|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
أشرف توفيق
!--a>
2023 / 12 / 17
بعد أكثر من عشرين عاما وفى الشرق الاوسط السعودية اعترف أنيس بالواقعة واثارت مقالة انيس منصور جدلا واسعا وتساؤلات عن اسم الكاتبة الكبيرة التي قال منصور انه مع يوسف السباعي واحسان عبد القدوس زوروا رواية باسمها كانت سببا في شهرتها وكتبت عنها الصحف العربية..ولذا عاتب ابراهيم عيسى الثلاثة الكبار الذين تورطوا في كذبة كبيرة لا يشرح لنا مبرراتها أنيس منصور إلا أنها ربما نزوة أو غواية أو إغراء غامض.غلطة لم يعترفوا بها أو يشيروا إليها..
ومضى الزمن الطويل غطاء وسترا وترابا انهال على هذه الواقعة القديمة.كانوا في بيروت. وأمام حمام السباحة في فندق فينقيا والدنيا صيف والبنات الجميلات يرحن ويجئن. وبعضهن كن يلتفتن إلى إحسان عبد القدوس والى يوسف السباعي وجلست أكثر من واحدة.وكان كلام..وكان إحياء لعلاقات قديمة..ثم جاءت واحدة ونظرت وابتسمت وجلست وطال جلوسها ولقاؤها يوما بعد يوم. وصارت صديقة للثلاثة.وكذلك زوجها السياسي الكبير وجاءت إلى القاهرة وظل الود القديم متجددا،وامتلأت المسافات بين الثلاثة بجميلات من لبنان ودمشق.ولكن بقيت هي..وليكن اسمها «ع» والمفارقة أن «ع» كانت تلح عليهم بكتابات لها وتفرض نفسها عليهم ككاتبة قصة وقفزت من حولهم فكرة. وقالوا: ولم لا! أما الفكرة فهى كتابة رواية واهدائها ل"ع". يوسف السباعي يبدأ بكتابة ثلثها الأول وإحسان يكتب الثاني ويكملها أنيس منصور واقترح إحسان أن يجرى فيها أنيس قلمه ويلعب بالعبارات والمعاني. حتى تبد محرره بمعرفة أنثى؟! وبالطبع لم يكتبوا عليها اسمائهم وإنما كتبوا اسم «ع» أهدوها لصديقتهم الجميلة.
وقبلتها سعيدة شاكرة..وأقامت حفلة بهذه المناسبة وكان زوجها أكثر سعادة فلم يكن يعرف أن زوجته أديبة بهذه القوة والجمال وظهرت الرواية في لغات مختلفة فسطوة زوجها الدبلوماسية سهلت ذلك وبسبب هذه الرواية اصبحت أديبة مرموقة وهي منذ الآن يمكن أن تجلس وأن تضع رجلا على رجل إلى جانب أي كاتبة أوروبية معاصرة! وعاد انيس منصور بعد شهرة "ع" وكأن الامر يؤرقه. كتب مرة أخرى عن الموضوع فى كتابة "معنى الكلام" تحت عنوان «الثلاثة يحبونها ويلغون أنفسهم!» فمن هذه التى احبوها ؟!
المكان فندق فينيقيا في بيروت. الزمان سنوات الخمسينيات .الشخصيات: يوسف السباعي، إحسان عبد القدوس، وأنيس منصور. الحدث: الكتاب الثلاثة يقررون الانتحار الجماعي. والذي حدث أن الكتاب الثلاثة قاموا بزيارة إلى بيروت وكانوا يجلسون حول الحمام في الفندق، واتخذوا قرارًا جماعيًا بالانتحار معًا، ولكل أسبابه.أما يوسف السباعي فقد بنى قراره على اعتقاده بأن السعادة المطلقة مستحيلة، وإنما قدر قليل من السعادة والراحة والمال والعدل،صحيح أن الملح ضروي للطعام، لكن الملح نفسه في نظره ليس طعامًا، والسكر ضروي للطعام ولكن السكر وحده ليس طعامًا، وكذلك المرض والظلم من أعراض الحياة، ولكنّ هناك أناسًا أصحاء، ثم إن الصحة بعد المرض تجعل الإنسان أكثر تقديرًا للصحة، ولكن المشكلة التي تواجه الإنسان أنه متطرف بطبعه؛ فهو يأكل حتى يموت، كأن الهدف من الحياة هو أن يموت، وأن نسرع في ذلك، فالحياة قنطرة يجب أن نعبرها بسرعة، على أقدامنا أو على قدم وعصا، أو على أكتاف الغير، أو بسكاكين الغير، يقطعوننا ثم يقذفون بنا، قطعة قطعة إلى الشاطئ الآخر، وأن الاعتدال هو أصعب ما يواجه الإنسان، والناس يسمون الاعتدال جبنًا، ويسمون التهور شجاعة، ولا أحد يعرف بالضبط كيف يسلك الإنسان في حياته، فلا توجد قاعدة، فاختلفت القواعد والموازين والمكاييل، فالراحة هي أن تختفي الموازين والمكاييل والحسابات والقواعد بالموت.وأما أنيس منصور فكانت أسبابه أنه درس المذاهب الفلسفية ودرَّسها في الجامعة، ودرس الأديان أيضًا، أكثر من عشرين دينًا، ولم يفهم أي شيء حوله، لا حياته ولا الكون، ولا يعرف الحكمة من وجوده، وأن الله أعطاه عقلًا صغيرًا وجعله يواجه ما لا نهاية من المعضلات، فازداد عجزًا عن فهم أي شيء، طفل صغير حافي القدمين مطلوب منه أن يعبر المحيط بلا سفينة، وأن يكون سعيدًا يدعو إلى الحياة، وتأسيسا على ذلك قرر أنه لابد أن ينهي حياته التي لا معنى لها ولا حكمة.وأما إحسان عبد القدوس فكان يرى أنه لن يتحقق العدل السياسي والاجتماعي في هذه الدنيا؛ فالقوي هو الذي يضع القانون، وهو الذي يفرضه، والقانون صناعة الأغنياء، والمحاكم صناعة الأقوياء، والفقر مظلوم ولا أمل في تحقيق أي نوع من العدل له، ومهما حاول المفكرون والأدباء والفنانون فلا معنى لكل الذي يبذلون أنفسهم من أجله، فكل الفنون والآداب لها مهمة واحدة هي تسلية المظلوم قبل صدور الحكم، أي أثناء محاكمته، أو تسلية أهل المظلوم وإقناعهم بأن الدنيا حلوة، وإن كان واحد من الناس قد مات ظلمًا فليس معنى ذلك أن كل الناس سوف يموتون، وهذا كذب؛ فالفنان كاذب لأنه يريد أن يأكل عيشًا والناس كاذبون على أنفسهم إن صدقوه؛ لأنهم على يقين من أنه مأجور الأقوياء الأغنياء، وبناءً على كل ذلك فالحياة في منظور إحسان عبد القدوس لا معنى لها، والموت هو الراحة الكبرى!وتحسب الكتاب الثلاثة سؤالًا: ما الذي سوف يقوله الناس عنا، الزملاء الصحفيون والنقاد؟ يوسف السباعي يقول إنهم سوف يرون أنني: يجب أن أدخل جهنم، فقد عرفت عددًا كبيرًا من الفتيات، وأنني أخذت نصيبي في الدنيا، فليس معقولًا أن أدخل الجنة في الدنيا والآخرة.وإحسان عبد القدوس كان يقول: لأنهم حاقدون علىّ لأن أمي هي صاحبة المجلة التي أكتب فيها، ولأنني ابنها الوحيد فقد جعلتني رئيس تحرير، ولن يلتفت أحد إلى معاركي السياسية والمشاكل الاجتماعية والعاطفية التي عالجتها في قصصي، ولولا أمي ما كنت ولا نشرت، منتهى الظلم..وقال أنيس منصور: إنهم سيقولون عني إنني اشتغلت بالفلسفة وعباراتي جميلة، وإنني أتلاعب بالألفاظ، وقد دوخت الشباب ورائي حين أدخلتهم الفلسفة وأخرجتهم من الدين وأحرقتهم بالعواطف، ثم تركتهم أبحث غن غيرهم، إنني يجب أن ألقى العقاب نفسه الذي يلقاه شمشون الجبار الذي أطلق القطط المحترقة في حقول القمح في غزة،ولذلك ما دمت قد أحرقت الدنيا فلابد أن أحترق في الآخرة.وأجمع الكتاب الثلاثة:"نستاهل الحرق بالنار.. نار جهنم". لكن أنيس منصور بذكائه الحاد روى لزميليه أنه في الآداب العالمية حاول كثير من الروائيين أن يصوروا قلق الفنان ورغبته في أن يعرف ما الذي سوف يقوله الناس عنه بعد موته، فوجدنا روايات كثيرة يختفي فيها الفنان عمدًا؛ ليقرأ ما تنشره الصحف عنه. لقد فزع الفنانون فوجدوا الناس يكذبون ويخترعون عنهم قصصًا لم تحدث، وإنما قالوا وقالوا، ولكن هؤلاء الفنانين فضلوا أن يظلوا بعيدًا عن العيون؛ فقد أيقنوا أنهم لو عادوا إلى الأضواء لخسروا كل الناس الذين مدحوهم كذبًا،والذين هاجموهم كذبًا أيضا، مثل الأديب السويسري ديرنمات والفيسلوف الإنجليزي برتراند راسل وصاحب جائزةنوبل ألفريد نوبل.ومن المفارقة أنهم بعد أن سمعوا ذلك من أنيس منصور فإذا بيوسف السباعي يقول: "نعيش والسلام"، ويقول إحسان: "نعيش ونكتب هذه القصة لكي يضحك الناس على خيبتنا "اما سبب الأنتحار الحقيقى فهو شيىء من خطايا الشباب فعله الثلاثة معا
والنقاد تحدثوا عن مسار الأحداث ورسم الشخصيات. وكيف أن الرواية بدأت بطيئة الوقع.. ثم أسرعت الخطى وانتهت بأن أبطالها يلهثون كأنهم تعبوا ويريدون أن يستريحوا.. أما الأسلوب وأما العقدة وأما الحل في النهاية.. ثم إن فيها فلسفة تدل على أن الأديبة لها أعماق كانت تخفى على الناس. ولكن هذه الرواية قد أظهرتها ،لكن ما المدهش في هذا، فالحياة العربية فخفخينا من الأكاذيب والأوهام هذه ليست الخدعة ولا الكذبة الوحيدة في حياتنا الفكرية والسياسية والأدبية، وانهى حنقه بقوله (طبعاً ممكن تسألني: وما الذي يضمن لنا أنك لست من هؤلاء الذين يخدعون الناس لا شيء يضمن لك علي الإطلاق، فقط أنت وعقلك ووعيك وحسك ثم أنت حر، المشكلة فعلا أن بوصلة الناس أصيبت منذ زمن بالعطب نتيجة ضغط القهر وتعلم الطاعة والمشي في القطيع ) ولأننا من الذين صدمهم الاعتراف وعجزوا عن حل اللغز، نبدأ بمطاردة نحو ربع قرن ممتد من مطلع الخمسينيات حتى أواخر سبعينيات القرن العشرين، ولنحرث رملَ الزوايا باجتهادِ نملة، مع علمنا أن ما يرويه أنيس منصور جبلٌ جليديٌّ يهدد كل السفن العابرة. ليكن الخيط الأول: بيروت . والخيط الثاني: زوجة سياسي كبير.لنتذكر أن أول رواية نُسِبت إلى التجديد الروائي النسوي هي «أنا أحيا» (1958) للبنانية ليلى بعلبكي، لكن بوسعنا استبعاد الرواية بسهولة لأنها تدور أحداثها في بيروت بكامل تفاصيلها، وتطرح صورة الفتيات المتفرنسات في بيروت الحديثة التي كان طلابها ومثقفوها تحت تأثير الوجودية وأفكار اللاجدوى والعبث.بالمثل، سارت غادة السمان («بيروت 75»، 1974؛ «كوابيس بيروت»، 1977)، وكوليت خوري («أيام معه»، 1959؛ «ليلة واحدة»،1961؛ («ومر صيف»، 1975)، وإيميلي نصر الله («طيور أيلول»، 1962؛«شجرة الدفلى»، 1968؛(«الرهينة»، 1974) وسواهن على هذا النموذج، مع استغراقٍ في المصير الوطني والقومي،وإن كانت الأنثوية الشرقية في كتابتهن أوضح، وحديث الحُبِّ يسيطر على هواجس البطلات غير أن الخيط الثاني (الزواج من سياسي كبير) لا ينطبق على أي من هذه الأسماء أتكون هى الروائية المنسية منى جبور،التي انتحرت في الحادية والعشرين من عمرها اختناقـًا بالغاز في 24 يناير 1964، تاركةً وراءها روايتها الوحيدة الشهيرة «فتاة تافهة» (1959)أم نستبعد ذلك لكونها لم تتزوج.ولكن ماذا عن ليلى عسيران؟ تزوجت ليلى عسيران (1934-2007) رئيس الوزراء اللبناني الأسبق د. أمين الحافظ في عام 1958. انخرطت في مهنة الصحافة في دار الصياد وراسلت دار «روز اليوسف»، حيث تصادقت مع أحمد بهاء الدين، وتعرفت إلى نخبة من الصحفيين والأدباء المصريين.ما يضعف هذا الاحتمال هو أن أعمال ليلى عسيران ظهرت في أعوام لاحقة للنطاق الزمني الذي حددناه: («جسر الحجر»، 1986؛ «الاستراحة»، 1988؛ «لن أموت غدًا»، 1991؛«عصافير الفجر»، 199؛ «الحوار الأخرس»، 1992؛ «المدينة الفارغة»، 1992؛ «خط الأفعى»، 1992؛ «قلعة الأسطة»، 1992). ورغم أن البحث يفترض أننا نتكلم عن بيروت، فإن بوسعنا مد الخط على استقامته،حتى لا تغيب عنا أي احتمالات أخرى.قبل أن نسير في نفق اليأس، ليس أمامنا، إذًا، سوى أديبات منطقة الخليج.الروائية السعودية سميرة خاشقجي، (1940-1986)، التي اشتهرت بلقب «بنت الجزيرة العربية»، ويُنظر إليها بوصفها رائدة الرواية النسوية بروايتها الأولى («ودعتُ آمالي»، 1958)، والتي أتبعتها برواية («ذكريات دامعة»، 1961) و(«بريق عينيك»، 1963) التي تحوَّلت إلى فيلم عُرض عام 1982 من بطولة نور الشريف، وحسين فهمي، ومديحة كامل. تعد «بريق عينيك» أفضل أعمالها، وإن كانت هنا رواية مرشحة لأن تضم لمسات الثلاثي إحسان عبد القدوس ويوسف إدريس وأنيس منصور، فقد تكون هي الرواية المقصودة. رواية تبعث صلوات مجهضة، وتبحث عن رغبات تلاشت منذ الفراق.فسميرة خاشقجي لها علاقة الوثيقة بمصر، فقد ابتعثها والدها في أواسط الخمسينيات مع أخيها إلى مصر، وتلقت دراستها الثانوية بالمدرسة الإنجليزية للبنات بالإسكندرية، ثم حصلت على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من كلية التجارة بجامعة الإسكندرية.والتقت برجل الأعمال المصري محمد الفايد على شاطئ الإسكندرية ليتزوجا في عام 1954، حتى 1956، وينجبا دودي الفايد الذي توفي في باريس عام 1997 برفقة الأميرة ديانا في حادث سيارة. تزوجت سميرة مرة أخرى من دبلوماسي وسياسي سعودي من أصول سورية هو أنس ياسين،وبعد سميرة خاشقجي،جاءت روائيات كثيرات، برواية واحدة فقط كتبنها هن: صفية عبدالحميد «عفوًا يا آدم»، 1968)، وفاطمة العلي («وجوه في الزحام»، 1971)، وهند باغفار(«البراءة المفقودة»، 1972).أنيس منصور الذي انْسَلَخَ في العام 2011 عن عالمنا، رمانا بنيزك، وتركنا حائرين أمام اعترافاته، وعاجزين عن رشوة الفضول..الفضيحة أيضًا عُرضة للإلهاء والفناء بلا ختام.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|