|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
عبد الرحمان النوضة
!--a>
2024 / 1 / 5
العنوان الكامل لهذا المقال: الحَلّ الجَذْرِي لِمُشْكِل مُمارسة الجِنْس خارج الزَّواج.
[ هذا النصّ هو فَصل مأخوذ من كتاب: رحمان النوضة، حوار حول الجنس والدِّين ، نشر 2016، الصفحات 167، الصيغة 15. وهذا الكتاب هو مكتوب أصلا على شكل حوار بين آدم وابراهيم ].
آدم : لَاحظتُ فيما سَبق، أنك تَـعتبرني مُحافظا، وَتَنْتَـقِد رَأْيِـي الدَّاعِي إلى مَنـع العلاقات الجنسية الخارجة عن الزَّوَاج القانوني. وَتَـعْـتَبِر تَصَوُّري غير وَاقعي، أو غير سليم. لكن رأيك الدّاعي إلى التَسَامُح مع العلاقات الجنسية الخارجة عن الزواج الـقانوني، هو أيضا غير واقعي، وغير مُرْضٍ. وقد يُؤَدِّي إلى تَـعْـقِيدات مُجتمعية. فما هو الحَلّ الذي تَـقتـرحه ؟ وهل لديك تَصَوُّر لِحَل مُتَـكَامِل، وَعَمَلِي، لِمُعَالَجَة مُشكل مُمارسة الجِنس خارج الزَّوَاج الـقانوني ؟ وما هي التَـفَاصِيل العَملية لهذا الحَلّ ؟
إبراهيم : نَـعَم، إِنْ مَنَحْتَنِي مُهْلَة كافية من الوقت، يُمكن أن أَعْرض عليك تَصَوُّرِي لِلْحَل الجَذْرِي، والمُتَـكَامِل، لِمُشكل مُمارسة الجِنس خارج الزَّواج القانوني.
آدم : هَيَّا، تَـفَـضَّـل.
إبراهيم : سَبَـق لي أن عَرَضتُ هذا الحَلّ الجَذْرِي(1). لكن الناس لا يـقرأون بما فيه الكفاية. اِسْمَح لِي إذن بِأَنْ أعرض عليك المبادئ الأساسية المُرَقَّمَة، المُكَوِّنَة لهذا الحَل الجَذْرِي لِمُشكل مُمارسة الجنس خارج الزَّوَاج.
1) المُشكل المُجتمعي الرئيسي الذي يطرحه النشاط الجنسي، يَأْتِي من الفَجْوة بين ما يُريده الجِسم، وما يَسمح به المُجتمع. حيثُ يَنْضُج الجسم (أو الشّخص) جنسيًا في سِنٍّ مُبْـكِر يَبلغ قُرابة 12 سنة. لكن هذا الجسم، أو الشّخص، لَا يَـكْتَمِل نُضْجُه المُجتمعي، ولَا يَـقدر على الزّواج، سِوَى في سِنّ مُتَـقَدِّم نِسْبِيًّا، يَبلغ قُرابة 30 سنة.
2) يَرغب الجسم في ممارسة الجنس، لكن الأخلاق الشائعة في المجتمع تمنع ممارسة الجنس السَّوِيَّة. وتـقـول هذه الأخلاق السائدة في المجتمع، إن ممارسة الجنس الوحيدة المقبولة، هي التي تكون داخل الزواج القانوني. لكن الزواج القانوني فيه شروط تعجيزية. والزّواج، يُشترطُ فيه، طبقًا للـقانون أو للأخلاق السّائدة، التَوَفُّرُ على شُـغل، وعلى مَدخول مَالِي كاف وَمَضمون، وعلى سَـكَن مقبول، الخ. وهي شروط تعجيزية بالنسبة لمُعظم المُراهقين والشبّان، الذين ما زالوا يدرسون، أو الذين هم عاطلين عن الشغل
3) تُظهر تَجربة العديد من المُجتمعات أن فرض حَظر جَذري على النَّشاط الجنسي على المُراهقين، وعلى الأشخاص غير المُتزوجين، يمكن أن يُشَجِّع على ظُهور اِنْحِرافات، مثل العادة السرية، أو "العُقَد النَّـفْسِيَة"، أو الدّعارة، أو المِثْلِيَة الجنسية، أو الوَلَع الجِنسي بالأطفال، أو جرائم الاغتصاب، وما إلى ذلك.
4) في هذا المَجال من الحياة الجنسية، كل من "الإباحة الكاملة"، و"التحريم التام"، يُخاطران بتوليد أفراد يتجوّلون، تحت تأثير إفرازاتهم الهُرمونية، مع عُـقُولهم مُرَكَّزَة في أَعْضَائهم الجنسية، أو مع أعضائهم الجنسية مُركّزة في عُقولهم، وهم غير قادرين على التَحَكُّم لَا في عُقـولهم، وَلَا في أعضائهم الجنسية.
5) كما هو الحال في العديد من المجالات المُجتمعية الأخرى، فإن ما يُوَفِّر إمـكانية حَل هذه المَشاكل الجِنسية، ليس هو الوَعْظ الأخلاقـي، أو الإرشاد الدِّيني، اللذان يَدعوّان إلى تَخْلِيق السُّلوك، عبر استخدام حُجَج ذات طبيعة أخلاقية، أو دينية، أو قانونية، أو ثَـقافية. بل إن العُلوم، والأبحاث، والتِـقْنِيَّات، هي التي تُـقَدِّم حُلولاً عَملية وفَـعّالة. وهي التي طَوَّرت طُرُقًا للتحكّم في جوانب معيّنة من الحياة الجنسية.
6) "الخُطُوبَة" (أو الوَعْد الرّسمي بالزّواج المُتبادل بين الخَطِيبَيْن في مُستـقبل قَريب)، ليست كافية لحل هذا التـناقض (بين النُّضج الجِنسي البَيُولُوجِي المُبكر، والزَّواج القانوني المُتأخر). وَإِنْ كانت الخُطوبة تَسمح لِلْخَاطِبَيْن "بالتعرّف على بعضهما البعض"، فإنها لا تسمح لهما بِمُمارسة الجنس.
7) يَتمثّل حل هذا المُشكل الجِنسي المذكور، في السَّماح للمُراهقين، الذين تبلغ أعمارهم حوالي 14 عامًا، بِـعَـقْد "زَواج صَغِير". وأعرّف "الزّواج الصّغير" بما يلي : يَختلف "الزّواج الصّغير" عن "الزّواج الكبير" (أو الزّواج العادي) بالميزات التالية: 1- ضَرورة مُوافقة كِتَابيّة لِلْوَالدين. 2- ضَرورة التَوَفُّر على وَثِيـقَة تُثبت الوَقْـف المُؤَقَّت لإمكانية إِنْجَاب أبناء، لدى أحد الزوجين، أو لدى كليهما، عن طريق تـَدَخُّل طِبِّي، يَتِمُّ إجراؤه، وَتوثيقه، من قبل مؤسسة طبية مُعتمدة. (توجد اليومَ بالفعل العديد من تِـقْنِيَّات مَنع الحَمل الكافية، وقد يتمّ تطوير تِـقنيات أخرى لاحقًا). ولا تَجُوز استعادة إمكانية الإنجاب طِـبِّـيًـا، إلّا بعد الإلغاء القانوني لـ "الزّواج الصّغير"، أو بعد عقد "زواج كبير". 3- ضرورة حصول كل من الزّوجين على شهادة تُـفيد حصوله على دورات تَـكوينية في مَجال الصحة الجنسية. 4- ضرورة استمرار كل من الزّوجين في العيش مع والديه. 5- عدم حاجة كِلَا الزَّوجين إلى التَوَفُّر على دَخْل مُستـقل، أو على سَـكن، أو على أثاث. 6- لا حَاجة لِواجب إنـفاق الزّوج على زَوجته. 7- الحق في تبادل الزيارات المُقررة بِمُوافقة والدي الزوجين. 8- إلغاء الحاجة إلى مَهْر (مع حُرّية تبادل الهدايا أو غِيَّابُها). 9- إمكانية خِيَّار الالتزام (أو عدم الالتزام)، في عَقْد "الزّواج الصّغير"، بِاسْتِبْدَال هذا "الزواج الصغير" لاحقًا بـ "الزواج الكبير"، مع نَـفس الزّوج. لكن مثل هذا الالتزام، لا يُنصح به، لأنه لا يحق للوالدين الالتزام بدلا من أطفالهما القاصرين، ولأن التزام القاصرين يظل غير مَوْثُوق فيه.
8) يُشبه "الزَّواجُ الصّغيرُ" "الزَّواجَ الكبيرَ" من النَّواحي التالية: أ) التَمَتُّـع بِـ "الزّواج الصّغير" مَشروط بإقامة عقد قانوني (مكتوب)، يُحرّره والدا الزوجين، تحت إشراف مُؤسَّـسة كُـفْـؤَة. ب) ضرورة إجراء فُحوصات طِبّية مُسبقة، تُـؤكّد عدم وجود أمراض مُعدية (لدى المُراهقـين المُرشّحين لِـ "الزّواج الصّغير"). ج) مَنع تَـعدّد الزوجات. د) السماح بممارسة العلاقات الجنسية، مع منع إنجاب الأبناء، طوال مُدّة "الزّواج الصّغير". هـ) اشتراط إخلاص كلّ زَوْج لِزَوْجِه. و) يَتحمّل المسئولية كلّ من الزّوج والزّوجة. ز) لا يمكن قَبُول الطَلَاق، أو اِعتباره شَرْعِيًّا، إلا من طَرف مؤسسة مختصة، وَبِمُوافقة الوالدين، وَطَرَفَـي "الزّواج الصغير". ل) إذا دعت الضّرورة لذلك، يُمـكن وَضع مُدونة (أو مجموعة قوانين) تُنظّم "الزّواج الصّغير"، بهدف تَسهيله وإنجاحه. بِشَرط عدم الإفراط في التَـفَاصِيل الإجرائية المُـعَـقَّـدة. ولتجنب النِزَاعات المُزْعِجَة، سيكون من الضروري تفضيل حل النزاعات عبر المُشاورات الوُدِّيَة، والتربوية، بين جميع المعنيين (الآباء، والأزواج الشباب). وستـكون هذه "المُشاورات الوُدِّيَة" بِمَثَابَة مدرسة لِتَـهـيِـئ زَوْجَيْ "الزّواج الصّغير" لِتَدْبِير وَإِنْجَاح "زَواجهم الكبير" في المُستـقبل.
9) من مزايا "الزّواج الصّغير" ما يلي: إنه يَحُلّ التناقض بين سِنّ النُضج الجِنسي المُبكر من جهة، وتأخر سن "الزّواج الطبيعي" من جهة أخرى. فهو يسمح للمُراهقين بإقامة علاقات جنسية طبيعية، وقانونية، وخاضعة للرّقابة. إنه يَحْرُمُهُم مُؤقّتًا من إمكانية إنجاب الأطفال (نظرًا لأنهم لا يمتلكون بعد الشُعور الكافي بالمسؤولية، والوسائل المادّية اللازمة لتربية الأطفال). فهو يُتيح للشباب أن يزدهروا، دُون أن تَـكون لديهم عُقَد جِنسية، أو نَـفسية. إنه يُـقَـلِّـل من أهمية مُمارسة الجِنس (تحت سيطرة الوالدين، أو المُخْتَصِّين المُجتمعيّين المُعتمدين). فَهُو يَحْمِيهم من أن يَـكونوا ضحايا للتوتّرات، أو الهواجس، أو الانحرافات، أو المغامرات، أو الأمراض الجنسية. وَيُساعد "الزّواج الصّغير" على إسعاد المُراهقين. وَلَا يُـكلّف تـقريبًا الآباء أو الدولة نَـفَـقَات مُضنية. ويمكن للعائلات أن تَـتّـفـق فيما بينها على عقد "زواج صغير" لأبنائها وبناتها المُراهقين، دون انتظار قيام الدولة بإنشاء هياكل لتنظيم هذا النوع الجديد من الزواج. إن التجريب، وإزالة الغموض، ثم التـقليل من شأن العلاقات الجنسية، يسمح للمُراهقين بالتركيز على دراستهم، أو على تَدَارِيبهم المهنية. وَتَتَوَقَّـفُ الحياة الجنسية للمُراهقين عن أن تـكون خطيرة، إذا أصبحت منظمة، وخاضعة للإشراف، وشفّافة، وَمُسيطر عليها.
10) لماذا لا يَتسامح المُجتمع مع مُمارسة الجِنس، في فترة يكون فيها الأشخاص مُطالبين بِمُمارسة هذا الجِنس، وقادرين عليها، بدلاً من تأخير مُمارسة الجِنس إلى فترة متأخرة، يُصبح فيها هؤلاء الأشخاص غير مُبالين بِـ، أو عاجزين عن، مُمارسة الجنس ؟
11) إن "الزّواج الصّغير" ليس نتيجة فكرة، أو أطروحة، بل إن التطور المُعاصر للمجتمع هو الذي يجعله ضروريا.
هذا هو الحل الجذري لمشكل مُمارسة الجنس خارج الزّواج الـقانوني، أو العادي.
آدم : أشكرك على هذه الأطروحة الواضحة والدَّقِيقَة. ولا تطلب منّي حاليّا أن أُجِيب فَوْرًا عليها. لأن الرَدَّ عليها قد يتطلب وقتًا كافيا، لِلتَأَمُّل في تَـفَاصِيلِهَا.
[ هذا النصّ هو فَصل مأخوذ من كتاب: رحمان النوضة، حوار حول الجنس والدِّين، نشر 2016، الصفحات 167، الصيغة 15. ويمكن تـنزيله عبر الرّابط التالي: https://livreschauds.wordpress.com/2023/12/01/الجنس-والدين/ ]
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|