و عن تعدد الزوجات في تونس فحدّثي...

تتصل بي صديقتي التي تشرف على نادي فكري لتدعوني لحضور النقاش الدوري الذي تديره مع نخبة من المفكرين و المفكرات حول ثورة تونس و توابعها و كالعادة أجد الموضوع لا يخرج عن السياسة الصرفة فمرة عن المجلس التأسيسي و مرة عن طرق الانتخاب و أخرى عن نظم الحكم فأسألها دون تردد :" و متى ستطرحين عليهم موضوع تعدد الزوجات؟ " فتجيبني باندهاش يعادل الاستنكار" و هل هذا وقته يا كريمة ...البلد في منعرج تاريخي و زوابع الثورة لا تزال ترعد في أرضنا و سمانا و نحن متفرقون و أحزابنا شتى... فلنركز أولا على هذه الانتخابات التي نحن إليها ذاهبون و لسنا ندري في أي واد سوف تودي بنا..."
معذورة صديقتي المنغمسة في العمل الفكري و السياسي حتى أذنيها ربما هي لا تدري أن الحديث الكثير في السياسة و لا شيء دونها يتعب النفس و يجهد القلب و يقلق الخاطر و نحن في أربعة أشهر هي عمر الثورة اليوم قد تكلمنا في السياسة من ألفها إلى يائها حتى اكتأبنا منها و من المتكلمين فيها و عنها و لا أظن مخزون الصيدلية المركزية من المهدئات بكاف لتهدئة نفوسنا مما حل بها بعد الثورة. وحده الحديث في المواضيع المحببة للنفس هو ما يجعلنا ننتشي و لو حلما و يبقى حديث الرجال الأحب خاصة هذه الأيام هو تعدد الزوجات و لطالما حرموا من الخوض فيه إلا همسا فلماذا لا نفتح لهم فيه بابا للحديث نحن النساء بعد أن صرنا نقرأ كتاباتهم على الحيطان مطالبين بتعدد الزوجات كأحد المطالب الأساسية لهذه الثورة أي تماما كتلك التي طالبوا بها فور اندلاع الثورة مثل الحق في الشغل و في الكرامة و في المساواة... أحقا هؤلاء هم أبناء الثورة؟ أحقا هم من طالبوا بالكرامة أولا... فأي كرامة تبقى للمرأة إذا ما قهر الرجل قلبها و أنوثتها و كبرياءها و تزوج عليها فقط ليباهي بما يتصوره فيض فحولة أو مال عميم؟ ثم هل يتصور الرجل أن بإمكانه أن يبني سعادته على شقاء بشر آخر دون أن يدفع الثمن؟ ألم يرى من خلال هذه الثورة بالذات ما يفعل المقهور حين تداس كرامته و يُظلم؟ و هل هناك من الرجال من يصدق حقا أن هناك امرأة في الدنيا ترضى بتزوج زوجها عليها و لو كانت دميمة مريضة عرجاء حولاء؟
آن الأوان "لنفرك" معا هذه الرمانة المغلقة في تونس منذ عقود حتى نتناقش بالحسنى فإما أن نتصالح أو أن نستمر نتصارع كما كنا دوما إلى أن يرث الله أرضنا و من عليها.
إنه موضوع ليس ببعيد عن السياسة كما قد تتصورون بل هو في تونس بالذات من السياسة و إليها لذلك و عدتني صديقتي بطرحه للنقاش قريبا بعد أن أقنعتها وجهة نظري و عندما تقرر ذلك سأدعوكم نيابة عنها للحضور و إلى أن أعود لهذا الموضوع في حديث قادم فإنني سأهديكم شيئا من الكلام الساخر قاله أحد الظرفاء في حضرة الخليفة المأمون بعد أن اكتوى بنار الجمع بين زوجتين و أعرف أن أكثر رجالنا لن يصدقوا قوله حتى يُجربوا بأنفسهم فلينتظروا و من يدري فلعلهم بعد الانتخابات يُجرّبون...

"تزوجت اثنتين لفرط جهلي فما أشقاك يا زوج اثنتين
فصرت كنعجة تضحي و تمسي تُعذب بين أخبث ذئبين
فقلت أكون بينهما خروفا أنعم بين ثدي نعجتين
لهذه ليلة و لتلك أخرى عتاب دائم في الليلتين
و رضي هذي يهيج سخط هذي و ما أنجو من إحدى السخطتين
فان شئت أن تعش عبدا كريما خلي القلب معلوم اليدين
فعش فردا فان لم تستطعه فواحدة تقوم بعسكرين..."