|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
حامد حمودي عباس
!--a>
2009 / 3 / 12
على ما يبدو فان موضوع التصويت الذي طرحه موقع الحوار المتمدن حول حق المرأة في ممارسة العملية الجنسية قبل الزواج ، قد فتح بابا جلب انتباه الكثيرين فضلا عن أنه شكل محورا لم يألفه الفضاء التحاوري حتى بين المثقفين في بلادنا .. وقد شجعني للعودة اليه ثانية دعوة الاستاذه بيان صالح من خلال مقالها الاخير حول نفس الموضوع حين دعت الى حوار يسعى لبلورة الاسباب المؤدية لحجب حق المرأة بالتصرف بجسدها وعواطفها كما تشاء .
لقد ناقشت الاستاذه بيان وبروح حماسية ظاهرة مقال للسيد سمير حميد كان قد نشره في العدد 2580 من الحوار المتمدن تزامن مع نشري لمقالي في نفس العدد والمعنون ( أين نحن من حق المرأة بامتلاك علاقات جنسية قبل الزواج ؟ ) .. وحتى يكون الحوار من طرفي على الاقل يحمل هدفا يخدم في النهاية قضية المرأه ، والتي أوليتها الكثير من اهتمامي من خلال المساهمات المتواصلة الى الحد الذي اتهمني فيه الكثيرون بالمغالاة والتطرف في الطرح فيما يخص المطالبة بحقوق النساء ، أود هنا أن أثبت الملاحظات التاليه –
أولا – لم يكن هناك أي خلاف منظور بين كل الاطراف التي عالجت الموضوع لحد الان ، اذا أخذنا بنظر الاعتبارعدم احتساب الخلافات البائنة في التعليقات المثبته سواء على مقالي أو مقال السيد سمير حميد أو مقال الاستاذة بيان صالح .. فنحن الثلاثة نقف موقف المدافع عن حقوق المرأة في المسواة في كل شيء ، ومن المؤكد أن يكون حقها في ارساء تجاربها العاطفية بكل حرية شأنها في ذلك شأن الرجل هو أحد أهم هذه الحقوق ..
ثانيا – ان الاختلاف الحاصل هو بيني كطرف ( وان لم يشار الى مقالي بهذا الخصوص ) وبين السيد سمير حميد والاستاذه بيان هو أنني أشترطت لتحقيق هذه الغاية وأقصد بها حق المرأة بممارسة علاقات جنسية قبل الزواج أن تتحقق الاسس الموضوعية لارساء هذا الحق ، وقلت بالحرف الواحد بأن ( المجتمعات المتقدمة في اوروبا والغرب قد أفلحت وعبر مراحل طويلة تخللتها تجارب لا تحصى بأن تنتقل وعلى مهل من حالة قديمة الى أخرى جديدة من العلاقات الانسانية ومنها العلاقات الجنسيه ) .
ان الجرأة في الطرح والحماسة التي أشادت بها الاستاذه بيان من قبل السيد سمير حميد لا تعفينا أبدا من تناول هكذا موضوع بكل روية واهتمام ، حتى لا نقع ضحايا للطرح المتسرع والغير مبني على أسس سليمة وان كنا متفقين أساسا على مشروعيته ، اذ لا أعرف بالضبط ماذا يقصد السيد سمير حميد بدعوته الاحزاب اليسارية والعلمانية لاحترام حقوق المرأة قولا وممارسة وعدم التشبه بالاحزاب الدينيه ؟؟ .. هل يعني بأن على هذه الاحزاب أن تضع تشريعا تنظيميا وفكريا في برامجها السياسية يعلم الاعضاء في التنظيم كيفية النظر لممارسة المرأة حق بناء علاقات جنسية قبل الزواج ؟
ولا أعرف بالضبط أيضا هل المرأة في بلادنا الان يعوزها هذا الحق الى الحد الذي يجعلنا نطرحه وبهذا الشكل السافر ونصوت على مشروعيته من عدمها ؟؟ .. ثم .. ما هي حقوق المرأة التي نالتها لحد الان ولم يتبقى لها غير الحق في التصرف بجسدها كما تريد ؟؟ .. وهل يستطيع السيد سمير أن يبين لنا بعيدا عن الحماسة الثورية غير المبررة كيف هو السبيل الى بلوغ المرأة في البلدان العربية درجة من الرقي في نيل الحقوق حتى تطالب الان بحقها في الانفتاح الجنسي قبل وبعد الزواج ؟؟
أليس من العبث أن نستدرج المرأة وهي في حالها الحاظر الى أتون خطر داهم سيعرضها حتما الى النيل من جسدها وكرامتها واسرتها ومستقبلها من قبل رجال هم ايضا لم يبلغوا الرشد في التعامل مع زوجاتهم لا مع عشيقاتهم أو من يشتهون من النساء ؟؟ ..
وما توصلت اليه الاستاذه بيان صالح من أن 95 % من النساء في مجتمعاتنا الشرقية والاسلامية يعتقدن بأن ممارسة الجنس هو لارضاء الرجل فقط وحماية النسل ، وأنها تعتب على المرأة على عدم ادراكها بأن العملية الجنسية هي حق للاثنين للوصول الى الاشباع الروحي والجسدي ، هذا الفهم لايحمل الجديد مما نطلبه أن يكون بالنسبة للوضع الفسيولوجي والنفسي للمراة والرجل معا ، ولكن ما علاقته بموضوع جدوى طرح فكرة حق النساء ببمارسة الجنس قبل الزواج في الوقت الحاظر ؟ .. وهل هذا الحق له صلة بالحقوق الاخرى الغائبة عن عالم المرأة في بلادنا المأزومة بآلاف المعضلات الاجتماعية والتي تعترض حياة المرأة والطفل والاسرة عموما ؟؟ .
انني أعود ثانية لاقول .. بأن المسار المنطقي للنضال من أجل حقوق المرأة يجب أن لا تشوبه ضبابية فكرية تبيح لنا وضع الحصان أما العربه ، فنقوم وبحسن نية بالاضرار بقضية المرأة دون أن نعلم ، فالمرأة اليوم ارتدت قضيتها بفعل تأثير القوى الاسلامية المتزايد على الساحة السياسية واصبحت هذه القضية في موقع لا تحسد عليه ، وتشابكت الاذرع التي تبيت الشر للمرأة أمام ضعف ملحوظ لقوى اليسار الفاعلة والتي أصابها التشتت وسادت في صفوفها روح اليأس أحيانا ففقدت الكثير من مواقع ألفعل المؤثر ، حتى أضحت المرأة وفي العديد من المواقف عدوة لقضيتها بفعل عوامل الجهل المدقع وظربات العوز والتشرد وعدم حماية القانون لها ولاسرتها ، وهي اليوم تئن تحت وطأة الحاجة لتوفير عناصر الكرامة الابتدائية لنفسها ، وليس بالضرورة الان أن نزجها في مكمن غير آمن كقضية حقها في المرح الجنسي الحر .
ويبقى من غير المنطقي أبدا أن نتحجج في مسلكنا هذا بطبيعة الانحرافات غير المسؤولة والتي تمارس فيها ترقيع غشاء البكارة وكأن هذا الامر هو مدخل يبرر لنا المساهمة في اطلاق الامور في جانب خطير كالجانب الجنسي وبدون مراعاة ضرورة توفر الضوابط السلوكية العامه لمجتمع لا زال لا يعرف الف باء التعامل الحضاري مع النساء ، وليس من المنطقي ايضا أن نلقي بحواسنا جانبا لنرى ما تفرزه عوامل الجهل وعدم الانضباط في مجتمعاتنا وكأنها عوامل تبرر لنا الاسفاف في الخلط وعدم التمييز ، فنقول للمرأة والرجل معا وغير العارفين باصول السلوك الاجتماعي السليم بفعل مؤثرات معلومه أن اذهبوا فانتم أحرار ، واستجيبوا لنداءات أجسادكم كما تريدون وكيف واين تقررون ، وانجبوا كما تشاؤون ولا يهمكم أية ضوابط بعينها فالحرية تقتضي ذلك .
القضية المطروحة للحوار تحتوي على أبعاد هي أوسع من حوار ضيق المساحة لا يشتمل الا على محاولات تحكمها ( غيرة ) هي أشبه بالغيرة العشائرية البسيطه على المرأة وحقوقها ، ولا يجوز لنا يأية حال من الاحوال أن نختصر كل الابعاد الواسعة من حقوق المرأة والتي لا زالت طي النسيان من قبل المؤسسات الرجعية والنافذة التأثير في صفوف مجتمعاتنا اليوم لنقفز مرة واحد ونطلب من المرأة مهظومة الحقوق والمستباحة في كل شيء بفعل العوز الاقتصادي لنقول لها خذي حقك الرئيسي في أن تمارسي الجنس قبل الزواج .. ذلك الحق الذي سيؤدي بها حتما الى ضياع يقتل فيها كل ما تبقى لديها من انسان أوغل المعادين لقضيتها بقتله .. وكي لا أبقى في دائرة البحث عن مبررات اجدها موضوعية لزعمي بهذا الصدد أركز مجمل افكاري بالنقاط التاليه –
أولا – لا زالت مجتمعاتنا ترزح تحت تأثير المفاهيم المتخلفة في شتى جوانب نشاطاتها الانسانية ، ولا زال الفرد عندنا – رجلا كان أم أمرأه – يحمل في ثنايا عقله الباطن مرتكزات ذهنية تجعله أسيرا لاعراف شبه ثابته لا يمكن تجاهلها ونحن نسعى لافراز عمليات التجديد ، ولابد من استأصال هذه المرتكزات واحلال الجديد منها كي يكون هذا الفرد أمينا بالتعامل مع ما تفرزه أصول الحداثة والتمدن . والا فان العبث والتخبط والهدم سيكون نتيجة طبيعية بخلاف ذلك .
ثانيا – ان العملية الجنسية بكل ما تحمله من خفايا لا زالت طي السر والكتمان في مجتمعاتنا لا يجرؤ أحد على طرحها بحرية على بساط البحث دون أن تتصدى له قوى الردة السلفية والرجعية مسلحة بالوعي العدمي لجماهير واسعة من الرجال والنساء لا يتقبلون تناول هكذا امور على العلن ، ويعتبرون التطرق الى المشاعر والاستجابات الجنسية هو بمثابة التعرض للاخلاق والمقدس ، وبذلك فاننا بتوجيه وخزة مفاجئة وعنيفه لهذا الوجدان العام من شأنه أن يزيد العدو التقليدي لقضية التحرر الاجتماعي في بلداننا قوة فوق قوته باتهامنا بالاباحية واللادين والكفر بالله وما ورد بكتبه وعلى لسان رسله .. الامر الذي سيعطل بالضرورة سعينا لبلوغ اهدافنا في نيل المجتمع حقوقه المشروعه مجتمعة ومنها حق المرأة بمسواتها في كل شيء .
ثالثا – وهذا هو المهم .. فان لقضية المرأة اليوم أبعاد متعددة هي أوسع مما نتخيل ولا تنحصر أساسا في حقها في التعامل الجنسي مع ما يحمل هذا الحق من مشروعية ، هذا اذا علمنا بأن المشاعر الجنسية شأنها شأن كل العواطف الانسانية الاخرى تمتلك قوتها وروعتها ولذة الحصول عليها عند المنعطفات التي يشعر الانسان فيها بأنه حر لا تقيد أحاسيسه أية منغصات ، فأية حقوق جنسية نطلبها لهذا العدد الهائل من الارامل مثلا قبل أن نطالب لهن بالعيش الكريم وفي بيوت تؤمن لهن ولاطفالهن سبل الحصول على لقمة الخبز ؟ .. ولو قدر لي أن اتطرق لهكذا امر امام جمع من النساء العراقيات المبتليات باصابة اطفالهن بامراض سببتها لهم ظروف السكن غير الصحية وغياب المعيل فماذا سيكون الرد ؟ ..
ان حقوق المرأة الملحة الان هي أن نوفر لها وسطا تنتزع فيه حقها بالتعليم وامتلاك السكن اللائق والقضاء على ظروف العوز الاقتصادي وتوفير العمل للزوج والابناء وتهيئة الظروف الصحية الملائمه ، ومن ثم خلق وعي معرفي من خلال مناهج دراسية تهيء عقل المرأة والرجل منذ السنين الاولى في المدارس لتقبل المفاهيم الجديدة والتعامل مع مباديء الاختلاط بين الجنسين بحس يبتعد عن المفاهيم الدينية المتأصلة في النفوس .. من حقوقها الملحة والعاجله الان هي أن تتسلح بالوعي بماهية هذه الحقوق كي تدافع عنها بنفسها لا أن تقف بالضد منها بالانظمام الى صفوف اعدائها دون أن تعلم ، من حقوقها المشروعة والعاجله هي أن تخرج من شرنقة اصبح الرجل فيها يستدرجها لان تكون خليلة كي يقذف بها بعد حين الى شارع الرذيلة لا تعرف ما ذا تفعل كي تسترد كرامتها ، من حقها أن لا تكون أداة للانس الرخيص بعد أن يوهمها دعاة الحرية الجنسية زورا الى ممارسة غير منظبطة يلهو من خلالها اوباش الرجال ليتركوها ضحية أعراف مجتمعات لا ترحم وتكون ضحية سهلة لذئاب تتربص بها فتقتلها عن سبق اصرار بتهمة غسل العار أو تسوقها الى دور الدعارة المنظمه رغما عنها .. ومن يزور مراكز الشرطة في شارع السعدون ببغداد أيام زمان يمكنه من مشاهدة ملحمة حية من ملاحم الاستهانة بمقدرات وانسانية النساء من خلال مداهمات البوليس الى فنادق الدرجة الاولى واغلبهن من المتزوجات واللاتي يمارسن حقهن في امتلاك علاقات جنسية قبل واثناء الزواج ، كل هذا لان تلك الممارسة لم تأتي استجابة لعواطف صادقة بل للتصدي لظروف هي أقوى من ذلك ، ظروف تتعلق بالفقر وعدم الوعي والضعف امام مغريات الرجال الموبوئين بامراض التسلط وكسب الجنس الرخيص واطفاء جذوة عابره .
وليس لي الا أن ادعو الى التروي والتسلح بمعرفة كافية بالواقع الذي تعيشه المرأة في بلادنا قبل ان نحشرها حشرا قسريا في حيز لا تطيق التعامل معه لعمق وسعة مساحات التأثير فيه ، وان نتفهم نحن واياها معا ماذا يعني ذلك المارد المتحفز دوما للانفجار والذي نسميه بالجنس ، وكيف نروضه لان يكون حمامة حب وسلام ووئام والفة ، لا أن يكون وحشا يحطم فينا النفس والبيت والاسرة والزواج ويشرد الابناء ويفتح دورا جديدة لتجارة الرقيق .
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك