|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
جلال الاسدي
!--a>
2019 / 7 / 26
ظاهرة النظافة تجاوزتها البشرية منذ عشرات السنين ، و عندما تُحدِّث اجنبي عنها كانك تحدثه بلغة لا يفهمها ، او مسالة انتهت و اصبحت من الماضي ولا تعنيه في شئ . فاصبحت النظافة لا تثير انتباهه فهو يرى كل شئ حوله نظيف بدأً من البيت ، الشارع ، مقر العمل ، و هكذا اصبحت مسألة طبيعية بالنسبة اليه ، لكن الذي يثير انتباهه هو تشويه هذه الصورة الجميلة لبلده ، و رمي شئ في الشارع كقطعة كلنكس او قنينه فارغة او اي شئ اخر من هذا القبيل ، فتراه ينتفض مدافعا اذا شاهد شخصا يفعل ذلك و احيانا امعانا في اهانة هذا الشخص بقصد اعطاءه درس في النظافة ، فيحمل ما ترميه و يضعه في المكان المخصص لذلك . في كل المدن الاوربية تقريبا و خاصة العواصم ، تخرج سيارات البلدية كل مساء بعد العاشرة ليلا لتبدأ غسل المدينة ، فيستيقظ الناس صباحا ليجدوا مدينتهم نظيفة و جميلة . عندما كنا شبابا كنا نسافر الى دول شرق اوربا لانها رخيصة ، و احيانا الى بعض الدول الغربية اذا سمحت الميزانية بذلك . مرة من المرات و في احدى السفرات الى عاصمة جمهورية جيكوسلوڤاكيا ( براغ )، و هي مدينة تراثية جميلة و نظيفة بالطبع ، كنا انا و صديق لي قد خرجنا توا من احدى السفارات للحصول على فيزا ، فحملنا معنا صحف تعود الى ذلك البلد ، وقفنا بانتظار الباص الذاهب الى مركز المدينة ، وكان امامنا موقع عمل لمشروع عمارة او شئ من هذا القبيل و هو مسيَّج ، فيبدو ان صديقي اكتفى من الجريدة فاراد التخلص منها ، فتقدم الى السياج و رمى الصحيفة داخل الموقع و ليس في الشارع ، صادف ان كان شخص ثالث يقف معنا بانتظار الباص ، انزعج الرجل و اخذ يرطن بلغته الچيكية التي لا نفهمها و هو يشير الى المكان و الينا ، استنتجت من مجمل حركاته انه مستاء مما فعله صديقي ، فبادلناه بلغة الجسد اسفنا و اعتذارنا و انتهى الموضوع . تفهمنا حرصه على نظافة مدينته ، طبعا هو عرف من سحنتنا و ربما كلامنا لا ادري بإننا عرب و كما يبدو فأن سمعتنا السيئة فيما يخص النظافة قد سبقتنا ، لان الصورة المرسومة لنا للاسف باننا شعوب لا تهتم لمسألة النظافة او بصريح العبارة وسخة ، و لا ندري من اين كونوا هذا الانطباع ؟ ربما من بعض بلداننا الفقيرة او ربما من تصرف فردي لبعض السياح العرب ، و على العموم فان حكوماتنا ايضا تقع عليها المسؤولية الاكبر لانها فعلا مقصرة في واجباتها في هذا المجال فعندما يأتي الاجنبي الى بلداننا لأي سبب كان ، سياحة ، عمل و يرى ما يرى من اهمال على مستوى الحكومة والشعب بخصوص النظافة سيرسخ انطباع في ذهنه بأن العرب ، كل العرب قذرين و لن يغادره هذا الاحساس بسهولة ، طبعا نرجع و نقول ان ظاهرة التعميم غير صحيحة . و في احدى السفرات الى ( وارسو ) عاصمة بولندا كنا ناكل في احد المطاعم للوجبات السريعة وكان الاكل جيد و نظيف ، فجأة سمعنا شاب ، يبدو من كلامه بانه الماني و الالمان معروف عنهم العجرفة ، نحن من تجربة السفر تعلمنا شئ من هذه اللغة و تلك ، المهم اخذ يرغي و يزبد و قذف الطعام الذي بيده نحو الارض بقوة و دعس عليه بحذاءه بعصبية فانتشر الطعام في ارجاء المطعم و هو يردد كلمة ( شايزه ، شايزه ) و معناها بالانكليزي ( شت ) اما العربي فعليكم ، المهم عندما ادركوا انه الماني ، عادي الابتسامات على وجوههم و ذهبت احدى الفتيات الجميلات و بدأت بتنظيف المكان ، و كأن سلوكه السخيف هذا ، عادي لا غبار عليه ، و لا كانه سلوك تافه غير متحضر المفروض لا يصدر من الماني ينتمي لبلد كالمانيا ، و اذا اردت طعاما افضل ، المطاعم على قفا من يشيل ؟! التفتُ الى صديقي و قلت : لو عربي قد فعل ذلك كيف سيكون رد الفعل ؟ ! المهم رباط الكلام يا اخوة يا كرام فان النظافة و السلوك النظيف اصبحت ظاهره حضارية مهمة جدا تعكس وعي و ثقافة شعب ما و ليس المحافظة عليها فحسب بل نشرها و التشجيع عليها ايضا واجب و طني لكل بلد ، و قومي للزوار العرب للدول الشقيقة ، لان النظافة اصبحت واجهه حضارية لكل امة من الامم على هذا الكوكب . انا لا اعطي دروسا في هذا الموضوع بل انبه نفسي اولا فكلنا في الهوى سوى . لا حظوا معي على المواقع الاسرائيلية مثلا كيف يفاخرون بجمال و نظافة تل ابيب ، و تنسحب هذه الحالة على كل دول العالم المتحضر فالكل يفتخر بجمال و نظافة مدينته و بلده ، و يحافظ عليهما كما يحافظ على نظافة بيته ، و له كامل الحق في ذلك . اما في بلداننا و اخص منها العراق بلدي الحبيب ، تشاهد عادي جدا عند بعض الناس ان يرمي قنينة فارغة او كلينكس او اي شئ يريد التخلص منه و كأن الامر طبيعي . و اذا نبهته الى ذلك ، عينك ما تشوف الا النور !! و المنظف في الشارع يجلس في الظل و لا يعمل و اذا قلت له قم نظف ، حلل رزقك يجيبك و هو يشير الى الفوضى و الازبال في الشارع و كانه يريد ان يقول الامر خرج من يدي ، البعض يتصور ان النظافة مسألة كمالية ، ان توفرها غير ضروري او ليس من الاولويات ، او ان توفرت كان بها وان لا فليس مهم . و في احدى السفرات الى احدى دول الجوار الغير عربية ، دون ذكر الاسماء ، و كنا گروب اشتكت لي المترجمة من ان العراقيين وسخين ، انزعجت طبعا جدا و اعتبرت كلامها بمثابة اهانة شخصية لي فانا اولا و اخيرا عراقي ، فقلت لها ارجو ان لا تعممي ثم ماهو دليلك ، قالت مرة جاء گروب و به دكتور و كررت الكلمة عدة مرات ، و معه عائلته ، و عندما غادروا الفندق اشتكى عمال النظافة لي بأن غرفتهم قذرة و تركوها على هذه الحال و خرجوا ، و انا ذهبت و شاهدت المنظر . قلت لها لاتعممي على العراقيين سوء سلوك هذا الشخص و عائلته ان كان كلامك صحيح فعلا لانه يمسني انا ايضا . فان صح ذلك يا اخوان ، اقول : فعلا التحصيل العلمي و لا حتى الثراء هو الفيصل في الموضوع بقدر التربية النابعة من البيت و هو الاهم اضف لها الوعي الصحي و الثقافي . اخيرا في المانيا الان اخترعوا و سيلة ظريفة للتخلص من ظاهرة رمي القناني الفارغة في الشوارع باختراع جهاز موجود في الاسواق و في كل مكان ، تضع فيه ما تجمعه من قناني فارغة من الشارع او الحدائق او غيرها ، و تضعها فيه و يحسب لك عن كل قنينه مبلغ معين و هكذا انت تستفاد ، خاصة اذا كنت بلا عمل ، و البلد يبقى نظيف و الشركة المصنعة تستفاد باعادت تدوير القناني و انتاج قناني جديدة و هكذا ، ناس تفكر !!
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|