|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
عايدة توما سليمان
!--a>
2020 / 3 / 11
الثامن من آذار هو يوم تسُلط فيه الأضواء، نحاول أن نحدث فيه وقفة مع ذواتنا لنراجع أنفسنا، أين نقف اليوم كنساء مع واقع يتغير ويتجدد بشكل دائم. لا يمكن ان يكون هناك تقدم في مجال حقوق النساء في وضعية يحدث فيها تراجع بشكل عام في العالم للتوجه التقدمي والتوجه الثوري والتوجه السياسي الذي يؤمن بحقوق الانسان بشكل عام بحقوق الفرد وبحقوق الجماعات.
لا سيما عندما نقيّم السياسة في العالم ونرى صعود اليمين في مواقع عديدة، اليمين السياسي واليمين الاقتصادي، لا بُد أن نخمّن ثم أن نفهم المدى الممكن والمحتمل لتراجع حقوق المرأة. عندما يتصاعد اليمين السياسي والديني في بلد مثل الولايات المتحدة يحدث تراجع في قضايا حقوق النساء مثل قضايا سيطرتهن على جسدهن، عندما يكون هناك هجوم واضح ومركز على مجموعات اللاجئين والمهاجرين الذين يأتون الى اوروبا وامريكا لا بُد ان تتضرر المرأة الاوروبية والمهاجرة كذلك. عندما نرى ظواهر اقتصادية تصبح مسيطرة على الاقتصاد في العالم: مثل العمالة الرخيصة، اضطهاد العمال والعاملات، عدم تشغيلهن بشكل مباشر مع ضمانات اجتماعية وانما عن طريق مقاول. لا يمكن الحديث عن وضعية ترتفع فيها مكانة المرأة والمرأة العاملة، في ظل اقتصاد يهيمن عليه هذا التغول الرأسمالي.
بالمقابل لا بد ان نلاحظ ان هناك تراجع في الخطاب النسوي بشكل عام، أصبح التيار المستفحل أكثر هو التيار الليبرالي الذي يتعامل فقط مع حقوق النساء الفردية وحقوقهن الجسدية ولا يتعامل مع مكونات الواقع السياسي-الاقتصادي وتفاعلها مع حقوق المرأة. على سبيل المثال الحملة العملاقة، metoo التي تكشف النقاب عن التحرشات الجنسية، وهي حملات هامة فعلاَ، ولكن لا يرتفع صوت ذات الحركات النسوية لنصرة النساء الموجودات في مواقع نزاع مسلح مثلاً، ترتفع اصوات بين النساء اليهوديات هنا في البلاد تتحدث عن العنف ضد النساء والتحرش ولكن لا تتفاعل مع واقع النساء الغزيات تحت الحصار. هذا التيار الليبرالي هو تيار يدافع عن حقوق للمرأة تتعلق بشكل فردي فيها وهو ليس التيار النسوي الشمولي الذي يربط الخاص بالعام والاقتصادي بالسياسي.
الحركة النسوية العربية، عراقيل وتحدّيات
ما حدث او ما يحدث للحركات النسوية في العالم العربي هو ما يحدث لكل الحركات السياسية التقدمية اليسارية في العالم العربي. هذا المد من التوجه الديني ومن المد الامبريالي الذي تدخل في مسيرات الشعوب في السنوات الاخيرة في منطقة الشرق الاوسط وحرفها باتجاهات ارهابية وتكفيرية أغرقت المنطقة بشلال الدم واخرست اصواتا كانت تطالب بالحرية وبالمساواة وبالعدالة الاجتماعية.
أصبحت اجندة النساء مثقلة بهموم اضافية، عندما يتدخل مثلاً التطرف الديني في الحياة السياسية تضاف عقبات جديدة أمام الحركة النسوية والتي تستوجبها التطرق إليها لتقديم علاج، عندما يحدث تراجع في المنظومة القانونية لدولة معينة بتأثير من تيارات دينية واصولية او بتأثير تيارات يمينية من حيث اقتصاد ذي ميول ليبرالية، يصبح على الحركات النسوية ان تعيد ترتيب اجندتها وهذا ما يحدث الآن في العالم العربي. المرأة السورية التي كانت تناضل من اجل التمثيل السياسي عادت اليوم الى مربع إعادة بناء الدولة، مربع إعادة بناء العائلة التي تشردت والتي تحولت الى عائلة لاجئين، عادت هي الى مربع محاولة تحقيق الذات، في وقت كانت فيه اكاديمية او تدرس في الجامعة او تكتب او تعمل كصحفية. اليوم هي تبحث عن مصدر رزق في دولة اوربية هاجرت اليها.
يمكن النظر ايضاً الى واقع المرأة اليمنية، هل نتوقع من المرأة في الحرب التي تجري على اليمن وتجويع شعبها ان تضع كل هذه الكوارث جانباً والاهتمام فقط في قضايا حرياتها الشخصية! لذا اعتقد ان المرأة العربية تعي جيداً بانه لا يمكن تطوير حقوقها الفردية داخل مناخ يهدم كل حقوق الانسان وحقوق الشعوب بحياة كريمة، بالتالي هي تعرف، كما عرفنا نحن الفلسطينيات، بأن معركتنا الوطنية هي معركة لا بد منها ولا يمكن التخلي عنها تحت شعار "الاهتمام فقط بقضايا المرأة"، لأنه لن تحقق المرأة اي شيء طالما الحاضنة هي حاضنة يمينية او حاضنة فيها حروب او حاضنة تنتهك حقوق الانسان الاساسية.
النضال النسوي الفلسطيني تحت بوتقة الاحتلال
عندما يحدث تراجع في النضال الشعبي بشكل عام لا بد ان يحدث تراجع في وجود المرأة في النضال، لكن هناك نقاط ضوء واضحة، لدى الفلسطينية عمومًا والتي ترى من واجبها ان تكون في الخندق الاول في الدفاع عن قضيتها الوطنية الى جانب الاسيرات الفلسطينيات الموجودات في سجون الاحتلال. ولكن ايضًا الفلسطينيات الموجودات على الارض، من ناحية هن شريكات في النضال العام الذي حدث عليه تراجع معين لكن هن يأخذن قسطاً من هذا النضال ويتواجدن في مواقع مختلفة بل ويكملن مسيرة محاولة بناء مجتمع فلسطيني مختلف، مجتمع فلسطيني يعطي المرأة كرامتها ويضمن حقها في المساواة. ولكن في هذه الحالة لا يمكن الا الاشارة بانه عندما يكون الشعب كله يعيش تحت الاحتلال او يعيش الحصار في غزة، فإن معركة النساء صعبة، النساء الغزيات اليوم معركتهن أصعب بكثير فهن يناضلن من أجل الأمور الاساسية؛ ان تتوفر كهرباء لتدفئ العائلة، أن يكون هناك علاج الطفل او لها نفسها، حالات الفقر المنتشرة بسبب تضييق الخناق على غزة وغيرها من التحديات على الصعيد اليومي. المرأة الفلسطينية موجودة في كل شرايين الحياة الفلسطينية ولكن عندما يفرض واقع احتلال وواقع تراجع في المد الوطني والمد اليساري لا بد أن يحدث تراجع في الحركة النسوية بطبيعة الحال.
قُتلت لأنّها امرأة ولا تفويض آخر
أمّا في جرائم القتل ذات الإطار المجتمعي العام الّذي يدعو إلى تثبيت "شرف العائلة" على سلّم الجريمة لاعطائه مسوغات أكثر لبقة ومبررة وبدون حساب، فيجب نبذ حتى استعمال المصطلح جرائم على خلفية ما يسمى "شرف العائلة"، هذه المصطلحات وضعها مجتمع يريد أن يستعمل ضوابط وميكنزمات قمع تجاه النساء ويجملها بتسميات ومسميات لا تمت للحقيقة بصلة.
المرأة تقتل لكونها امرأة، تُقتل لكونها امرأة اختارت أن تقرر لذاتها مسارًا مختلفًا عما قرره الرجال في العائلة. قد تكون الاسباب عديدة لكن السبب الحقيقي والخلفية الرائجة الّتي يمكن ايعاز الجريمة إليها وتأطيرها في مسارها الصحيح هي رغبة الرجل الجامحة في السيطرة على حياة المرأة. وفي اللحظة التي ترفض هذه السيطرة يشعر أن لديه حق إما أن يمارس العنف أو أن يمارس نوعًا آخر من القمع الّذي قد ينتهي مآله بالقتل. ولهذا فإنّ جرائم القتل هذه تعود بالأساس على خلفية النوع الاجتماعي مثل ما يحدث في العالم كله ويجب الحذر من تجميلها بمسميات شرف العائلة وغيره.
العنف ضد المرأة العربيّة في إسرائيل لا يحمل خصوصية ثقافية، قبل 10-15 سنة كانوا ينعتون قتل النساء في المجتمع الاسرائيلي، قتلا على خلفية "رومانسية"، وفي الانجليزية كان يسمى قتلًا على "خلفية الشغف" passion crime، في كل الشعوب حاولوا تسمية ميكانزيم القمع الوحشي بأسماء جميلة، مرة بالرومانسية ومرة بالشرف ومرة بالشغف.
في النهاية النساء يُقتلن لكونهن نساء، تُقتل المرأة لأنها رفضت حالة السيطرة هذه من رجال حولها. الفرق الوحيد انه في المجتمعات العصرية انتماء المرأة هو لعائلتها المصغرة، هي وزوجها. في المجتمعات الأقل عصرية، أي المحافظة، مثل المجتمع العربي، انتماء المرأة هو لعائلتها الاصلية، لذلك نرى أن من يقوم بالقتل أو "بعملية الضبط" هم الأب او الأخ، بينما في المجتمعات العصرية هو الزوج.
قبل عشر سنوات تكاد لا تجد حالات قتل، فيها تُقتل المرأة العربية من قبل زوجها وانما على الأغلب من عائلتها الاصلية، هذا الامر تحول مؤخرًاً وازداد عدد حالات القتل التي ينفذها الازواج. وطبعاً دخل عامل يزيد من خطورة الموضوع وهو انتشار الجريمة والسلاح في المجتمع العربي مما يُسهل عملية القتل. إحدى الامور التي لاحظتها في الخمس سنوات الاخيرة هو دخول عالم الاجرام على تنفيذ حالات قتل النساء. أي لم يعد الزوج "مضطرا" لأن ينفذ الجريمة بنفسه ويتلقى العقاب، وانما أصبح من السهل الاستعانة بقتلة مأجورين ينفذون عملية القتل وتختفي الادلة والاثار من بعدهم. وهكذا يبقى حرا طليقا ولا يدفع الثمن. وخصوصا اننا نعرف ان الشرطة الاسرائيلية لا تولي الأمر المجهود الكافي للكشف عن الجرائم. 60 بالمائة من جرائم قتل النساء العربيات لا يقدم فيها لوائح إتهام ولا تكشف هوية القاتل، بينما مائة بالمائة من حوادث قتل النساء اليهوديات يتم إلقاء القبض على القاتل وتقدم لوائح إتهام ويُحاكم.
يدور الحديث هنا عن 60 بالمائة من القتلة أحرار طلقاء، أي يعيشون بيننا. 70 بالمائة من محاولات القتل لا يتم القاء القبض على الفاعل او تقديم لوائح اتهام، أي أن 70 بالمائة من النساء اللواتي تعرضن لمحاولات قتل لا زلن يعشن في خطر لأن من حاول قتلهن لا زال حراً طليقاً، يعشن هذا الخطر وهذا التهديد بشكل يومي.
في وضعية النساء العربيات أعتقد أن العوامل التي تزيد من حالات العنف وحالات القتل في غالبيتها ليست متعلقة بالثقافة العربية بحد عينها، هي تُقتل على خلفية ثقافية نعم، ولكن هي ثقافة الذكورة، ثقافة المجتمع الذكوري وهي ثقافة سائدة في كل مجتمعات العالم، ولكن عدم قيام الشرطة بواجبها وضعف المؤسسات التي تحمي وتدعم النساء المعنفات وضعف حملات التوعية في هذا المجال داخل مجتمعنا وبالإضافة الى دخول الجريمة والسلاح هذا كله يؤدي الى ازدياد حالات القتل بهذا الشكل.
دور الأحزاب وتوجيه أصابع الاتهام بلا هوادة
قطعت الأحزاب شوطًا كبيرًا، اتحدث كناشطة نسوية وكناشطة حزبية. عندما بدأنا نشاطنا كحركات نسوية ضد قتل النساء في العام 92 كان تقريبًا هناك صمت مطبق حول الموضوع وكان الكثير من السياسيين يحاولون تجنب القول الفصل في هذا الموضوع. وانا أعتز بأن اول حزب عملياً أخذ موقفا جريئا في هذا المجال وشارك في النشاطات ضد قتل النساء كان الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي.
وصلنا اليوم إلى وضعية فيها جميع الاحزاب تصرح بما هو منطقي التصريح به حول قضايا قتل النساء، أي تستنكر القتل وتشجبه وما الى ذلك. ولكن انا أعتقد انه في المرحلة القادمة يجب أن تعي الاحزاب، بما في ذلك الجبهة، بأن عملية القتل تبدأ قبل ذلك بكثير، عندما نشرع ميكانيزمات السيطرة على حياة النساء، عندما يقبل المجتمع التعامل بشكل طبيعي مع الرجال العنيفين والقامعين، عندما نقبل بأن يكون هناك شخصيات بارزة في مجتمعنا تتبوأ مناصب شعبية ويتم التعامل معها بشكل طبيعي ونحن نعلم أنها شخصيات عنيفة، متواطئة مع غرائزها وخطيرة. لأن القتل لا يأتي من حيث لا مكان، هذا القتل الذي نعاينه يتطور بعد عمليات عنف مستمرة، بالتالي تقع علينا مسؤولية البدء بالموقف قبل بلوغ قضية القتل بكثير، يجب أن تكون لدينا الجرأة بأن نتخذ مواقف اجتماعية واضحة وصريحة من الأشخاص العنيفين وأن نكون قادرين على مناصرة المرأة المعنفة دون أن نسأل لماذا عنفت!
في سياق النسوية الإسرائيلية الضبابية ورئاسة لجنة مكانة المرأة
من الغريب ان اعيش كل حياتي أناضل من أجل نسوية خاصة مختلفة عما هو سائد وقائم بمفهوم النسويات الاسرائيليات بشكل عام. كانت هناك سنوات كنت أشعر بتقارب فكري ونضالي مع الكثير من النسويات الاسرائيليات، هذا كان في سنوات التسعينيات عندما كان هناك تيارات نسوية إسرائيلية مستعدة أن تكون رأس الحربة في النضال ضد الاحتلال والنضال ضد العنصرية ومن أجل حياة كريمة لكلا الشعبين. وكان عند هؤلاء النسويات القدرة والوعي بأن ينظرن الى المرأة العربية الفلسطينية مثلي كامرأة متساوية تماماً، يسمعن منها عن قضاياها ولا يتعاملن بالأفكار المسبقة والمقولبة عن مجتمعنا العربي.
وشاءت الصدف أن أعيش بهذه الطريقة وأن أصل الى الكنيست لأكون رئيسة لجنة مكانة المرأة في زمن حدث فيه تراجع فظيع في المقولة الواضحة للتيارات النسوية في اسرائيل مما يحدث من هيمنة يمينية فاشية داخل البلاد. من السهل لكثير ممن يعرّفن أنفسهن كنسويات اسرائيليات أن يتحدثن عن حقوق المرأة في العمل وحقوق المرأة في الحياة دون تحرش، لكن في ذات الوقت يرين أنفسهن كجزء من المنظومة القامعة التي هي جيش الاحتلال، ويتكلمن حتى عن حقوق المرأة في جيش الاحتلال.
وانا في ذات الوقت رئيسة لجنة مكانة المرأة وهو أكثر منصب رسمي للنساء في إسرائيل. وهذا وضعني امام تحد كبير، هل انا قادرة كشيوعية كنسوية كيسارية وكفلسطينية في هذه البلاد في زمن اليمين الفاشي أن أشكل نموذجا مختلفا لعمل لجنة برلمانية في الكنيست الاسرائيلي.
هذا كان يجب أن ينعكس في المواضيع التي تتناولها هذه اللجنة وتسلط عليها الضوء خاصة أنه كانت هناك مقاطعة واضحة من الائتلاف الحكومي وحجب لكل امكانية التشريع عن هذه اللجنة في أول ثلاثة سنوات، وكان يجب علي أن أحارب لكي احصل امكانية أن تحول لي قوانين للجنة وان اشرعها واحضر لها. بقي في يدي سلاحان هامان في العمل البرلماني: طرح القضايا بشكل مختلف وإستغلال هذا المنبر-لجنة مكانة المرأة- لقلب الأجندة النسوية السائدة ووضع أجندة مختلفة على بساط البحث فيها تحدي لكل ما هو مقبول وسائد، ومن ناحية أخرى ممارسة الرقابة على مؤسسات الدولة في تعاملها في قضايا النساء. هاتان الأداتان البرلمانيتان نجحت في استعمالهما، أولاً: فتح اللجنة أمام أكثر الفئات تهميشاً في إسرائيل، هذه اللجنة التي كانت تعنى بعدد الأكاديميات في الجامعات وعدد النساء مديرات البنوك، عملياً بالنخبة، وليس فقط النخبة الاقتصادية وايضاً النخبة القومية، لأنه عملياً من هن في هذه المناصب هن يهوديات ومن اصول اوروبية، بينما بقيت النساء الشرقيات والنساء المتدينات اليهوديات خارج المعادلة وبقيت المرأة الفلسطينية بهمومها خارج المعادلة. نجحت في أن أقوم بنقاشات داخل الكنيست حول النساء الفلسطينيات اللواتي حرمن من لم الشمل والمواطنة ويعشن في صراع بين تواجدهن مع عائلتهن ومخالفتهن للقانون، حول تأثير هدم البيوت على النساء والأطفال، عن حياة المرأة العربية في النقب في القرى غير المعترف فيها وعن عملية الاضطهاد اليومية التي تعاني منها تحت وطأة سلطات الدولة. وفي المقابل عن زيف ادعاء الحكومة الاسرائيلية اليمينية بأنها حكومة منصفة للنساء، وأكبر مثال هو الكشف الذي قمت حول قضية الخطة لمعالجة العنف ضد النساء وحقيقة أن الحكومة لم ترصد لها الاموال مما فجر الغضب في الشارع وكان الاضراب الاول للنساء في إسرائيل بعدما كشفنا عن ذلك.
في إسرائيل لا يمكن الجزم بوجود حركة نسوية صميمية حقيقية غير منحازة، تضع قضية المرأة في نصابها الصحيح والطبيعي وتربطها دون لبرلة بالسياق العام! هناك مجموعات تناضل حول قضايا محددة من حقوق النساء ولكن لا تحمل الفكر النسوي الشمولي الذي يربط بين الاحتلال، التمييز العنصري ومكانة المرأة وحقوقها الفردية وحقوقها الجسدية.
اليوم بالذات وبعد تحقيق انجاز برلماني وفرض ثقل سياسي فاعل كقوة ثالثة، جدير بي أن أخص بالذكر دور النساء اللواتي خرجن الى الحيز العام ليقلن كلمتهن ويفرضن ما لا يمكن تجاهله، هذا الدور المركزي الذي ادته الالاف من النساء اللواتي نشطن وأحيانا للمرة الاولى في حياتهن في الانتخابات الأخيرة والذي أعتز به، يؤكد ويثبت حتمًا أن المرأة قادرة على خوض جميع المعارك بما فيها السياسيّة والّتي تعنى بتحويل الحضور النسائي لقوة سياسية قادرة على احداث تغيير في المجتمع. فتحيّة لكلّ النساء اللواتي انطلقن من الجليل وحتّى النقب للمشاركة بهذه المعركة الوجودية بوعي وقناعة تامة بأننا قادرات أن نكون جزءًا هامًّا من سياق النضال المجتمعي الى جانب الرجال كذلك في ظل التحديات المطروحة أمامنا.
هذه الطفرة في اقتحام جمهور النساء للحيز العام والمشاركة الفاعلة هي تعزيز واضح للشراكة التي جدلتها مجموعات النساء في النضالات العامة ويجب ان تعمق بحيث تصبح هي الصيغة الاساس في نضال النساء.
هذه الحالة كانت اثبات باننا نحن النساء نربط بين النضالات العامة لجماهيرنا العربية وشعبنا الفلسطيني وبين النضال من اجل التحرر والمساواة والعدالة الاجتماعية.
ومع وجودي وثلاث نساء أخريات عربيّات داخل أروقة الكنيست لنخض معًا نضالًا حقيقيًّا من أجل مجتمعنا عمومًا ومن أجل المرأة بشكل خاصّ، قد يستنهضنا ذلك وبقوة لدفع المرأة العربية لنضال آخر لا ترف فيه ولا انتقائية ولا ذبذبة، النضال الذي يستحيل التغاضي عنه اليوم بتاتًا، والذي سيتّجه عمليًا شيئًا فشيئًا نحو بلورة رباط واضح من أجل التحرّر من عبوديتين فاحشتين على دكّتين ممتزجتين، عبودية الرجل الذكوري والذي يشتركن به للأسف مع كلّ المجتمعات كما أسلفت سابقًا، وعبودية أخرى ممنهجة تطلق يد العنف والنمطية والانغلاق تحت مظلّة الاحتلال وسياساته والّتي رأينا أثرها مؤخرًا في حملة التحريض الذي تثعلب به المأزوم والعنصري نتنياهو، الذي يستخف بعقول أبناء شعبنا من أجل اصطياد أصواتهم ليحمّلني على أثره مسؤولية مقتل 45 امرأة منذ تبوئي منصب رئاسة لجنة مكانة المرأة مبطلًا كعادته مسؤوليته الأساسية والمطلقة هو وحكومته عن هدر دم النساء العربيات واليهوديات منذ منعه وأعوانه إقامة لجنة التحقيق في قتل النساء، والمماطلة في رصد الميزانيات لخطة القضاء على العنف ضد النساء، عدا عن منع سن قوانين تعمل في جوهرها بالأساس لحماية المرأة، هذه التحديات جميعها رغم حدّتها وقسوتها، لن تمنع المرأة من فرض دورها السياسي، الاجتماعي والاقتصادي، وفهم عراكها ونضالها ضمن المنظومة المقولبة والموجهة ضدّها بشكل سياسي جليّ، وليس بعد فوران البركان الا وعدًا بالانفجار.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|