|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
محمد الحنفي
!--a>
2008 / 3 / 28
إلى:
• الحوار المتمدن في جرأة طرحه للمواضيع الشائكة، والساخنة، التي تقف وراء حركة الفكر التي لا تنتهي.
• كل امرأة ناضلت من أجل إعادة النظر في القيم التي تكرس دونيتها.
• من أجل امرأة بمكانة رفيعة، وبقيم متطورة.
• من أجل كافة الحقوق الإنسانية لكافة النساء.
دور التقاليد العشائرية، والاجتماعية، في تحقيق فرض الحجاب:.....3
3) مفهوم التقاليد الاجتماعية، واختلافها حسب الزمان، والمكان. والحديث عن العشائر لا يمكن أن يستدرجنا إلا الى الحديث عن التقاليد، نظرا لكون كل عشيرة تتميز بتقاليدها الموروثة ذات الصلة بالانتماء إلى قبيلة معينة، والمستحدثة ذات الصلة بالمؤثرات الموضوعية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
فما المقصود بالتقاليد؟
إن التقاليد جمع تقليد، والتقليد: إعادة إنتاج نفس المسلكية الفردية، والجماعية، التي قام بها من عاش في الزمن الماضي، باعتبار مثالا يجب الاستمرار في إعادة إنتاجه، على مستوى الأفكار، وطريقة المعاملة، وكيفية إقامة المناسبات المختلفة، وعلى مستوى المعتقدات، وعلى مستوى طرق الإنتاج الاقتصادي، وعلى مستوى العلاقات الاجتماعية، والممارسات الثقافية، وعلى مستوى إقامة النظم السياسية العشائرية. وبناء على هذا الفهم، يمكن القول بأن التقليد لا يعني في عمقه إلا إعادة صياغة الحاضر على مقاس النموذج المثال الماضي، وإعادة صياغة الحاضر على مقاس الماضي يؤدى إلى نفي مؤثرات الحاضر، رغم القوة التي تتمتع بها في راهنيتها. وأي عرقلة لتلك المؤثرات لا يمكن أن تنتج إلا إعاقة التطور المنتجة لمجموع مظاهر التخلف المستمر، من خلال التقاليد المعتمدة من قبل العشائر المختلفة.
وإذا كان التقليد هو إعادة صياغة الحاضر على مقاس الماضي، فإن كلمة التقاليد تعني الممارسة الجماعية لقيم الماضي، من خلال عملية التقليد الجماعية لمسلكيات الأفراد، والجماعات، في الزمن الماضي. ويتجسد هذ التقليد في اعتبار الماضي مثالا كاملا، والتعامل مع الحاضر كواقع مفتوح على جميع الاحتمالات الممكنة، وغير الممكنة، مما لايمكن تجنبه إلا بإعادة صياغته على مقاس الماضي، بدعوى المحافظة على هويته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، ذات الامتداد العريق في التاريخ، وذات الارتباط العميق بجذور الواقع.
ومما يساعد، وبشكل كبير، على تمثل الماضي من خلال التقاليد في الحاضر، الطقوس الدينية المختلفة، سواء تعلق الأمر بالديانات الوثنية، أو بالديانات الموحدة: اليهودية، والمسيحية، والإسلام. ونحن نعرف أن عملية استنساخ الماضي في عملية إعادة الإنتاج، عملية غير مرغوب فيها، على الأقل، كما جاء في القرآن الذي انتقد عملية تقليد من عاش في الزمن الماضي، حيث نجد: "إن وجدنا آباءنا على أمة وإنا على أثارهم مقتدون" كما نجد: "إنا وجدنا آباءنا على امة وإنا على أثارهم مهتدون".
فتقليد مجمل ممارسات من عاش قبل ظهور الإسلام من العرب، وغير العرب، من الديانة الوثنية، ومن غير الديانة الوثنية، يعتبر غير مطلوب؛ لأن الدين الإسلامي، أثناء ظهوره، كان قائما على التجديد، وليس على التقليد، حتى تنفتح الآفاق أمام تغيير الواقع الذي كان قائما حينذاك.
إلا أنه، وبعد وفاة الرسول، صار من جاء بعده يعمل على تقليده في مسلكيته، وفي ممارسته على جميع المستويات، لتتحول المرحلة التي عاش فيها، وبرمتها، إلى مرحلة قابلة للتقليد، والاستعادة، من خلال ما يسمونه "تطبيق الشريعة الإسلامية"، التي ليست في عمقها إلا عملية قولبة الحاضر على مقاس الماضي، لتتم عملية استعادة ما جاء في القرآن، وعلى يد المسلمين في كل زمان، وفي كل مكان "إنا وجدنا آباءنا على أمة، وإنا على آثارهم مهتدون"، و"إنا وجدنا آباءنا على أمة، وإنا على آثارهم مقتدون". ولكن هذه المرة انطلاقا من ضرورة المحافظة على الدين الإسلامي، من الاختراق، حتى تبقى التقاليد النابعة من صلب الدين الإسلامي مستمرة إلى ما لا نهاية.
غير أن هذه التقاليد، التي تختلف باختلاف العشائر، لا تصير واحدة، فيما يتعلق بإعادة إنتاج الماضي، من خلال الممارسة اليومية: الفردية، والجماعية؛ لأن نماذج الماضي ليست مسجلة، كما وقعت، بالنقطة، والفاصلة، بقدر ما هي مجموعة من الانطباعات التي تكون محكومة، في غالب الأحيان، بالذاتية. والانطباعات لا تعكس حقيقة الماضي، وهي ذات طابع ذاتي، ولا علاقة لها بالموضوعية. ولذلك نجد أن الاختلاف الفج قائم بين التقاليد على عدة مستويات:
ا ـ مستوى المسلكية الفردية الموروثة من الماضي، التي تختلف تصوراتها من عشيرة إلى أخرى، بل ومن فرد لآخر، حسب الروايات، وحسب القراءات الفردية، والجماعية، لتراث الماضي.
ب ـ مستوى المسلكية الجماعية، التي تختلف تصوراتها، أيضا، من عشيرة إلى أخرى، ومن عشائر قبيلة معينة، إلى عشائر قبائل أخرى، ومن عشائر قبائل دولة معينة، إلى عشائر قبائل دولة أخرى، في كل بلد من البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، نظرا للاختلاف الواضح في فهم الماضي، وفي طرق معرفته، وفي مصادر تلك المعرفة، وفي الفهم الخاص بكل عشيرة للدين الإسلامي، أو لمذهب من مذاهبه.
ج ـ على مستوى الاقتصاد المعتمد في كل عشيرة، باعتباره اقتصادا تقليديا، نظرا لاختلاف مصادر الاستدلال على شرعية ذلك الاقتصاد، أو على عدم شرعيته.
د ـ على مستوى العلاقات الاجتماعية، التي يلتمس لها مصدر من الماضي، وخاصة إذا كان هذا المصدر من الدين الإسلامي، وبالأخص إذا كانت هذه العلاقات هي تلك القائمة بين الرجل، والمرأة. فكل عشيرة لها فهمها، ولها مذهبها اللذين تبنى عليهما مسلكية المرأة تجاه الرجل، ومسلكية الرجل تجاه المرأة. وهو ما يؤدى إلى اختلاف العلاقات الاجتماعية التقليدية من عشيرة إلى أخرى، ومن قبيلة إلى أخرى، ومن دولة إلى أخرى.
ه ـ على مستوى القيم الثقافية، التي تتحلى بها كل عشيرة على حدة، حيث نجد أن المرجعية التاريخية، أو الدينية المعتمدة في كل عشيرة على حدة، تؤدي إلى الاختلاف في القيم الموروثة، ضدا على القيم المنتجة، أو القيم الوافدة، ومن أجل الظهور بمظهر المحافظة على تقليدية القيم الثقافية السائدة في كل عشيرة، وخاصة، تلك التي لها علاقة بشخصية المرأة.
و ـ على مستوى الممارسة السياسية، حيث نجد أن كل عشيرة تسعى إلى البحث عن المثال السياسي في الماضي، حتى تعطي لممارستها السياسية شرعية الماضي، ومن أجل أن تصير تقاليدها السياسية معبرة عن هويتها التاريخية، وخاصة اذا كان المثال مبحوث عنه في الدين الإسلامي، كما هو الشأن بالنسبة لرفع شعار "الإسلام هو الحل"، وشعار "الدولة الإسلامية"، وشعار "تطبيق الشريعة الإسلامية". وهكذا، فجميع العشائر تختلف في مرجعياتها السياسية، وفيما تريده من المرجعية الدينية.
فاختلاف التقاليد من عشيرة الى أخرى، هو مسألة موضوعية، بسبب اختلاف الشروط الذاتية، والموضوعية، التي تحكم كل عشيرة على حدة، مما يؤدي إلى قيام هذا الاختلاف.
وإذا تم الاتفاق على أن تقاليد العشائر تتنوع تنوع العشائر نفسها:
ألا يمكن إيجاد قاسم مشترك بين تقاليد العشائر المختلفة؟
إن جميع العشائر، وفي جميع القبائل التي لا زالت قائمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، يقوم بينها قاسم مشترك يتمثل في:
ا ـ تقديس الممارسات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي عاشها الناس في الزمن الماضي، كيفما كان هذا الزمن، وكيفما كان من عاشوا فيه، وضدا على عملية التحول التي تعرفها المجتمعات من تشكيلة اقتصادية / اجتماعية، إلى تشكيلة اقتصادية / اجتماعية أخرى، وديدن العشائر في ذلك، ما يرونه على أنه حديث: "آباؤكم خير من أبنائكم الى يوم القيامة".
ب ـ اعتماد المرجعية الدينية في صياغة المسلكية الفردية، والجماعية، حتى وإن اختلف فهم النص الديني من عشيرة إلى أخرى، أو من فرد إلى آخر في نفس العشيرة، حتى تعطى كل عشيرة لمسلكيتها الفردية، والجماعية، الشرعية الدينية.
ج ـ السعي إلى تحقيق مثال الحكم، كما عرفه الزمن الماضي، وخاصة إذا كان هذا الحكم يتخذ طابعا دينيا، كما هو الشأن بالنسبة إلى "الدولة الإسلامية"، أو إلى "الخلافة الإسلامية"، حتى وإن كان الحكم المطلوب تحقيقه مستبدا.
د ـ معاداة كل ما يؤدى إلى استحضار كرامة الإنسان، كما هو الشأن بالنسبة للعلمانية، وحقوق الإنسان، وقيام دولة الحق، والقانون، والمجتمع المدني، وسيادة الشعب، وقيام دستور ديمقراطي، وغير ذلك مما له علاقة بكرامة الإنسان.
ه ـ معاداة المرأة باعتبارها ضلعا أعوج، وباعتبارها عورة، وباعتبارها مصدرا للفتنة بين أفراد العشيرة الواحدة، ومصدر شرور المجتمع.
و ـ فرض حجاب المرأة، من أجل ستر العورة، حتى تتجنب العشائر قيام الفتنة، وحتى تخضع المرأة ل"تطبيق الشريعة الإسلامية"، حتى وإن اختلف فهمهم للحجاب، ولطريقته، ولمجال قيامه.
ونقط الاتفاق هذه بين العشائر المختلفة، لا يلغي الاختلاف القائم في الفهم، وفي الممارسة التقليدية، تجاه جميع النقط التي تشكل قاسما مشتركا بين جميع العشائر.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|