|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
عايد سعيد السراج
!--a>
2006 / 4 / 25
المرأة الطيبة الودودة الجميلة الفاتنة الساحرة التي نتغنى بها دائماً , ونهيم بها عشقاً ولذة , ونحلم بالنوم على صدرها , والتعطر بعطرها الأنثوي و ونقدسها حبيبة وأماً , وملاكاً نستظل بفيئه , هذه التي تهدهدنا صغاراً , وتمسح دموعنا أطفالاً , وتلقمنا ثديها الذي يمنحنا الأمان والقوة والغذاء إلى أن نكبر ونصبح رجالاً , ونبني أنفسنا وكياننا وتصبح لنا أم ثانية ألا وهي الزوجة , ونبدأ بالتحرر من المرأة الأم , وننسى كّل هذا الحلم الجميل , ويبدأ الشرّ ونوازعه الشريرة , تظهر في تصرفاتنا وتَُـحـوِّل الحلم إلى كابوس , والوفاء إلى انتقام , وننسى كل هذا العالم الدافئ الودود مع المرأة الأم , ونبدأ الحياة مع المرأة الحياة , ونتحول إلى سيف جلاد على رقاب النساء اللواتي نريدهن كما نشتهي , أو كما تشتهي غرائزنا ومصالحنا , وتظهر أنانيتنا وجشعنا و ويبدأ يصغر دور الأم الطيبة الحنونة , وتبدأ القسوة مع عالم النساء , إذ يتفجر لدى الرجل الوعي المملوء بالأخلاق والقيم والشرف والكرامة المهانة , ويظهر هذا الرجل المريض في أعماقنا ليتحول إلى مرشد وناصح ومفكر وقيِّم على الأخلاق , أخلاق المرأة المخجلة العورة التي تخدش كرامة الرجل , هذا الرجل الشرقي المتجبر المتعالي غباءاً وغطرسة وفحولة كاذبة , ربما في عمقها ضياعه في هذا المحيط اللانهائي الذي اسمه المرأة , التي وهو في قمة تجبّره يشعر بمدى صغره أمامها , وضعفه , لأنه لا زال طفلاً رضيعاً في عالمها , كيف لا وهو لا يداري إنكساراته إلا بحضنها , ولا ُيطفؤ غريزته إلا في مائها , حتى لو كان يفرض سطوته على آلاف الرجال وحقق ما حقق من شهرة في عالم المال والآمال , يظل صغيراً ومتضائلاً في عالم المرأة , فهو كلما ازداد شهرة وهيمنة وجبروتاً , َضأ ّلَتْهً المرأة بحكم الحاجة وأذْهبت جبروتهُ وكبرياءه غثاءاً أحوى , ومن هنا تبدأ مأساة الرجل غير المتوازن مع أهم ند, له في هذه الحياة , الند الحقيقي الذي هو أكبر من الجاه والمال , هذا الند الذي يضرب جذوره عميقا ً في أعماق هذا الكائن المشاكس الذي أسمه (( الرجل )) فيبدأ يحَّول المرأة , أو هو يراها على أنها بربع عقل , أو بنصفه , ولا نؤتمن على سره ( وما اختلا اثنان إلا والشيطان ثالثهما ) وهنا ينسى الرجل أنه هو الشيطان في هذه الحالة حتى قبل حضور الشيطان الثالث , الذي اخترعه عقله المريض , وحاجته المُسِّـفة التي لا تستطيع أن تقوم إلا على الإغواء , فالاغتصاب الهًيّنُ , أو الاغتصابُ المعسول , أو الاغتصاب المتماثل , فهو عمل جبان ووضيع لأن جَذْره ُ الاعتداء على الآخر , حتى لو كان الرجل هو المعتدى عليه , لأن هذه الحالة تقوم على نفي , الشريك الحقيقي , حيث تقوم الشراكة التي رأسمالها الحب ّ والجمال والحرية , والنظر إلى الآخر المماثل لك في كل شيء , والذي أنت تحتاجه كما يحتاجك , وتحترم كل مافيه كما يحترم كل ما فيك , هذا في حال التخلص من هذا الإرث الطويل والمعقــّد , من كل هذه الأوهام والحقائق التي مر بها الإنسان , ومن ضمنها الملكية العائلية التي جعلت المرأة , ضمن هذا التشريع , وفقدانها خاصية الأم المتبوعة وليس التابعة , والسنن والنظم التي ابتدعها الرجل لمصلحته , مستندا على العادات والتقاليد والمصالح الاجتماعية والاقتصادية التي أزاحت بشكل تدريجي دور المرأة , عبر التاريخ الطويل , فلا وجود إلا لعالـَـم ٍ منقوص للمرأة , في عالم الطائفة أو العشيرة , أو النظم الاستبدادية , ونظم القهر والتخلف , وأرباب الدين الذين يعتبرون صوتها عورة , فهم ُيجَهّلون المرأة , ويلغون دورها الإنساني إلى درجة أنها تصبح من ضمن هذا النسيج العنكبوتي الذي يحاصرها , بل تصبح هي , أو هم يجعلونها " أس " هذا الظلام الذي تحاصر, به نفسها , إذ يبعدونها عن كل ما هو علم وحضارة , ويصورون لها حريتها عار وفضيحة , وكأنها كائن لاحول ولا قوة له , لولا هذا الرجل الملهم بالقوة والحماية التي يحميها – وممن من أبناء جلدته متناسياً أنهم رجال مثله , فتتحول هذه المرأة إلى عبده طيعة بل نعجة هزيلة في آخر القطيع لا تعرف سوى خدمة زوجها الذي أذلها ويذلها أبداً , كيف لا ألا يكفيها من الشرف أنها الخادمة المطيعة لهذا الرجل الذي بسببه تنعم في الدنيا وُتنْعَمُ في الآخرة , وهو لا بأس أن يتمتع بالحور العين , إذن المرأة في الأنظمة الاستبدادية لا تزداد إلا تخلفاً وجهلاً وعبودية , فعليها أن تعي دورها الذي يحقق لها كرامتها وإنسانيتها في مجتمع حر ديمقراطي تسوده العدالة بين جميع أبناء المجتمع ويكفل لها الدستور حقوقها المتساوية مع الرجل تماماً , لا في المأكل والملبس فقط , بل أن تكون فاعلة في المجتمع وفي الاقتصاد والسياسة , وعالم الفن والأدب , أيْ إنسان حقيقي غير منقوص الحقوق , لأن هذه الحقوق ليست ( منَةً يهبها الرجل حتى لو كان هذا الرجل من أكثر مناصري حقوق المرأة في العالم) , لأن المسألة أبعد من ذلك بكثير المسألة تتعلق بإرث متخلف ومغلوط تراكم عبر آلاف السنين ودعمته قوى شيطانية ومفاهيم ونظم مثّلها الرجل عبر مسيرة طويلة من الزمن , خدمته فيها ظروف موضوعية وذاتية تتعلق بكينونة المرأة , جعلت هذا البؤس المخجل يَحْدُث , ويَتَشَرْعَن, ويصبح قانونا ً يضرب في الأرض عميقاً , وتؤيده السماء , وهنا المسألة الأكثر فضيحة و هو أن هذا التراكم الهائل في الامتداد الزمني الذي يمارسه الرجل على المرأة من سادية (sadism) يقابله رضى واستكانة للمرأة بالمفهوم المازوخي ( masochism) مما يجعل المسألة أكثر تعقيداً على النساء , أيُّ نساء أن يَعِيْنَ ذلك , وأن يَعْمَلْن بكل جهد , من أجل أن يحققن إنسانيتهن , على أن يكون ذلك بالاستفادة من أنظمة ودساتير البلدان الأكثر موضوعية وفهما ً لهذه المسألة , لا المجتمعات الأكثر كذبا ً ونفاقا ً وامتهانا ً لكرامة المرأة , وإداعاءاً لتحررها , على طريقة الذين يضطهدون نساءهم وبناتهم 0 وإنني أعود للتأكد مرة أخرى أن المرأة ظلمت في الأرض بمباركة السماء أو بما أراده الرجل من السماء 0
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك