|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
فاطمة قباني
!--a>
2020 / 7 / 21
قال لي والدي: "يجب علينا قتله" ، وبدلا من ذلك ، أمرني بالسكوت على امتهان شرفي وتعرضي لتحرشات جنسية مختلفة قبل والد زوجي ، في بدء الأمر كان التحرش لفظيا، فكنت أتغاضى عنه حتى بدأ بارسال مقاطع إباحية على هاتفي؛ فوبخته وغضبت جداً ولكنني لم أجرؤ على إخبار زوجي ، بعدها تطور الأمر إلى لمس مناطق حساسة من جسدي أثناء خلو المنزل، فكنت أهرب منه إلى العمل مبكرة، ولكنه استمر حتى حاول اغتصابي، فأخبرت زوجي وحماتي، فقالوا انهم سوف يهتمون بالموضوع وأمروني بالسكوت لأنهم “ لا يريدون الفضائح
توقعت أن الأمر سيتوقف حينها عند ذلك الحد، ولكنه استمر وتمادى حتى طفح الكيل، فاضطررت للعودة إلى بيت أهلي "عائلتي" وشكوت لوالدي، ولكن الخذلان كان الرد الذي وصلني..
قال والدي إنها جريمة شرف ويجب علينا قتله! ولكنه أمرني بالصمت أيضا و لا اذهب واشتكي أمام القانون فقال "تريدني تفضحيني وتطيحين راسنا".
ما سبق ليس إلا مثالا لما يدور في المجتمع العراقي، المجتمع الذي طغى عليه مؤخرا الجهل وحل محل التمدن والإنفتاح، في بلد عرفت أول قانون في العالم، وفي بلد كانت حضارته دوما تحترم المرأة وترى فيها مصدر الحياة.. فما الذي يحدث في العراق، وكيف تقبع العراقيات تحت كل هذا الكم من التطاول على شرفها وكرامتها وإنسانيتها.
الأمر ليس حالات فردية، ولا يتعلق بمنطقة محددة أو فئة معينة من فئات المجتمع العراقي، ولكنه متجذر في مختلف النواحي التي يقوم عليها المجتمع، بدءا من القانون الفيدرالي العراقي الذي تنص كثير من مواده صراحة على امتهان المرأة ومعاملتها كسلعة أو إنسان من درجة ثانية أو حتى درجة خامسة.
أول مهازل القانون العراقي تكمن في مخالفته الدستور، الذي ينص على سواسية المواطنين أمام العقاب والجزاء، فعلى سبيل المثال، تتسامح المادة 409 مع مرتكبي جرائم الشرف، وتتساهل جدا في تحديدها، فالزوج الذي يقتل زوجته بسبب الخيانة الجسدية، لا تزيد عقوبته بنص القانون عن ثلاث سنوات حبس مخفف، بينما المرأة تصل عقوبتها عن نفس الجريمة إلى السجن المؤبد.
ومن المضحك المبكي أن القانون يكافئ المغتصب ويشجعه على الزواج من الضحية، فبدل أن تحكم المادة 298 على المغتصب بالإعدام شنقا بالرصاص، تنص على إعفاء المغتصب من العقوبة حال زواجه بالضحية. وليس المغتصب وحده يتمتع بهذه العاهة القانونية، بل الخاطف أيضا يعفى من عقوبة الخطف والاحتجاز حال زواجه من الضحية.. قانون يحمي المجرمين ويقدم لهم عروضا خاصة وتخفيضات!
القانون العراقي لا يقدم عقوبات رادعة تمنع من تفشي حالات التحرش والإغتصاب، والمجتمع يسانده، فبين تزويج الفتيات القاصرات لأغراض المتعة الجنسية، تحت مسمع ومرأى من أعين القانون الغافلة، وبمباركة رجال العمائم المنتفعة، هناك طفلة تغتصب او يتم ختانها! وأخرى تعنف بالضرب و الإهانة و أخرى تحرق بدم بارد!
بينما يحمل البيت معاني الأمان وتكون الأسرة هي السند الذي نلجأ إليه، يختلف الأمر في حالة زينب
فمنذ نعومة أظافرها تعرضت لتعنيف جسدي من قبل أهلها، فقط لأنها فتاة في مجتمع يقدس الذكورة، قداسة تسمح حتى في حالات متطرفة إلى التغاضي عن اغتصابها من قبل أخوها!!!.
تقول زينب إن أهلها يعرفون بالأمر ولم يعترض منهم أحد.. فالذكر - الولد - مقدس، يفعل ما يشاء وقتما شاء.
ولعل هذا يكون نموذجا متطرفا سببه الجهل أو الرجعية إلى الجاهلية الأولى، حينما كانت المرأة تباع وتورث، وكان زنى المحارم منتشرا نوعا ما، ولكن التحرش في العراق تجاوز الحدود واقتحم أسوار الحرم الجامعي..
سارة طالبة في كلية التربية قسم اللغة العربية، شغوفة وطموحة، ولكن طموحاتها الأدبية تحطمت بسبب قلة أدب أستاذها، فبينما هي تقرأ عليه قصيدة كتبتها عن الأحداث السياسية في العراق بغرض أن يسمح لها بالمشاركة في مهرجان الجامعة الأدبي.. كان أستاذها يحدق إلى نهديها، ولم يكتف بالتحديق، ولكنه تجاوز كل الحدود والأعراف عندما أخبرها أن ثدياها كبيران فما كان منها إلى الهروب مباشرة..
. صمتت سارة، ولم تجرؤ على إخبار أحد، حتى أهلها.. فمجتمعنا يضع اللوم على المرأة
مثل سارة كثيرات يصمتن طوعا أو كرها، سواء عن التحرش اللفظي أو الجسدي، بل إن منهن من يصمتن عن حالات الإغتصاب، لأن كثير من الأهالي يأمرن فتياتهن بالسكوت عن حالات الاغتصاب والتحرش بحجة إن هذا مخالف للعادات وشرف المرأة مهمتها الفردية، ويأمرهن بالسكوت لحفظ ماء وجههم بين الناس و كي لا يقال عنهم "هذا أبو فلان ابنته اغتصبت أو تحرش بها
"
في العراق.. عادت الرجعية بقوة، فمع الفساد الإداري في المؤسسات القانونية، واعتبار العاملين في المؤسسات القانونية فوق القانون، والعاملين في المؤسسات الدينية فوق الجميع، تبقى المرأة ممتهنة، بين زواج القاصرات، وختان الفتيات، وحالات التحرش المتعددة، ونفاد المجرم من العقوبة مهما كانت الجريمة، خاصة إذا كان ذا رتبة عسكرية ترفعه فوق القانون..
يبقى اللوم الأكبر على الأهالي، فهم السبب الأكبر فيما يحصل لبناتهم اذ كانت متزوجة او لا سيما انهم لا يقفون لمساندتها، ويبقى جزء من اللوم على المجتمع، المجتمع الذي يرضى بتفشي هكذا ظواهر فيه ويرفض الحديث عنها.
وكذلك على وسائل الاعلام للمساهمة بالتوعية و مساهمة المنظمات المعنية بحقوق الانسان والمرأة مطالبة بحقوق وتفعيل وتغيير القوانين الظالمة والمطالبة بقانون الحماية من العنف الاسري الذي لحد الان يراوح في مكانه في مجلس النواب بسبب معارضة بعض الاحزاب.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|