|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
احسان جواد كاظم
!--a>
2011 / 12 / 5
أشكل الامر علينا في تحديد الضحية في عملية قتل جنائية حدثت في احدى المدن العراقية, متهمة فيها شابة, بعد مشاهدتنا لها على اليو تيوب وهي تتعرض للاستجواب والتعذيب على ايدي رجال امن عراقيين في احدى المراكز الامنية. عملية القتل هذه لها خصوصية مميزة, فالمقتول سيد ( رجل الدين ).
قتلها اجتماعيا قبل ان تقتله جنائيا, غشها وقطف ثمار انوثتها ثم تركها لتلاقي مصيرها وحيدة في مجتمع قاسٍ لايرحم احدا, فما بالك لو كانت امرأة خاطئة, لاسيما وان المقتول سيد بكل ماتحمله هذه الصفة من مدلول اجتماعي وقداسة دينية.
انها مذنبة... ذنبها الرئيسي ليس قتلها لهذا السيد, رغم بشاعة فعلها, فقد قتلته غسلا للعار, لكن ذنبها الاكبر هو سذاجتها المفرطة, وثقتها المطلقة بقدرتها على الظفر بحياة آمنة تحت ظلال هذا السيد.
يشكل الفيديو نموذجا جيدا لتحليل طبيعة التفكير المجتمعي السائدة, وربما تختصر جملة قالها احد معذبيها: " ولج تعرفين شنو سيد ؟!!!" , نمط التفكير المتخلف هذا والذي هو مزيج غير متجانس من قيم عشائرية بالية وعقيدة دينية متخلفة, تنظر للمرأة كوعاء تفريغ يستخدمه الرجل كلما شاء ليس الا, فهي ليست لديها مشاعر ورغبات واماني, رغم انهم يحملوها كل موبقاتهم وشرور هذا العالم...فالسيد عبّر عن شطارته وفحولته وحسب, وهو على كل حال , يحق له مالا يحق لغيره من الرجال.
نمط التفكير هذا الذي ينزه رجل الدين مهما تجاوز من حدود شرعية يرغم الآخرين على الالتزام بها, ومن اعراف اجتماعية وقوانين, لهو الاحرى بالادانة والمحاربة, فرجل الدين مهما علا شأنه يبقى مواطنا كما غيره من المواطنين الآخرين , عليه ما عليهم من واجبات وله مالهم من حقوق والا نكون قد رجعنا الى ايام الدكتاتورية السوداء بأستئثار البعض بامتيازات تضعهم فوق القانون وخارج اطار اية مسائلة.
قد يبدو هذا الرأي مثاليا في مجتمعاتنا , حيث طغيان المد الديني, لكن لو كنا نبغي بناء مجتمع قائم على العدل والحقوق والديمقراطية فانه ينبغي اخضاع هؤلاء لقيم العدالة والمساواة التي تنادي بها البشرية.
وكان للتكاثر الاميبي للسادة خصوصا ورجال الدين عموما بعد التغيير عام 2003 قد اوجد الحاجة للاكثار من الجوامع والحسينيات... فكانت فرصتهم الذهبية قد سنحت ايام جحيم الحرب الطائفية, فأصبح كل حزب ديني او مرجعية تتسابق للاستيلاء على اكبر عدد من املاك المواطنين الهاربين او المهجرين من مناطق سكناهم ليجعلوها مقارا لنشاطاتهم وميليشياتهم ليسوموا الناس العذاب ويساوموهم في حقوقهم وحرماتهم.
ومن المعروف ان رجال الدين هم الشريحة الأوفر حظا في مجتمعنا اليوم التي تتمتع بثمار التغيير: جاه اجتماعي, سلطة دينية ودنيوية, ثراء مادي ثم حريات مطلقة, تبتديْ من الحرية السياسية ولاتنتهي بالحرية الجنسية. تتملقهم سلطات الدولة كما المواطن المسحوق الباحث عن موقع قدم في هذا العالم المتلاطم الامواج والحافل بالمفاجآت غير المحسوبة. وكذلك كانت هذه الشابة التي بالغت في ارضاء السيد متأملة توفيره لها ولعائلتها بعد الزواج حياة افضل اكثر استقرارا ولكنه كان غادرا.
نلحظ تشابها بين عهد الدكتاتورية السابق والعهد الجديد من حيث ان سطوة الدكتاتور وحاشيته اخلت مكانها لصالح سطوة رجال الدين, وكلاهما نهل وينهل من خوف المواطن ومحاباة القضاء وممالأة رجالات المجتمع وتغاضيهم عن تجاوزاتهم.
طالب بعض الكتاب بمحاسبة ضباط الامن الذين عذبوها وشجعوها على الانتحار باعطاءها مسدسا, لكن الاهم من ذلك كما اعتقد, هو ضمان محاكمة عادلة لها, لكي لا تصبح ضحية مرة اخرى وتركها فريسة بين نياب ضباع لاتهمهم مأساتها التي اولمها اياها هذا السيد. وهذه بلاشك مهمة الهيئات القضائية المستقلة ومنظمات حقوق الانسان والمرأة ومنظمات المجتمع المدني عموما, بمتابعة سير الاجراءات القضائية وسلامتها وعدم تدخل الجهات الدينية والسياسية واحقاق الحق.
هل من معين لهذه الشابة المغدورة؟!!!
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|