أخرى ، دخلت أمي وقالت لي :"إنه بدلاً من القلق بشأن ما أراه ، يجب أن أقلق بشأن ما أفكر فيه" نصيحة أخرى حكيمة جعلتني في وضع جيد.
المقال طويل كتبته عالمة تصف التمييز والذكورة لكنها تقول أيضأَ:.
"الطبيعة البشرية هي أننا فقط عدائيون أو دفاعيون أو منافسون تجاه الأشخاص الذين يهدّدوننا. في السّاحة الرومانسية كما في مكان العمل ، يهاجم الرجال النساء الأكثر ذكاء أو يتجنبونهن إذا شعروا بالضعف من قبلهن أو أنهن يهددن النظام الطبيعي للذكورة .

بالنسبة لأولئك النساء اللامعات اللواتي يشعرن بأن مواهبهن قد تشكل مشكلة ، لديّ نصيحتين: أولاً ، تحدثي وتصرفي وفق غريزتك الخاصة. إن لم يكن ، فسوف تكونين بائسة على المدى الطويل. إذا كان الرجل يهدّد فكرك ، اسألي نفسك عما إذا كان يستحق حقاً إقامة علاقة معه. الجواب الأكثر احتمالا هو: ربما لا"
اكتفيت بهذا القدر من آراء الكاتبة، وقد أوردتها لأنها متخصّصة في العلوم النفسية وتجمل التعبير، لكن قد تكون أفكارنا متقاربة حول هذا الموضوع. وحتى لا نقول المرأة الذكية لأنّها تكون قد تبلّدت وأصبحت غبية عندما تحل الكارثة بين السوريين . فلنقل المرأة المجدة، والتي ترغب في بناء أسرة حقيقية .
استشارتني إحدى النساء السّوريات بعد سفر زوجها إلى دولة خليجيّة وقالت: أعطيته ثمن التّذكرة ، ومصاريف الإقامة كي يجد عملاً، وهو لا يرد على تلفوناتي. قلت لها يومها: توقفي عن مكالمته، لكنها لم تسمع ولم تتوقف، وأحاطت علاقتها الزّوجية بسرّية كاملة عن عائلتها ، لدرجة أنها مستعدة أن تحلف برأس زوجها، وربما تم ابتزاز العائلة من قبل الزوج بموافقة الزوجة. بعد عشر سنوات التقينا بالصدفة. قالت لي: أنا خائفة. كأنّه لا يحبّني. سألتها: هل بينكما علاقة حميمة؟ أجابت: لا منذ سنوات. قلت إذن هذا ليس زواجاً ، وخلال النقاشات الزوجية كانت تقول بأنه لم يكن رجلاً حقيقياً لينشئ عائلة، وتمسّك بتلك الكلمة، وأثبت عدم رجولته عندما تخلى عن العائلة، وهنا لا أتحدث عنه بل عنها. كانت محطّمة. ليس لأنها تحبّه، لكن بسبب إعالة الأولاد. لكن بقاء الحال من المحال، وهي اليوم في وضع مريح. سألتها: ألا تنوين الزواج ثانية فما زلت شابّة؟
أجابتني: لماذا أتزوج؟ هل من أجل أن أغسل داخليات رجل وأضع له الطعام على المائدة ويتكبّر؟
قلت لها : ليس كلّ الرجال ليسوا رجالاً.
قالت حسناً: لقد تغيّرت ، ولم أعد أقتنع بالمثالية. سوف أقول لك لن أتزوج رجلاً يرتجف عند دفع ثمن الطّعام كالمرحوم. إن كان غنيّاً جداً ، وليس لديه زوجة، وأولاد أنا على استعداد، لكن أظلم امرأة، أو طفلاً. فلا.
قالت لي: أتذكرين؟ عندما قلت لي قولي له مع السلامة كنت سوف أقاطعك، لأنّني لم أصدّق أنّه سوف يتخلى عن الأولاد ، لكن الأمر كان منته بالنسبة له.
قلت لها سميته المرحوم، فهل مات أم تزوج. ضحكت من قلبها: يمكنك القول أنه تزوج في مكان فيه ألف أرملة . عدّ العشرة، ووقع اختياره على الأقرب . كان هذا قبل أن يعلمني أنني شريرة بعدة سنوات. يمكنك القول أنه تزوج، ولم يتزوج، فهو لا يصلح للحياة العائلية.
سألتها عن أخطائها، أجابت: كنت مزيّفة . حاولت المجاملة والتنازل، فخسرت نفسي. اليوم أنا نفسي، لكن الأمر احتاج لصراع مني على مدى عامين كاملين. نحن الآن عائلة كاملة. نوثّق ذكرياتنا، ونقوم برحلاتنا، نزور المدن، نعيش الحية التي حُرمنا منها تحت بند الخوف من المستقبل.
إ ذن عدت إلى نفسك. أيتها المرأة لا تكوني مزيّفة. كوني نفسك، فما سوف يحصل لن يمنعه دونيتك وزيفك.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة