|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
حامد حمودي عباس
!--a>
2009 / 3 / 24
قد يقال بأن الالحاح في اقامة حوار حول موضوع حق المرأة بالتصرف بجسدها كما تشاء ، هو أمر لا يرقى الان الى هموم ألثقافة الحاضرة ، وان حدث مثل هذا ألشعور لدا البعض فهو أيضا من ترسبات الترف الفكري البرجوازي ولا أسميه بالفكر الذكوري ، حيث ان ما نسميه بالتسلط الذكوري في الفكر هو أولا وأخيرا من النتائج ألطبيعية لترف ألثقافة البرجوازية مدعومة بالفكر الديني المتسلط على شرائح واسعة من مجتمعاتنا وعبر سنين طوال .
لقد كان الجنس ولا يزال من المحرمات التي لا يقبل جهابذة التدين وممثلي البرجوازية أن يقترب منها أحد . وحيكت حوله شباك غليضة من ( ألعيب ) و ( ألحرام ) حتى أصبح شبحا يخيف الجميع ولا يقترب منه شخص الا بحذر شديد .. وفي ضل هذه النواميس المعرقلة لتطور الفكر الانساني بشكل عام والسائدة في مجتمعاتنا نحاور – نحن من ندعي الاقتراب من الفكر العلماني المستنير – موضوعة تتعلق بالجنس ، وتحديدا حق المراة في ممارسة حياتها الجنسية بحرية تامه .
واستكمالا لحوار كهذا والمحاط بشتى الاشواك الاجتماعية والسياسية ، فان ما توصلت اليه السيده بيان صالح من نتائج عامه حول حق المرأة بممارسة تجاربها الجنسية قبل الزواج ، لا يؤشر أي اختلاف بيني وبينها من حيث –
أولا – ايماني الكامل بمساواة المرأة في كل نشاط انساني يتمتع به الرجل ، ولو تفضلت السيده بيان بالاطلاع على مضامين مقالاتي بشأن المرأة ، فانها ستجدني من أشد المدافعين عن المرأة وحقوقها .
ومن هذا المنطلق فانني لابد وأن أكون مؤمنا بحقها في ممارسة حياتها الجنسية بحرية كاملة شأنها في ذلك شأن الرجل .
ثانيا – اتفاقنا تماما على أن هناك مقدمات تشكل ضرورة موضوعية يجب توفرها تباعا كي تستطيع قضية حقوق المرأة أن تنال امكانية التحقيق .
ثالثا – الاختلاف الوحيد بين أفكاري وما لدا السيده بيان هو الاسلوب لبلوغ الهدف .. طبيعة اختيار ألظرف الملائم لنجاح هذا ألبلوغ ، وضمان الاخذ بنظر الاعتبار ما يمكن وما لا يمكن في الوقت الراهن .
ان قضية المرأة عموما تعتبر من أهم القضايا الشائكة والتي تعترض سبيل تقدم مجتمعاتنا وتجعلها رهن الاعتقال الفكري الرجعي وهيمنة عامل التخلف على هذه المجتمعات ، بل انني وفي أحيان كثيرة أجعل من عدم امتلاك المرأة لحقوقها هو في الباب الاول من سلم عوائق التقدم الاجتماعي .
لذا فان عملية التصدي لهذه القضية يجب أن يشوبها ألحذر الشديد ، سيما وأن عدوا شرسا يتربص بنا يتمثل بتحالف متين بين المارد ألديني والرجعية المتخلفة والبرجوازية المنافقه .. وان أي سلوك غير مدروس سيؤدي في نتائجه الى تسهيل عملية الانقضاض على حقوق المرأة وتعطيلها بدلا من بلوغ ما تصبو اليه من أهداف . فالعدو لا يستهان بقوته ، وما يمتلكه من أسلحة متمثلة بالموروث الديني والسلفي ذات التأثير البالغ في نفوس البسطاء والمعوزين هو سلاح حاد وفعاليته كبيره .
لقد تفننت القوى المعادية لمبدأ مساواة المرأة بالرجل في اختيار أفضل السبل لتعطيل عملية النضال لبلوغ هذا الهدف السامي ، وفي مقدمة ما سعت اليه هو تجنيد المرأة ذاتها ضد قضاياها وضمان اتخاذها مواقف معادية للتيار الداعي لنيلها حقوقها المشروعه ، فهبطت بها الى درك يقترب من قاع حالة الجهل التام وجعلت منها ( حرمه ) كما تقول السيده بيان وهتكت كل مشاعرها الآدمية حينما عرتها امام شاشات العرض واختارتها موديلا لتجارة الملابس وساقتها لتلبية حاجات الرجال في دهاليز فنادق الدرجه الاولى ، والقت بها في غياهب الجهل المدقع لتكون لقمة سهلة يستفاد منها خليلة وملبية لنزوة عابرة وأداة للهو وأجيرة رخيصة الثمن وعاملة لا تطالب باكثر مما تحصل عليه لسد رمقها ، فالمرأة اليوم في بلادنا مهما بالغ المتفائلون بتقدمها لا تشكل الا رقما لا يعتد به حينما يعمد مشرع القانون للتشريع ، ولا يخشى لها وزنا من يراهن على حساب ميزان القوى وهو يرسم لنفسه خطا يرقى من خلاله الى موقع القرار، عدا عن كونها تشكل عددا لضمان الحصول على الاصوات لا غير ..
هذه هي الحقيقه .. ولا حقيقة غيرها ان اردنا النظر الى خارطة الوضع الاجتماعي في بلداننا ، وعرفنا واقع ما تحتله النساء من مراكز ضمن هذه الخارطه ، وبناء على هذه القراءة الواقعية وغير المرتكزة على خيالات مبعثها الحماسة الفائضه عن حدودها المعقوله ، نستطيع أن نضع لانفسنا أولويات التحرك صوب بلوغ اهداف التحرر الاجتماعي عموما ومنها تحرر المرأه ..
لو تحركت منظماتنا النسوية المؤمنة بالتحرر صوب وضع دراسات مستفيضة يساهم بها الرجال والنساء تعتمد على المسح الميداني لوضع المرأة في العراق مثلا ، لوجدت ما ( يشيب له الرأس )
من صور الظلم والقسوة واللاانسانية بل والعبودية التامه للنساء .. انها حرب لا هوادة فيها تلك التي تجري ضد نساء العراق وعلى كل الصعد ، فقد تحالفت ضدها القوانين الرسمية وشضف العيش واعراف الدين واشباه الرجال من طلاب المتعة وعشاق الجنه .. وعلى هذا الاساس من المعرفة المستندة على الواقع علينا ان نتصور ونتحرك ونقرر كي ننصف قضية المرأه ، لا ان نطالب الان بسن اعراف تبيح لها التصرف بجسدها بحرية وكما تريد .. فمن ذا الذي يتركها على هواها اليوم والجميع يتربصون بها في كل زاوية وكل شارع وزقاق وشرفة منزل ومحطة للسيارات ومخازن بيع الخضار كي يوقع بها وينال منها ويتركها طعما لتجار الدين يرجمونها بتهمة ارتكاب الرذيله ؟؟
من يقف لها معينا ان امتلكت هكذا حرية ليدافع عنها ضد من يسوقها الى دكة السلخ الاجتماعي حينما يتهمها بالفسق فتبقى ارملة او عانسا او منبوذة رهن الموت البطيء هذا ان نجت من الموت باسلحة الجزارين المدافعين عن الشرف ؟؟ .. وان كانت لدينا نواميس بعينها يجب ان نطالب بها الان فهي ان ننصف المرأة اولا بارسالها الى مراكز التوعية لكسبها الى صفوف المدافعين عن قضيتها ، وان نعلمها قراءة الحرف ، وان نوفر لها سبل العمل الشريف كي تكسب قوتها بعزة ورفعه ، وتهيئة الظروف التي من شأنها حمايتها وهي تتحرك في فضاءات حياتها اليوميه ، وخوض معركة الحصول على قوانين تعضد من مواقفها امام محاكم المجتمع والدوله ، وحمايتها واطفالها من عوامل الضغط المادي والنفسي ان تخلى عنها الزوج والاهل ، وفتح دور تأهيلية لتعليمها مهن تحميها من العوز، عندها فقط سوف تتحرك المرأة ذاتها صوب توفير المناخ المناسب لتلبية حاجاتها الانسانية تباعا ومنها حريتها الجنسية ، دون خوف من أن تطيح بها وبقضيتها سنن المجتمع المتخلفة ودون أن تمنح نفسها طعما سهل المنال لاعدائها من رجعيين ومتخلفين وسلفييين منافقين .
بكلمة واحده .. المرأة الان غير مهيأة ابدا لزجها في حيز غير مأمون العواقب كحيز الحرية الجنسية غير المنظبطة وغير المحمية وغير الواعيه ، ولابد أولا من خوض بقية المعارك المعنية بحريتها الاقتصادية ومنحها فرص التعلم وزيادة الوعي بحقوقها العامه ومن ثم المساهمة في خلق وعي اجتماعي لدا الرجل كي يتعامل معها تعاملا انسانيا بعيدا عن الفهم التسلطي والفوقي والديني المتخلف والاسهام في دفع الاجهزة الرسمية المعنية بتغيير كافة القوانين المضرة بحقوق النساء .. انها معركة واسعة المساحه وعميقة الجذور وتتطلب منا الكثير من اسلحة التدمير لاعراف تأصلت فينا منذ القدم وأول هذه الاسلحة هو الحذر من الوقوع في مطبات قاتلة ستكون علينا لا معنا ان لم نحسن الاختيار.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|