|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
مصطفى محمد غريب
!--a>
2010 / 7 / 19
ان قناعة الإنسان وحريته الشخصية فيما يختار من أديان ومعتقدات وأفكار هي مستلزمات تؤكدها لوائح حقوق الإنسان المشرعة دولياً ولا يمكن الإخلال بها إلا من قبل قوى غاشمة ومضطهِدة للآخرين، والاضطهاد وممارسة الضغط والتهديد ووسائل العنف الجسدي والنفسي عبارة عن ممارسات لا إنسانية وتندرج في خانة العنصرية والدكتاتورية والظلامية الفكرية وهي مدانة من قبل المجتمع الدولي ويجب الوقوف بالضد منها وتعريتها، أما اضطهاد المرأة المزدوج فيدل عن تدني القيم الأخلاقية والاجتماعية ومخالفة لجميع التعاليم والقوانين الوضعية.
حملات فرض الحجاب الإيراني ( الشادور، الجادر ) ظهرت بعد الاحتلال وسقوط النظام واتخذت أشكالاً عديدة البعض منها حضى ويحضى بدعم من قبل بعض المسؤولين في قيادة الدولة ومنظمات وأحزاب الإسلام السياسي التي تشارك في العملية السياسية، أو التي خارجها، ويوعز المسؤولون عن هذا التوجه تطبيق الشريعة الإسلامية مع العلم أن العباءة العراقية التقليدية هي المتعارف عليها والمعمول بها منذ عشرات السنين، والدعوة إلى الشادور الإيراني وغطاء الوجه أو الإعلان عن مجموعة " سيف الحق " التي تأسست حسب المصادر في محافظة الانبار وتسعى إلى تطبيق " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " مقلدة فيها الجماعات في السعودية التي تسمى بهذا الاسم ، ونهج الأحزاب والمنظمات والمليشيات التابعة لإيران أو المتحالفة معها، ومن اجل تطبيقها اتخذت إجراءات عنفية وممارسات لا إنسانية تجاه النساء وبالأخص السافرات وقد عمدت أعمالهم الإجرامية بملاحقة الحلاقين أو الذين لا يطيلون لحاهم ودور السينما ومحلات بيع المشروبات الروحية وغيرها من الأعمال المخالفة للقوانين، وقد مارسوا عمليات الاغتيال والقتل والجلد أمام المواطنين محاولين بث الرعب والخوف في القلوب مثلما حدث في الفلوجة والبصرة والبعض من محافظات الوسط وفي بغداد .
وتشتد الحملات العنفية بين فترة وأخرى تحت واجهات إسلامية طائفية سياسية فكل جهة ترى نفسها أحق من غيرها لتطبيق الشريعة وتتهم الآخرين بالخروج عن التعاليم وتضع قوانينها الخاصة بالعقوبات والتهديدات وولوج بيوت المواطنين ومحلاتهم وأماكن عملهم مهدديهم بأقصى أنواع العذاب فضلاً عما ينتظرهم من عذاب جهنم في الآخرة، ولا يتورع أي طرف منهم من ممارسة أبشع أنواع الأساليب النفسية والجسدية بما فيها الخطف والتعذيب والقتل ونشر ملصقات تنبذ العباءة العراقية وتدعو إلى ارتداء الشادور الإيراني الذي يشبه " الجادر" وبجانبها آيات قرآنية تخدم توجههم اللاإسلامي، وكلما وجد هؤلاء الإمكانية والفرصة فتراهم يعيثون فساداً بالشريعة والإسلام بحجة حمايتهما ومعاقبة الخارجين المتهمين بالفسوق والفجور .
الملاحظ بعد مرور أكثر من أربعة شهور والحكومة العراقية الجديدة راقدة مثل أهل الكهف واستغلال الفراغ الأمني أعيدت " قوانة " قضية الحجاب الشرعي والقتل على الشبهة وملاحقة الذين لا يتفقون معهم حتى لو كانوا علماء أو رجال الدين، وفرض الشادور أو النقاب الذي يصفونه بالشرعي في بغداد والانبار والناصرية وبعض المحافظات في الجنوب والوسط تعيدنا للتذكر بتوجهات جماعات جند الله وطلبان وحماس العراق وسيف الحق والقاعدة وغيرهم، ففي وجهة الجميع السعي لقيام دولة دينية وكلنا يعرف أن أحزاب الإسلام السياسي من كِلا الجانبين لديهم قاسم مشترك في موضوعة الدولة والد أعدائهم الذين يطالبون بفصل الدين عن الدولة وتحديث المجتمع والقوانين وإقامة الدولة المدنية على أرضية ديمقراطية وبالضد من النظام الثيوقراطي الذي تتبناه أحزاب الإسلام السياسي.
إن التوجس والتخوف من ظهور نوازع متطرفة أكثر في مجال تضيق الحريات الشخصية والعامة بحجة الشرع والدين وانسياق أحزاب الإسلامي السياسي الذي لا يوجد خلاف بينها عن قيام الدولة الدينية وان اختلفت الطرق والأساليب، بدأت تأخذ حيزاً من اهتمام القوى الوطنية والديمقراطية وجماهير غفيرة التي تسعى إلى قيام المجتمع المدني بما له من خصائص معروفة في مجال سن القوانين التي تراعي مصالح المواطنين وتحافظ على حقوقهم وحرياتهم ومعتقداتهم وأفكارهم، فضلاً عن مواقفها من حقوق المرأة وحريتها وعدم تقيدها بعادات وتقاليد بالية هدفها إبقائها كتابعة ورفض خروجها من ظلامية القرون القديمة إلى مواقع العلم التنويري الحضاري لتضعها في مكانها الطبيعي، وما الدعوة إلى فرض النقاب أو الشادور الإيراني بالقوة وبالعنف وإرهاب الناس إلا دليل على التوجهات التي تحاول الامتثال لبعض الدول الإسلامية التي تنتهج شكلياً هذا النهج بينما نجدها من اشد أعداء الحريات والديمقراطية والذين يختلفون معها فكرياً.
انه ناقوس الخطر وان كان صوته خافتاً أو عالياً في بعض الأحيان، يظهر هنا وهناك بأشكال ومسميات وشعارات وملصقات التهديد والوعيد وإرهاب العائلات وخاصة في المناطق الشعبية الفقيرة، فله من يساعده ويوسعه ويلجأ إليه إذا اقتضت مصالح الاستحواذ والتفرد وإلغاء الآخرين وله من يغذيه ويطبخه على نار هادئة في الوقت الراهن ولكن إلى حين، لأن ذلك لن يدوم إلى الأبد.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك