حفيدات رائدات تحرر المرأة في منظقتنا ، يودعن الحجاب.

أحمد كعودي
a.gaaoudi@homail.fr

2019 / 2 / 9

تصدرت ظاهرة خلع الحجاب هذه اﻷيام معظم الصحف الورقية ووسائل التواصل الاجتماعي المصرية ، بالرغم من الجدل القديم/ الحديث؛ القائم بين المحافظين و الحداثين حول الظاهرة وأبعادها الثقافية و الإجتماعية والسياسية ،ذلك أن الظاهرة باتت موضوع اهتمام الإعلامين والباحثين الاجتماعين ،ليس فقد في مصر،حيث خلعت مجموعة من الشابات الحجاب أثناء انعقاد معرض القاهرة الدولي للكناب ، مابين 22 يناير و4 فبراير 2019 الأمر الذي اعتبره المحافظون مروق و تحد ، لتقاليد لمجتمع ، واعتبره الحداثيون خطوة في الطريق الصحيح للانعتاق والتحرر ، من براثن الفكر الذكوري الإخواني والوهابي ،في علاقة بما سلف ذكرت الصحف المصرية أن 13 فنانة مصرية ودعن "منادل الرأس " ، بعد أن اعتزلن الفن لمدة قد تطول وتقصر، ولكن ما يثير المحللين والباحثين هو انشارظاهرة خلع الحجاب ، في معظم العواصم العربيةا ، وتمددت" موضة " التحرر ، لتصل إلى أكبر دولة انغلاقا في العالم السعودية ، إذ في تموز /يوليو2017 ، السعودية الملقبة "بخلود موديل" ؛ ، أخذت صورا وهي سافرة الوجه ،وبتنورة قصيرة متجولة في إحدى شوارع المملكة قبل أن تعتقل من طرف الشرطة الدينية :"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "؛ كما أن مواطنتها ذات 18سنة ، رهف محمد القنون ، جاهرت بتغبر عقيدتها بعد تنديدها بسوء معاملة أهلها لها ، وبعد رحلة ماراطونية من المعاناة ، مابين الكويت وتايلاند والمفوضية السامية لشوؤن اللاجئين ، منحتها كندا حق اللجوء السياسي ،استقبلها رئيس الوزاء استقبال النجوم الكبار ؛ في تصريحاتها لواسائل الإعلام ظهرت رهف متحدية المجتمع الوهابي الذكوري المنغلق ، في ذات السياق اشتعلت الصحف والفضاء اﻷزرق في الشهر الماضي بصور للنائبة البرلمانية المغربية، ماء العين عن حزب العدالة والتنمية (اﻹخواني)،بلباس عصري وبدون حجاب تجول في شوارع باريس بالرغم من نفيها لذلك واعتبار ، أمين الحزب السابق؛ بنكيران أن اﻷمر يدخل في إطار الحرية الشخصية لها .
ويكاد إجماع الباحثين الاجتماعين على أن ما يفسر نزع نساء الطبقة المتوسطة للحجا ب ترجع أسبابه إلى عوامل أساسية أهمها :
1- عودة تبني النخب النسائية ،الأفكار الليبرالية واليسارية لرائد ات ورواد تحرير المرأة ؛مطلع القرن العشرين وحتى نهاية الستينات من نفس القرن العشرين ويمكن ذكر بعض الرائدات والرواد ،كهدى عشراوي ( أول مصرية نزعت الحجاب )وقاسم أمين وسعد زغلول في عهده قاد حزب الأمة
،مظاهرة نسائية ؛ ضد الحجاب ،و في الشام / (سوريا ،لبنان ،العراق ...)ظهرت المناضلة اليسارية نازك العابد (1887-1959) ،الملقبة ب"جان دارك " الشرق مؤسسسة أول "جمعية للنساء العاملات " ومجلة " نور الفيحاء " عام 1920 وهي، مجلة أدبية اجتماعية متخصصة في شوؤن المرأة ، كما أنشات السيدة نازك في ذات الوقت "جمعية مكافحة البغاء " في تحد للفرنسين لاستغلالهم للنساء الفقيرات ...، وجمعت في ذات الوقت ما بين حمل السلاح والقلم ، تزعمت مظاهرة طالبت من خلالها الاحتلال الفرنسي بالرحيل ، والحرية والاستقلال ، في الجزائر برزت طليعة المر أة المتحررة الأديبة والمناضلة ،زهور ونيسي(1937) ، تلميذة عبد الحميد باديس اهتمت بإصلاح شوؤن المر أة والدعوة الى الاصلاح ومحاربة الا ستعمار والجهل والتخلف.
ترجمت عملية تحرير المرأة وخروجها إلى الميدان ، كل هؤلاء نزعن البرقع والحجاب للتفرغ لبناء الإنسان ، والرفع من مكانة النساء ...
2- في فترة حكم " اﻷنظمة الوطنية " ،في مصر وسوريا والعراق وليبيا ؛ تعزز دور المرأة في المجتمع ، ساهمت من خلاله المرأة في الكثير من ميادين الحياة العامة ، وقد لعب الجيل الثاني من رائدات تحرر المرأة ،كنوال السعداوي وفاطمة المرنيسي وغيرهن كثيرات بكتبهن و أبحاثهن العلمية ، دورا متميزا في تنوير الر أي العام العربي والإسلامي وتحسيسهما بقضايا النساء ، لكن الانحدار والتراجع عن المكتسبات الااجتماعية والحقوقية والثقافية التي حققته المراة ،في شمال إفريقيا والشرق الأ وسط بد أ بعد اتفاقية " كامب دافيد " المصرية مع العدو الصهيوني ، وذلك لمواجهة تركة المد القومي الناصري واليساري ،توج بتحالف،السادات مع تنظيم الجماعات الإسلامية وكانت الفرصة مناسبة للسعودية ، لتتغلغل في أوساط المجتمع المصري وفي غيره من المجتمعات العربية ؛ وتفرض نمط تفكيرها وعيشها مخترقة ، بذلك منظومة التربية والتكوين ، لتجهز على كل ما معرفي وعلمي ، وبالأخص في الدول التي تعيش على مساعداتها المالية ،ارتد ذلك على على لباس المر أة ونمط تفكيرها ، الحجاب المصري و اللباس السعودي / الوهابي أصبحا لهما حضور في مجتمعاتنا وتوسعت قاعدة المحجبات ، عمت موضة "وما يطلق عليه الزي الإ سلامي ، " المحتشم " المجتمعات ، حدث هذا بعد أن توارى دور المثقفين ،وانفصالهم عن المجتمع بسبب ،تهديدات الجماعات الإرهابية لهم ، في غياب أية حماية لهم اختاروا الانكفاء على ذاتهم ؛ في تلك الأثناء ، أصبح حديث "ا لأنتلجنسيا " ،عن "سعودة المجتمعات و "إخونجتها " انتشار الفكر السلفي والجماعات المتطرفة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا .
3- بعد أزمة الإسلام السياسي و السلفي/ الوهابي مطلع 2015 ؛ واندحاره وفشله في العراق وسوريا وتونس، تراجع نفوذ التحالف الوهابي اﻹخواني ، وتأثيرهما ، بعد ما نسب إليهما من تهم عن مسوؤليتهما على اﻹرهاب ،التي حصدت أرواح اﻷبرياء في مصر وجل اﻷقطار العربية ؛ كما ان شعوب المنطقة أدركت ، في مجملها ، خطورة الجماعات الإسلامية بشقيها السياسي والعسكري ، في تدمير اﻷوطان لخدمة أ جندة الغرب الاستعماري بعد أن فقدوا الثقة ، في كل ما هو سياسي متخف ، بعباءة "إسلاموية " ،وهذا ما يفسر في نظرنا بداية التمرد علي الهوية السياسية ذات الطابع اﻹسلامي ، لأن النساء هن الأكثر تضررا من الفكر الظلامي البدائي ، البداية انطلقت من مصر . وفي طريقها غلى التعميم .
بدأت نخبة من النساء في المجال الثقافي ، وباﻷخص الإعلامي والفني في مصر ، بخلع ما يطلق عليه الحجاب متحدية شيوخ الوهابية والاخوانية...وهذه الصحوة مما لا شك فيه ستكون لها تداعيات في كامل المنطقة ،ولنا أن نتسائل عن بعد هذه المبادرة النسائية ، وإن كانت تبدو بسيطة ولكن عميقة في دلالتها ومضمونها ، هل هي قناعة وخطوة لتحرير المرأة من البنى الذكورية التي تكبل مؤهلاتها ، أم حالات عابرة و منعزلة ، لهواجس نساء البورجوازية الصغرى ؟ وما دور" الأنتليجنسيا اليسارية " في نشر الوعي الثقافي لتقوم المرأة إلى جانب الرجل في تغير الدولة والمجتمع ؟.
10



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة