|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
محمود رجب فتح الله
!--a>
2018 / 8 / 17
جرائم الابتزاز الالكترونى
حيث يجرى الدخول إلى أحد مواقع “الشات” باسم مستعار، يدعي أنه مواطن خليجي يبحث عن فتاة قصد التعرف مع طرح إمكانية الزواج، تقع بعض الفتيات في الفخ، ويبدأ الشاب بتبادل معلومات عامة، قبل أن تتوطد العلاقة ويبدأ الكلام غير المباح.
وتزال كل الحواجز، ويتطور الأمر من “الشات” إلى الحديث عبر تقنية الكاميرا التي تظهر الصوت والصورة، يستدرج الشاب ضحيته ويطلب منها إظهار بعض مفاتنها عبر كاميرا الحاسوب، بداعي الوقوف على مقوماتها الجسدية.
في الجهة الأخرى يعمد الشاب إلى تصوير الفتاة عبر أجهزة متطورة، وبعد أن يجمع ما تمكن له من صور يكشف عن هويته الحقيقية ويخبر مخاطبته عن هدفه الحقيقي المتمثل في ابتزاز النساء من خلال تهديديهن بالصور الفاضحة.
تجد الفتاة نفسها في وضع حرج وأمام حلين أحلاهما مر، فإما الاستجابة لطلب مبتزها أو الفضيحة، تفضل الأغلبية منهن، خاصة المتزوجات، الاستجابة لطلبات الشاب التي غالبا ما تتمثل في مبالغ مالية، وبعد أن يتأكد من درجة خوف الضحية قد تزداد مطالبه، وتنتقل من الحصول على المال إلى ممارسة الجنس على كل ضحية أثارت فيه هذه الرغبة، لتتحول الفتاة إلى لعبة في يده يفعل فيها ما يشاء وتتحول حياة الضحية إلى جحيم، خاصة بعد أن تكثر طلبات الشخص المتحوز على صورها عارية، فتقرر في لحظة إيقاف هذه المعاناة مهما كلف الأمر، وهو ما وقع مع فتاة أبلغت الشرطة بابتزاز الشاب، ليتم نصب كمين له وإيقافه، قبل أن تكشف قراءه حاسوبه وجود عشرات الضحايا.
والحالات عديدة الحكايات عديدة ولعل أبرزها قضية الفتيات اللواتي رحن ضحية شاب ادعى أنه خليجي، وأنه يبحث عن فتاة للزواج بها، فتمكن من الإيقاع بالعشرات من الفتيات عبر الشبكة العنكبوتية وصورهن عاريات ثم هدد بنشر صورهن إذا لم يستجبن لطلباته.
استغل الشاب تقليده لطريقة حديث المواطنين الخليجيين، وحتى يكمل الدور اقتنى لباسا خاصا بهم، وفي كل ليلة كان يجلس خلف شاشة حاسوبه ويدخل إلى إحدى غرف الدردشة باسم وجنسية مستعارتين، بحثا عن ضحية جديدة.الطريقة سهلة، فقد كان الشاب يتبادل بعض الرسائل القصيرة مع الفتاة المستهدفة، وبعد أن يتعرفا على بعضهما يتحول إلى الحديث معها عبر الصوت والصورة، حينها يظهر الشاب بلباسه الخليجي وتزداد أطماع الفتاة، خاصة بعد أن يوهمهما أنه صاحب مشاريع.لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يطالب الشاب، في محاولة منه للحصول على مبتغاه، أن تكشف له الفتاة جسدها، حتى يتأكد من توفر الشروط المطلوبة في زوجته المقبلة، لا تمانع الفتاة، خاصة أن الأمر عن بعد وقد يعود عليها بالنفع، تظهر صدرها وفخذيها وأحيانا مؤخرتها عارية وفي الوقت نفسه يعمد الشاب إلى تسجيل ذلك والاحتفاظ به لغرض في نفسه.
آخر الحالات سجلت بمدينة الدار البيضاء حينما تقدمت امرأة بشكاية إلى مصالح الأمن تتعلق بتهديد شخص يدعي أنه خليجي لها بنشر صور عارية لها إذا لم تستجب لطلباته، مؤكدة أنها تعرفت عليه عبر الشات وتطورت العلاقة بينهما على أساس زواج قبل أن يتبين لها انه مغربي ويطلب منها مبالغ مالية، لتتحرك عناصر الأمن وهو ما قاد إلى تفكيك عصابة تتكون من شخصين يبتزان النساء تحت التهديد بنشر صورهن الإباحية عبر المواقع الإلكترونية.
وتعتبر الغريزة الجنسية :من أقوى الغرائز والدوافع لدى الإنسان حيث تحمل تأثيرا كبيرا على الصحة النفسية والفكرية والجسدية. وتتجلى هذه الغريزة في مظاهر مختلفة ابتداءً من مرحلة الطفولة وانتهاءً بانقضاء العمر، ويتوقف نشاطها على مجموعة من العوامل العضوية كالهرمونات والعوامل النفسية كالحاجة الماسة لإشباع هذه الرغبة.
ذلكإن كثيرا من أنواع الصراع العقلي والشذوذ النفسي التي نشاهدها اليوم في الكبار والصغار على حد سواء ترجع بصورة مباشرة إلى المواقف والخبرات السيئة في الأمور الجنسية. وليس هناك من قوة في الدنيا وفي الحياة الفعلية بأجمعها أكثر من تلك القوة إلحاحا في سبيل الظهور على أي شكل من الأشكال، كما أنه ليست هناك أية قوة أو غيرها تلقى من عنت الجماعة والفرد والأسرة في التضييق على حريتها وإحاطتها بالقيود قدر ما تلقى الميول الجنسية من عنت وتقييد" ).
ويعرف الانحراف الجنسي بأنه : سلوك جنسي يستهجنه المجتمع أو يعاقب عليه كالاستمناء أو اللواط أو الاستعراء أو الاعتداءات والجرائم الجنسية وما إلى ذلك.
ويتضمن هذا التعريف بطبيعة الحال جميع الانحرافات السلوكية التي تبدو لدى الأسوياء من الناس مع أن بعضها قد لا يعود بالضرر المباشر على المجتمع كالتلذذ من فستان أو صورة أو ما شابه ذلك. كما إنه يُبيِّن أن الانحراف الجنسي عبارة عن اضطراب نسبي يختلف من مجتمع لآخر..
وتشير البحوث والدراسات في هذا المجال إلى أن أسباب الانحرافات الجنسية متشابكة ومتعددة. فلم يتمكن العلماء حتى الآن من تحديد سبب عضوي ذي علاقة بهذه الانحرافات، إلا أنهم من خلال دراسات البيئة والتعلم الشرطي للعادات السيئة تمكنوا نوعا ما من تحديد بعض هذه الأسباب وذلك على النحو التالي:
.الاضطرابات النفسية الناتجة عن أعطاب طبيعية (بيولوجية) كخلل الجهاز العصبي الذاتي أو خلل الجهاز التناسلي أو اختلال إفرازات الغدد والبكور الجنسي أو تأخر البلوغ أو العقم ونقص الخصائص الجنسية الثانوية أو البلوغ الجنسي وما يصاحبه من سوء توافق ونقص في المعلومات والانزعاج والقلق والمخاوف ونقص التربية الجنسية أو انعدامها، والعنوسة أو تأخر الزواج أو الحرمان الجنسي رغم الزواج أو الانفصال.. الخ...الاضطرابات الوراثية، ومثال ذلك تغلب عضو جنسي على آخر.
3.العوامل العضوية كالأمراض المعدية والأمراض العقلية وموانع الاتصال الطبيعي والإصابات والعاهات والتشوهات الخلقية.. الخ.
4.الأسباب النفسية، مثل الصراع بين الدوافع والغرائز، وبين المعايير الخلقية والقيم الاجتماعية، وبين الرغبة الجنسية وموانع الاتصال الجنسي، والإحباط الجنسي ومخاوف الجنس، والنكوص الانفعالي وسوء التكيف، والخبرات السيئة والعادات غير الصحيحة، وعدم الشعور باللذة والسعادة مما يدفع الفرد للجنس كمصدر للحصول على اللذة المفقودة.. وما إلى ذلك.
5.الأسباب البيئية والحضارية والثقافية والمرضية واضطراب التنشئة الاجتماعية في الأسرة والمجتمع والصحبة السيئة وسوء الأحوال الاقتصادية ووفرة المثيرات الجنسية..الخ.
والانحرافات الجنسية متعددة الأشكال والأنواع، فمنها ما هو ظاهر ومعروف على أنه انحراف جنسي لدى العامة ومنها ما ينظر إليه على أنه أمر طبيعي إلى أنه بالمقاييس السلوكية يعتبر انحرافا، ذلك أنه أمر غير طبيعي من جهة، ومن الجهة الأخرى فإنه قابل للتحول إلى أي مظهر من المظاهر الانحرافية العامة. وأشهر أنواع الانحرافات الجنسية هي:
1.الجنسية الفمية: الحصول على اللذة الجنسية من خلال ملامسة الفم للأعضاء التناسلية.
2.الجنسية الشرجية: الحصول على اللذة الجنسية عن طريق الشرج، كما يحدث في عملية الاستجناس بنسبة 20% تقريبا حسب بعض الدراسات بينما يكون في علاقة الرجل بالمرأة بنسبة لا تزيد عن 0.5%.
3.اللذة والولع بالأوساخ: الحصول على اللذة الجنسية من جراء ملامسة أو شم الروائح والإفرازات الجسمية النتنة. وقد تصل درجة هذا السلوك إلى المساواة بالحيوان.
4.التصوير الفاضح: الحصول على اللذة من خلال كتابة الألفاظ البذيئة ذات الطابع الجنسي على الجدران أو الورق أو ما شابه ذلك، وكذلك هو الحال بالنسبة لكتابة القصص الجنسية الفاضحة والشعر والتعبيرات الجنسية والرسم..الخ.
5.السادية الجنسية: الحصول على اللذة الجنسية عن طريق إيقاع الألم والقسوة على الطرف الآخر في العملية الجنسية، وأحيانا يكون ذلك تمهيدا للعملية الجنسية لدى بعض الأفراد. وعادة ما يكون التعذيب جسديا كالضرب أو إسالة الدماء أو تشويه الجسم أو القتل أحيانا. ويكثر هذا الانحراف بين الرجال عنه بين النساء.
6.الماسوشية: وهذه على العكس تماما من السادية حيث يكون الحصول على اللذة الجنسية عن طريق الإحساس بالألم وتعذيب الذات. ويكثر هذا الانحراف بين النساء منه بين الرجال.
7.الاحتكاك الجنسي: الحصول على اللذة بمجرد الاحتكاك مع الطرف الآخر. وهذا الانحراف منتشر بصورة كبيرة بين الشعوب المكبوتة جنسيا كشعوب أمريكا اللاتينية وبعض البلدان الأفريقية. وعادة ما يكون هذا الانحراف بديلا عن الجماع الجنسي.
8.التطلع الجنسي (السيكوبوفيليا): الحصول على اللذة عن طريق مشاهدة عملية الجماع الجنسي بصورة مباشرة أو بالتخفي. وغالبا ما يكون المنحرف بهذا النوع من الانحراف الجنسي أحد المصابين بالضعف الجنسي أو المعانين من أمراض الشيخوخة. وعادة ما يعمل المصابون بهذه الانحرافات بالقوادة.
9.الاستعراض الجنسي: ويقصد به عرض الأعضاء التناسلية لكل من الذكر والأنثى على بعضهما البعض. وينتشر هذا النوع بين الأفراد ذوي القدرة الجنسة الضعيفة، وهو أكثر شيوعا بين الرجال منه بين النساء. وقد تحدث مثل هذه الأمور في الأماكن العامة وأمام الجميع.
10.عشق الذات (النرجسية): وفي هذا النوع يعشق الفرد ملذاته الجنسية وينغمس فيها أو يحب منظره لدرجة أنه قد يغازل نفسه في المرآة، كما قد يعجب المريض بقدراته الجنسية ويعظمها أشد تعظيم.
11.الاستجناس (اللواط، السحاق): ويقصد به الميل الجنسي القوي وحب الاتصال بشخص من نفس الجنس. وقد يكون ذلك متبادلا أو قد يمارسه شخص واحد. ويميل العنصر السلبي في عملية اللواط (المخنث) إلى إظهار أعراض التخنث كالرقة الزائدة في الكلام والليونة المفرطة في الحركات في سن مبكرة فيقلد النساء في اللبس وطريقة الكلام والمشي.. الخ. في حين يظهر العنصر الموجب في عملية السحاق (المسترجلة) تشبهه بالرجال من حيث الدور في العملية الجنسية ومن حيث القوة والخشونة واللبس.
12.جماع الأطفال: وهو استعمال الأطفال والصغار والقصَّر للجماع الجنسي. ويصاحب ذلك بعض الأحيان نوع من السادية حيث لا مانع من ضرب الطفل أو حتى قتله أثناء أو بعد الاعتداء عليه. ويعبر هذا الانحراف عن فقدان الفرد لثقته بقدرته على الجماع وذلك بسبب ضغط العادات والتقاليد وقسوتها ونقص الرقابة الاجتماعية.
13.جماع الشيوخ والمسنين: وهذا الانحراف نادر الحدوث إلى حد ما، وفيه يلتمس المنحرف حنان الأبوة أو الأمومة من الطرف الآخر (المسن).
14.جماع الأموات: وهو جماع السيدات بعد وفاتهن بساعات. وفي بعض الحالات يلجأ المريض لقتل ضحيته ثم مجامعتها بعد التأكد من وفاتها. وهذا الانحراف عبارة عن مزيج من الانحرافات كالسادية والفيتشية والاندفاعية القهرية.
15.البهيمية الجنسية: وهي الحصول على اللذة الجنسية باستخدام الحيوانات.
16.جماع المحرمات: ويهدف هذا النوع إلى الحصول على اللذة الجنسية عن طريق مجامعة المحرمات من النساء دينيا واجتماعيا وخلقيا. وترتكب مثل هذه الانحرافات والجرائم عادة تحت تأثير المسكر. وعادة ما يكون سبب الانحراف هنا هو ضعف التربية الأسرية بحيث يكون الجو الأسري العام خاليا من الحشمة والتمييز بين الجنسين.
17.العادة السرية: وهي استثارة اللذة الجنسية عن طريق لمس الأعضاء التناسلية والعبث فيها باليد أو بأية أداة أخرى. وهذا النوع أكثر انتشارا بين الأطفال والمراهقين من الجنسين. وتكون نتيجة هذا الانحراف هي المعاناة النفسية الشديدة جراء الصراع بين الرغبة في ممارسة هذه العادة وبين الإحساس بالإثم وتأنيب الضمير.
18.الانقلاب الجنسي: وهو الحصول على اللذة الجنسية عن طريق التشبه وأخذ ميزات الجنس الآخر. فالرجل المنحرف يتشبه بالنساء والمرأة المنحرفة تتشبه بالرجال.
19.الفيتشية: وهو التعلق الجنسي بإدى الأدوات التي تخص الجنس الآخر إلى درجة بلوغ النشوة من جراء لمسها أو رؤيتها، وهذا عادة يكون نتيجة للكبت النفسي.
20.البغاء: وهو الاتصال الجنسي في مقابل مادي مع عدة أشخاص بدون وجود عاطفة. وعادة ما يكون ذلك الانحراف وسيلة لكسب المال عند هذه الفئة. ولا يعني ذلك أن هذا النمط محصور في فئة الفقراء والمحتاجين وأنما يشمل أيضا الميسورين ماديا بل وحتى الأثرياء.
علاج الانحرافات الجنسية:
إن مشكلات الانحرافات الجنسية بمختلف أنواعها وأنماطها تعتبر أكبر مصدر من مصادر التهديد لأي مجتمع إنساني بالتفكيك والانحلال حيث أن عواقبها تستمر فترات طويلة وتتناقل تأثيراتها عبر الأجيال. لذا فمن واجبنا التصدي لمثل هذه الآفة ومحاولة علاج ما أفسدته خلال الفترات الماضية. ويمكن تحقيق ذلك عن طريق:
1.العلاج النفسي: وهو التحليل النفسي للمنحرف (المريض) لمحاولة معرفة السبب أو الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ظهور وتشكل هذا السلوك.
2.العلاج الجماعي والمساندة الانفاعالية وتعزيز الشعور بالانتماء للجماعة.
3.الإقناع والتوجيه والإرشاد النفسي.
4.تسهيل إجراءات الزواج الشرعي.
5.تحذير الأفراد من الانحرافات الجنسية تحذيرا مبنيا على أسس علمية لا على مجرد التخويف.
6.تحسين العلاقات الاجتماعية بصفة عامة.
7.التركيز على التربية الدينية والخلقية والجنسية السليمة.
8.العلاج الطبي باستخدام العقاقير الطبية والهرمونات لتقليل الدوافع الجنسية لدى المريض.
9.دفع أفراد المجتمع نحو التحكم في النفس وضبطها مع غيضاح الأضرار العامة وراء الانحراف والشذوذ الجنسي.
أما بالنسبة للأطفال والمراهقين بصورة خاصة،فيجب مراعاة التالي في العملية العلاجية:
1.الاهتمام بالتربية الجنسية في مراحل الطفولة في الحدود الدينية والعلمية.
2.تهدئة المخاوف وتعزيز الإيمان بأن الخطر الذي يهدد صحة الفرد الجسمية والنفسية نتيجة لسوء العلاج أكثر خطرا من السلوك المنحرف نفسه.
3.فهم الفرد ومعرفته والتأكد من الأسباب الحقيقية للانحراف قبل الشروع في العلاج.
4.جمع أدق المعلومات عن كل من يتصل بهم المريض بصلات وثيقة.
5.الفحص الدقيق والشامل للوقوف على أي سبب يثير التهيج.
6.العمل على النظافة التامة.
7.تجنب الإسراف في العناق والتدليل وغير ذلك من الأفعال التي تثير الميول الجنسية.
8.شغل أوقات الفراغ بالأنشطة المجدية.
9.عدم اللجوء إلى التهديد أو العقاب أو إثارة الانفعالات كي يتغلب الفرد على مشكلاته السلوكية.
10.الأخذ في الاعتبار أن معظم الأفراد يمرون بمثل هذه الانحرافات بدرجة أو بأخرى وبصورة أو بأخرى.
ولكن، رغم ذلك، يبقى مبدأ الوقاية خير من العلاج أجدر بالاتباع، لما له من أثر إيجابي في الحد من السلوكيات الشاذة إن لم يكن إلغاؤها. وبصورة عامة يمكننا تلخيص الإجراءات الوقائية في التالي:
1.إنشاء مراكز رعاية الطفولة والأمومة وتزويدها بالمختصين والمدربين للتعامل مع مثل هذه الأعمال.
2.توفير خدمات التوجيه التربوي والإرشاد النفسي ومحاولة تكثيفه على فئة المراهقين والأطفال.
3.الاهتمام برعاية الشباب رعاية مركزة شاملة لجميع الجوانب الحياتية.
4.توفير الرعاية الصحية الأولية اللزمة لجميع الفئات.
5.توفير المسكن الصحي الملائم.
6.توفير الأماكن العامة للترويح عن النفس ومحاولة ضبطها كي لا تعود بعكس الهدف الذي صممت من أجله فتكون أماكن تجمع للمراهقين ونشر السلوكيات المنحرفة.
7.توفير فرص العمل لكل مواطن قادر على العمل، وإعداده وتدريبه وفق ميوله وإمكاناته، ذلك أن البطالة تعتبر من أهم مقومات الانحرافات السلوكية.
8.التشجيع على تكوين الجمعيات الأهلية وتزويدها بالإمكانيات اللازمة.
9.سن القوانين والتشريعات الاجتماعية التي تكفل حقوق كل الأفراد على حد سواء.
10.سن التشريعات الخاصة بشروط العمل بحيث بحيث تقدر العامل وتعمل على إشباع حاجاته النفسية المختلفة كالحاجة للنجاح والتقدير وحرية المناقشة والمبادرة.
11.توفير الضمان الاجتماعي المناسب.
12.صرف المرتبات للعمال بما يتناسب وجهودهم في العمل من جهة، وما يكفل لهم ولأسرهم سد الاحتياجات المادية المختلفة من الجهة الأخرى.
13.إنشاء مؤسسات متخصصة لإصلاح الأحداث وإعادة التكييف وجعلها دور علاج بدلا من دور مصادرة للحريات الشخصية أو ممارسة أنواع التعذيب العقابية المختلفة.
14.توجيه وسائل الإعلام الوجهة السليمة بحيث تخدم المجتمع وتنمي الروح الدينية لدى الأفراد.
15.إنشاء النوادي الرياضية والثقافية والشبابية بغرض شغل أوقات الفراغ بما يمكن من خلاله تفريغ الطاقة الزائدة.
16.تصميم وتنفيذ برامج توجيه للآباء والأمهات للتركيز على كيفية التنشئة الاجتماعية السليمة وتعريفهم بأساليب التربية الصحيحة.
17.محاولة صياغة المناهج الدراسية والتربوية بصورة تتناسب وحاجة المجتمع بدلا من جعلها مقررات جوفاء يتوجب على الطالب حفظها لاجتياز مرحلة معينة.
18.محاولة الحد من المثيرات للغرائز سواء في وسائل الإعلام أو في الشوارع أو الأماكن العامة.
قالت دراسة صادرة عن المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة ، إن المجتمع المصري شهد في السنوات القليلة الماضية تزايدًا ملحوظًا في عدد ما يعلن عنه من جرائم جنسية، مثل: زنا المحارم، والشذوذ الجنسي، والاغتصاب، والتحرش، وتبادل الزوجات وغيرها، وقد سلطت وسائل الإعلام الضوءَ على الكثير من هذه الجرائم التي وإن كان لها وجود قبل الثورة فإنها بدت بشكل صادم وأكثر صراحة وأكثر تداولا وانتشارًا بعد الثورة في ظل الانتشار الواسع لوسائل الإعلام بأشكالها التقليدية والحديثة.
ورغم أن تلك النوعية من الجرائم الجنسية تكتسب في مضمونها بعدا اجتماعيا في الأصل، فإن ثمة حالة من التوظيف السياسي من حيث أماكن ارتكابها، وطبيعة الشخصيات الموجهة لها، بخلاف التوظيف الإعلامي لها في مواجهة بعض الأحداث السياسية.
مؤشرات متصاعدة
مع عدم وجود إحصاءات دقيقة عن الجرائم الجنسية في مصر، فإن بعض المنظمات الحقوقية المصرية والغربية لاحظت اتجاها متصاعدا لهذه الظاهرة ، فعلى سبيل المثال، تشير منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها عام 2014 إلى أن 500 سيدة على الأقل تعرضن لاعتداءات جنسية غوغائية في مصر بين فبراير 2011 ويناير 2014 ، بخلاف تعرض آلاف السيدات للتحرش الجنسي، خاصة خلال التظاهرات السياسية بعد الثورة.
بخلاف التحرش الجنسي الذي يكتسب مدلولا سياسيا، فإن ثمة جرائم الجنسية غير مألوفة في المجتمع المصري خلال العام 2014 ، مثل وقوع أكثر من شبكة لتبادل الزوجات والجنس الجماعي، وظهور متتالٍ وصادم لأربع حالات، مما عرف إعلاميًّا بقضية "العنتيل" التي تردد صداها في وسائل الإعلام لتصف مجموعةً من العلاقات الجنسية المحرمة التي أقامها أحد الأفراد مع مجموعة من النساء، وحرصه على تصويرهن لابتزازهن فيما بعد لتنتشر الفيديوهات المصورة على مواقع الإنترنت.
استغلال سياسي :
غالبًا ما يتم تحليل الجرائم الجنسية استنادًا إلى نظريات علم النفس التي تنظر إلى الجريمة الجنسية بوصفها سلوكًا مرضيًّا، وتركز على الدوافع والسمات الشخصية لمرتكبيها، أو نظريات علم الاجتماع التي تحرص على تحليل السياق الاجتماعي المنتج للجريمة.
لكن الواقع الذي يحياه المجتمع المصري فرض تفسيرات وأبعادًا أخرى للجرائم الجنسية تذهب إلى ما هو أبعد من التحليلات الاجتماعية والنفسية للظاهرة، ليظهر "البعد السياسي" بوصفه بُعدًا لا يمكن إغفاله عند التطرق للانتشار الكبير والتداول واسع النطاق لأخبار الجرائم الجنسية في مصر في الآونة الأخيرة.
فقد اتجهت الجريمة الجنسية في مصر وجهة مختلفة عندما بدا ظهورها متزامنًا مع اضطرابات وأحداث سياسية فاصلة، جعلت من انتشار هذه الجرائم والانشغال الزائد بها ظاهرة غير مألوفة في الوقت الذي أصبح فيه الشأن السياسي هو الشغل الشاغل للمواطن المصري. ولعل أبرز ما يمكن أن تثيره الجرائم الجنسية من توظيف سياسي ما يلي:
أولا: التركيز على متابعة الجرائم الجنسية كنوع من الإحباط السياسي : فغالبًا ما تصاحب الأزمات النفسية أو الصدمات والاضطرابات الانفعالية التي يمر بها الأفراد حالةٌ من الضيق والتوتر والقلق، خاصةً في حال عجزهم عن حل هذه الأزمات أو تفاديها، هنا يتبنى كل فرد استراتيجيته الخاصة في التعامل مع الأزمة، وهذه الطرق التي يتبعها الفرد للخروج من الأزمة والتعامل مع الضغوط يطلق عليها علماء النفس اسم "الحيل الدفاعية"، ويعد الهروب النفسي واحدًا من أهم هذه الحيل، والتي يبادر فيها الفرد إلى الهروب من المشكلة عند شعوره بالعجز عن مواجهتها، إما بشكل مؤقت لحين استجماع قواه أو بشكل دائم.
وغالبًا ما يحاول الأفراد الانشغال بمصادر إشباع بديلة لتجنب مواجهة الأزمة، وقد يكون الانشغال بمتابعة وتداول تفاصيل الجرائم الجنسية واحدًا من هذه المصادر التي يلجأ إليها الأفراد هروبًا مما يتعرضون له من إحباطات سياسية واجتماعية متكررة، فقد شهدت السنوات القليلة الماضية العديد من الإحباطات السياسية التي فرضت على العامة شعورًا بالعجز عن إمكانية تغيير مجرى الأحداث من حولهم، فكان رد فعل الكثير منهم الهروب من الواقع السياسي بالانشغال الزائد بأحداث أخرى كمتابعة ما ينشر في الصحف من محتوى غير سياسي مثل أخبار الحوادث والأخبار الفنية والأبراج وغيرها.
وبالتوازي مع ما سبق، ذهبت الصحف ووسائل الإعلام المختلفة إلى المبالغة في إظهار وتداول هذا المحتوى، وركزت جل اهتمامها على المحتوى المرتبط بالجرائم الجنسية والفضائح الأخلاقية، والتي أدت إلى خلق حالة من "الإلهاء" عن الواقع السياسي بعد انشغال العامة بمتابعة تفاصيلها وتداعياتها.
وقد تم إطلاق مصطلح "الإلهاء السياسي" منذ فترة طويلة، إلا أنه شهد الظهور الأوضح عندما ورد في كتاب نعوم تشومسكي "أسلحة صامتة لحروب هادئة"، والذي تحدث فيه عن "استراتيجية الإلهاء"، التي صنفها على أنها واحدة من عشر استراتيجيات يستخدمها الحكام والنخبة للتحكم في الشعوب، وقد نوه إلى أن الإلهاء عبارة عن أداة أساسية للتحكم وفرض السيطرة على العامة، وهو يقوم على تحويل انتباه الرأي العام بعيدًا عن القضايا والمشكلات السياسية الهامة، والتغييرات التي تقررها النخب السياسية والاقتصادية من خلال وابل من الأخبار التي تتضمن معلومات تافهة، وغالبًا ما تكون وسائل الإعلام هي المنفذ الأكثر فعالية لهذه الاستراتيجية.
ويعلق تشومسكي على استراتيجية الإلهاء في كتابه قائلا: "حافظ على تشتت اهتمامات العامة. أبعدهم عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، واجعل هذه الاهتمامات موجهةً نحو مواضيع ليست ذات أهمية حقيقيّة. اجعل الشعب مُنشغلا، دون أن يكون له أي وقت للتفكير، وحتى يعود للضيعة مع بقيّة الحيوانات".
وعلى ذلك، فإن ما اجتاح المجتمع في الآونة الأخيرة من انشغال زائد بمتابعة الجرائم الجنسية قد ينطوي على شعور بالإحباط الناتج عن الإخفاق في تحقيق تطلعات أفراده، والذي جاء متزامنًا مع أحداث وتغيرات سياسية فاقت قدرتهم على تغييرها، أو التحكم في مسارها، وجاء ذلك متزامنًا مع مبالغة وسائل الإعلام في تضخيم ونشر العديد من هذه الجرائم، وتقديمها للقارئ والمشاهد الهارب من متابعة الأحداث السياسية لإلهائه عن الواقع السياسي الراهن.
ثانيًا- الجرائم الجنسية كأداة للوصمة الاجتماعية:
الوصمة الاجتماعية social stigma هي نظرية ظهرت في ستينيات القرن الماضي، وتتحدث عن إلصاق المجتمع صفةً أو تهمةً سلبية بفرد أو جماعة معينة، مما يؤدي بشكل عام إلى شيوع حالة من الإقصاء والنبذ والاستهجان للفرد أو الجماعة "الموصومة"، وهو ما يترتب عليه تقييد حريتها وحرمانها من بعض حقوقها.
وقد تحدث المتخصصون في مجال علم النفس الاجتماعي عن أنواع الوصمات التي امتدت لتشمل ما يسمى بـ"الوصمة الجنائية" التي تظل عالقة بالتاريخ الاجتماعي لأي فرد مجرم، وتؤدي إلى انفصال كامل بينه وبين المجتمع، وقد يعود إليها في كثير من الأحيان الاستمرار في ارتكاب الجرائم.
وهناك أيضًا "الوصمة الجسمية" التي ترتبط بالتشوهات الجسدية الوراثية أو الناتجة عن حوادث حياتية، و"الوصمة الحسية" التي ترتبط بفقدان حاسة من الحواس، و"الوصمة العقلية" وهي مرتبطة بالأمراض النفسية والقصور العقلي، وهناك أيضًا الوصمة العرقية والوصمة اللغوية وغيرها.
وقد شهدت مصر في السنوات القليلة الماضية أشكالا جديدة للوصم الاجتماعي الذي كان يتم بغرض تحقيق أهداف ومكاسب سياسية، وقد تم توظيف الجرائم الجنسية كأداة رئيسية في محاولات الوصم الاجتماعي في السنوات القليلة الماضية والتي شهدت:
-وصم الأشخاص: من خلال تداول العديد من حوادث التحرش الجنسي الفردي والجماعي التي تقع في المظاهرات والاحتجاجات، والتي تصور أن من يسيرون في هذه المسيرات عبارة عن مجموعة من المنحرفين والمنحلين أخلاقيًّا، وأن الفتيات اللواتي يُبادرن إلى الانضمام لها يوافقن على هذا الانتهاك ضمنيًّا، وهو ما نجحت الكثير من وسائل الإعلام في تصديره للعامة، وشهد تأييدًا كبيرًا منهم بعد عدد من حملات التشويه الإعلامي المنظمة.
-وصم وتدنيس الأماكن: وهنا يبدو ميدان التحرير بمثابة النموذج الأكثر وضوحًا والذي شهد مجموعة من حوادث الاغتصاب والتحرش الجنسي التي كانت تهدف إلى تجريد الميدان من "رمزيته" ليتحول إلى منطقة موبوءة لا يصح الاقتراب منها والتواجد فيها، وهو ما بدا بصورة أكثر وضوحًا في تظاهرات 30 يونيو التي شهدت عددًا من الاعتداءات الجنسية.
- وصم المواقف السياسية: وقد بدا بوضوح في تداعيات ما وقع من حوادث زنا في الفترة الماضية ومحاولات نسبة مرتكبيها لفصائل وتيارات سياسية بعينها، فظهرت العديد من الصور والتسجيلات التي تُظهر أحد مرتكبي جرائم الزنا، وهو يقف في تظاهرات ميدان التحرير وينتمي لأحد الأحزاب الدينية.
لقد سعى البعض إلى استغلال الجرائم الجنسية في تشوية فكرة الثورة ، وهو ما يصعب القول به، نظرًا إلى عدم وجود إحصائيات وأرقام دقيقة وموثّقة في هذا الصدد. ولكن -وبصرف النظر عن زيادة أو نقص عدد الجرائم الجنسية- فلا شك في أن المجتمع المصري قد شهد في الآونة الأخيرة تحولا كبيرًا في طبيعة هذه الجرائم التي ظهرت بصورة أكثر وضوحًا، وبدأت تتخذ بُعدًا سياسيًّا واضحًا جعلها أداة تُستخدم أحيانًا في تغييب الوعي، وأحيانًا أخرى في الحروب السياسية بهدف الوصم والتشويه.
وعلى الرغم من المبالغة الواضحة في إظهار الجرائم الجنسية وتداولها، وكذلك في عدم إثبات صحة معظمها؛ فإنها أثرت بالفعل في الرأي العام، وخلقت جدلا واسعًا امتد ليتجاوز حدود انتهاك القيم الدينية والمعايير الأخلاقية للمجتمع ليصل إلى ربطه بمعطيات الواقع السياسي الراهن.