|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
حوا بطواش
!--a>
2010 / 6 / 24
التقيت بوفاء بعد غياب فأحسست بتعاسة حياتها, رغم أنها كانت مع زوجها في أجمل مدن العالم. كان حبها ما يزال يملأ صدري. طلبت لقاءها فجلسنا نتناول الغداء معا. وفي كمالة لحديثنا عن سعادتها, قلت لها ان عليها ان تطلب الطلاق.
فرمقتني بعينين مبهوتتين, غاضبتين, وقالت: "أطلب ماذا؟!"
قلت: "لا تقولي لي انك لم تفكّري بذلك من قبل. فأنا لن أصدّقك. أنا متأكّد أنك فكّرت, وما زلت تفكّرين. وتعلمين في داخلك أن ذلك ما يجب ان يحصل."
"تريدني أن أطلب الطلاق؟ أتريدني أن أرمي زوجي بعد كل ما فعله من أجلي ومن أجل عائلتي؟ بعدما حصلت على كل ما أردت؟"
"لا. أنت لن ترميه. أنت من حقك أن يكون لك زوج يحبّك وتحبينه, يساندك ويرعاك, يمنحك الأمان والدفء. ليس رجل ترينه مرة كل ثلاثة أشهر!"
تنهّدت وفاء بعمق, ولم ترد.
بعد لحظات, سألَت وهي تغيّر الموضوع: "كيف حال منى؟"
أجبت: "منى بخير. لقد استلمت عملها."
"أين؟"
"في مكتب أحد أصدقائي المحامين."
"وانت من وجدت لها العمل؟"
"نعم. لقد ساعدتها في ذلك."
ثم سألت: "كيف توفي زوجها؟"
أجبت: "في حادث سيارة."
فقالت: "اذن, فقد عادت الى هنا... الى اهلها ... واليك."
"لا," قلت, "انها مجرد صديقة."
"يعني مثلي."
"وما لك ولها؟ لِم تسألين كل هذه الأسئلة عن منى؟"
فقالت: "لأنها جميلة, وانت كنت تحبها. ولا أدري ... ربما ..."
"ولماذا يهمّك هذا الأمر؟"
"لأنك تطلب مني أن أطلب الطلاق."
"لا. أنا لم أطلب منك أن تطلبي الطلاق. أنا نصحتك لنفسك." قلت.
رأيتها تهزّ برأسها. "مفهوم. يعني باختصار, أنت تريد أن تخرّب بيتي, هذا ما تريد. تريد أن أنفصل عن زوجي ... وأنت تكون مع منى!"
"أهكذا فهمت؟"
"نعم."
"حسنا. اذن, لا تفعلي شيئا. ابقي كما انت."
أطبق علينا الصمت, وكأننا وصلنا الى طريق مسدود. جلسنا دون ان تلتقي عيوننا, نتأمل ما حولنا ... ونفكّر.
بعد دقائق, رأيتها تمدّني بنظرة. فسألتها: "هه, ماذا قررت؟"
ردّت بشيء من الغيظ: "بشأن ماذا؟"
"بشأن زواجك؟ هل ستبقين هكذا؟ كما انت؟"
"أفضّل ان أبقى كما أنا. فأنا لا أدري ان طلبت الطلاق, ماذا سيحصل؟! أفضّل ان أرضى بما لدي."
"وماذا سيحصل معك يعني؟"
"ماذا؟"
"انت ماذا تريدين؟"
أجابت بعد تفكير: "انا أريد أن أعيش حياتي بسعادة وأمان ... معك."
قلت لها: "هذا ما سيحصل."
فسألت: "ومنى؟"
قلت: "منى... انا كنت أحبها. حينئذ, كنت ما ازال صغيرا, متهوّرا. كنا نحن الإثنان متهوّرين. لم نفكّر كثيرا, ولم نحسب حسابا لشيء. لم نصل الى شيء. والآن ايضا لن نصل, لأنه لم يتغيّر شيء."
"ماذا يعني ذلك؟"
"منى مسيحية. أهلها لن يقبلوا. لم يقبلوا في ذلك الوقت, والآن ايضا لن يقبلوا."
"وهل هي طلبت منك شيئا؟"
"لا, ولكن, كأنها ما زالت تحبني. ولكن انا لن أورّط نفسي بنفس الغلطة مرتين. انا لم أكن أصدّق ان بإمكاني ان أحب من بعدها. ولكن, جئت أنت ودخلت قلبي رويدا رويدا, وسكنت فيه."
لم تقل وفاء شيئا. بقيت سارحة بعينيها, وقد رقّ وجهها.
بعد لحظات ... سألتها: "أما زلت خائفة؟"
ردّت بهدوء: "لا."
ابتسمت لها برضى. ثم سألتها: "حسنا. متى ستطلبين الطلاق؟"
فقالت بعد تنهيدة طويلة: "أنا... لن أستطيع أن أطلب الطلاق."
"ماذا؟" صُدمت بها. "اذن ماذا نقول من الصبح؟ لماذا؟"
قالت ساهمة: "لأن زوجي قد مات."
"مات؟ متى؟"
"منذ فترة, حين كنت في باريس."
"وكيف مات؟"
"كان مريضا منذ عامين, مريضا بالقلب. وكان يتلقّى علاجه في باريس. وحين اقتربت الساعة طلبني ان أسافر اليه ... ومات."
"ولماذا لم تقولي لي شيئا؟"
فقالت وهي تفكّر: "ربما لأني... أردت ان أختبر مشاعرك نحوي. أردت ان أرى كيف تتصرف معي وانا في هذا الوضع."
أرسلت لها ابتسامة كبيرة. ثم سألتها: "وكيف وجدتني؟ هل نجحت في الإختبار؟"
فأفرجت شفتاها أخيرا عن ابتسامتها الدافئة, وأنا غُمرت بفرحة كبيرة وانا ارى احلامي تتحقق اخيرا أمام عينيّ.
وهكذا, تعيش أحلام... وتموت أحلام. والحياة تبقى تسير, وأيامها تدور. تأتي بأحلام لها حديث ثم سكوت. أحلام تضحكنا وتبكينا... وبعد شرود تعود ولا تفوت. واحلامنا كالشمس تضيء أيامنا وبحياتنا تسود, وبعد غياب تبقى تعود.
النهاية
هذه القصة مستوحاة من المسلسل التلفزيوني
"أحلام كبيرة" للكاتبة السورية أمل حنا
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|