|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
يامنة كريمي
!--a>
2018 / 3 / 12
مشاركة في ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2018 -
من أسباب ظاهرة التحرش الجنسي ما يلي:
-سيادة العقلية الأبوية في المجتمع.
والفكر الأبوي كثقافة اجتماعية سائدة يقوم على أساس أن الذكر هو الزعيم والسلطان. وهو الآمر الناهي سواء في البيت أو الشارع أو مكان العمل...خاصة وأن المجالين الأخيرين يعتبرهما الفكر الأبوي ملكه الخاص وأن وجود المرأة فيهما هو منتهى التسيب والفساد، من جهة، وتطاول على حقوق الذكر المشروعة، من جهة أخرى.
وبناء عليه، فالنسبة لهم، مضايقة المرأة والمس بكرامتها هو عقاب لها على ما اقترفته من أخطاء خاصة وأنها في نظرهم هي صاحبة الخطيئة الأولى وبالتالي هي مجبولة على الوقوع في الخطأ مما يستوجب تشديدي المراقبة عليها ومحاصرتها ومحاربتها على جميع الواجهات بما في دلك مضايقتها في المجال العام لأن مكانها الطبيعي والشرعي هو البيت. وبمجرد الخروج منه فإنها تفقد أي حق في الكرامة "في نظرهم".
وبمرجعية الفكر الأبوي الحربي وحسب كتب التاريخ وعلى الأقل في شبه الجزيرة العربية كانت الأنثى تصنف حسب الخدمة التي تقدمها للذكر والتي تفرض عليها القيام بها على أكمل لكسب الرضاء وتجنب العقاب القاسي. مما أوجد صنفين من "النساء" على الأقل -ذات وضعيات سوسيو- اقتصادية وخلقية مختلفة ولا يربطهما سوى الحرمان من الكرامة الإنسانية- وهما:
-"المرأة الحرة" وهي أم الولد. ومفهوم عبارة حرة هنا يناقض نهائيا معناها الاصطلاحي لأن المرأة الحرة كانت لا تتمتع بأي حرية حيث كانت معزولة في مجال خاص بالبيت خاضعة بلا قيد أو شرط "للزوج" وعصبته (محيطه من الذكور) وإن خرجت فتكون مختمرة بعد أن وافقت رغبة عمر بن الخطاب الوحي في مسألة اللباس، وحدد معظم مهندسي جسد المرأة من السلف عورتها من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين...بعد حرب "عالمية إسلامية" حول الموضوع. وهل هناك من أمر مهم أكثر من جسد المرأة لدى "السلف الصالح" باستثناء النبي (ص) بالدليل التاريخي. لأنه صراع على الملكية والمرأة الحرة بمثابة ملكية خاصة محفظة.
- المرأة الأمة أو الجارية أو الخادمة ... فكانت تخضع لنظام اجتماعي يختلف عن دلك الذي تخضع له المرأة "الحرة". فالمرأة الأمة كان يمنع عليها الاختمار وعورتها من السرة للركبتين حسب "علماء الجنس" كما أن مهمتها، كانت هي تحقيق اللهو والأنس والمتعة للذكر مما كان يمكنها، أحيانا، من السلطة والمال لكنها كانت في المتخيل الاجتماعي تشغل مكانة دنيا بالنسبة للمرأة "الحرة" كما أنها كانت في معظم الأحيان عبارة عن ملكية على الشيع.
وهذه المرجعية السوسيو تاريخة عن المرأة هي التي تحرك مسألة التحرش الجنسي حيث أي متحرش هو في قرارات نفسه يعتبر أن الحرة أو الشريفة هي أمه وأخته وزوجته...وأن باقي الإناث هم إماء مباح لأي كان التمتع بهن أو تعنيفهن. وهذا المنطلق مضروب من أساسه ولا يؤمن به سوى جاهل وهو نفسه السبب في كل الفساد والتسيب الجنسي في المجتمعات الإسلامية خاصة التي تعاني من عقدة الشرف المقرونة بالمرأة.
ورغم انتشار ظاهرة التحرش الجنسي داخل المجتمعات التي لا تساوي بين الرَجُلَةٌ والرجل في الحقوق والواجبات وبشكل مستفحل، نجد الضحايا في معظمهم الأحيان يتكتمون عن العنف الذي يتعرضن له (يعرضوا له) والأسباب هي:
-أولا، لأن التحرش وما يسعى إليه من محاولة اغتصاب أو يحدثه فعلا، هو من أكبر الإهانات –الجرائم-التي تتعرض لها الأنثى (وحتى الذكر) والتي تجعلها تحس بالضعف والحكرة وقلة القيمة إلى درجة أنها تعجز حتى عن الشكوى والتعبير عن العنف الذي لحق بها بسبب جنسها. (التمييز بسبب الجنس).
-ثانيا، لكون المجتمعات الأبوية أمام أي انزلاق في العلاقة الجنسية أو التمهيد لها (التحرش) تكون المرأة هي المتهمة الأولى لأنها متهمة بغواية الذكر مسبقا.
ثالثا، كون القوانين لا زالت لا تحمي الأنثى أو (شبه الأنثى) بما فيه الكفاية ودلك لغيابها أو لعدم تفعيلها، وإن اختلفت نسبة دلك من دولة إلى أخرى. وبالتالي تتجنب الأنثى الدخول في معركة تكون هي الخاسرة فيها من البداية. أما عن الإشارة لوجود التحرش في الدول المتقدمة فيبقى نسبيا بالنسبة لغيرها من الدول ما عدا إن كان الأمر يهم بعض المناطق التي ترتفع فيها نسبة الجاليات الأجنبية وهذا إشكال آخر. وبالتالي فالتحرش الجنسي هو مشكل متفحل في بعض المجتمعات بسبب التخلف الفكري وبسبب غياب او تغييب القانون الخاص بالظاهرة.
أما فيما يخص الدول المتقدمة وخاصة على مستوى حقوق الإنسان مثل فرنسا مثلا، فقانونها وقضاءها لا يتسامح في مثل هذه الجرائم مهما كانت مكانة وسلطة مرتكبها. ولدلك إن رصدت بعض حالات التحرش في هده الدول فتدخل في باب الاستثناء، ولا تحدث في الغالب الأعم سوى في سياقات خاصة نسبيا مثل أماكن السهر واللهو...
وفيما يخص مواجهة ظاهرة التحرش الجنسي، فإنه كباقي الآفات الاجتماعية تتطلب مواجهته الإمكانيات والأساليب التالية وعلى رأسها،
وجود إرادة سياسية حقيقية تسعى لتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان دون تمييز لأي سبب كان بما فيها الاختلاف الجنسي بما يشمله من أنثى وذكر وشبه أنثى أو مخنث أو متحول جنسيا... وفي حالة ثبات وجود الإرادة السياسية يجب اتخاذ مجموعة من التدابير في إطار شمولي ومتكامل من أجل التصدي لكل دوافع ومسببات ظاهرة التحرش وبالشكل التالي:
- تجنيد كل المؤسسات العمومية خاصة المؤسسات التعليمية وما يرافقها من مؤسسات للتكوين والتنشيط والرياضة والفن ...وهيئات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وغيرها من المؤسسات والهيئات والأفراد، من أجل وضع مشاريع إصلاحية تشاركية بهدف التربية والتنشئة على المساواة والتسامح.
- تنظيم وبشكل مكثف ومستمر لحملات التوعية والتحسيس بخطورة التحرش كعمل لا إنساني أولا وكتعدي على حقوق الآخرين ثانيا.
- ابتكار أشكال التحفيز لكل المشاريع والمبادرات الساعية لنشر قيم التسامح والمساواة.
-تجريم كل الخطابات والأنشطة التي تشجع على التمييز وتحط من كرامة المرأة وعلى رأسها خطابات الكهنوت الإسلامي الذي ثبت بما لا يترك مجالا للشك أنها خطابات مزدوجة ومنافقة ومغلوطة ومتحجرة وبالخصوص في موضوع المرأة، أما في قضايا الذكر فباب الاجتهاد مفتوح على مصرعيه (مترع بالدارجة المغربية). والسبب الذين يخفونه هو اعتقادهم الراسخ بأن المرأة "شيء" في ملكيتهم يرفضون التنازل عنه حتى وإن شوهوا الوحي المحمدي.
- وضع قوانين زجرية وتفعيلها لأن في المجتمعات الأبوية القاضي نفسه يكون حاملا لنفس الفكر وبالتالي، كيف ننتظر منه أن ينصف المرأة عندما يكون المشتكى به ذكرا والسبب هو التحرش الجنسي أو العنف الزوجي...
-مراجعة طبيعة التربية التي يخضع لها الأطفال والتي تقوم على أساس التمييز بين الأنثى والذكر. فقواعد التعامل والتعليم والتأثير تختلف ما بين الولد والوليدة سواء فيما يرتبط بالتربية الفكرية والمعرفية أو البناء الجسماني. وإن كان دلك في البيت والأسرة أو في الشارع أو المؤسسة التعليمية... فنلاحظ أن حتى دعاة المساواة لا يساوون بين بناتهم وأبنائهم في الأشغال المنزلية مثلا وفي ممارسة الرياضة واستغلال المجال العام. حيث أن الأشغال المنزلية تكون من نصيب البنت والرياضة والاحتكاك بالعالم الخارجي يكون من نصيب الذكر مما يعطينا في الأخير ذكرا قويا عضليا ورصيده من التجارب يقوي شخصيته على عكس الأنثى باستثناء العصاميات، تصبح موضوع ضعف جسدي ورمزا للخجل والخوف والتردد ...هي الأمور التي يعتبرها المعادون للمساواة من طبيعة الأنثى ومبررا للوصاية عليها. لكن الحقيقة وكما يشهد عليها الواقع من خلال وجود مفكرات ورياضيات متفوقات وزعيمات سياسيات متألقات وقاضيات ورئيسات دول وحكومات... أن التربية على أساس الفكر الأبوي "الذكوري" هي الأصل فيما نلاحظه من فروقات بين الأنثى والذكر إذا ما استثنينا الفارق البيولوجي.
وانطلاقا من هذه الحقائق والأوضاع فمسألة التحرش الجنسي يجب أو تحاصر بكل الأشكال بداية من فضحها والتنديد بها على هدى ما تقوم به حملة -انا أيضا – مي تو MeTOO – العالمية لكشف ومواجهة التحرش الجنسي.
فمن أجل القطع مع التحرش الجنسي أو غيره من المشاكل أو النكبات والمصائب الاجتماعية، لا بد من طلق صرخات تعري المشكل للعلن من مختلف زواياه وحيثياته. وهذا عمل جريء وشجاع وطبيعي. وبالتالي فحركة (مي تو) هي بمثابة ناقوس الخطر لمشكل التحرش الجنسي وآلية ضغط ثقيلة على المسؤولون الذين لم ينتبهوا للأمر أو أنهم تغاضوا الطرف عنه، لكن لوحدها لن تحل المشكل نظرا لما سلف بيانه.
ملاحظة،
لا يجب إهمال نسبة مساهمة بعض "النساء" في انتشار ظاهرة التحرش الجنسي. وهن اللواتي أثمرت فيهن تربية المجتمع الأبوي وثقافته فأصبح همهن هو التفنن في إثارة انتباه الرجل وإغوائه من أجل الحصول على زوج أو عشيق يشكل لهن، حسب ما تربينا عليه، التمويل والحماية خاصة عندما تكون الفتاة قد حرمت من أي تعليم أو تكوين يخول لها الحصول على عمل تحقق من خلاله استقلالها المادي والمعنوي، أو لأنها فوتت على نفسها تلك الفرصة من باب التواكل الذي زرع فيها.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك