|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
محمد أحمد أبو النواعير
!--a>
2024 / 5 / 23
د. محمد ابو النواعير.
بما ان الله تعالى قد خلق العقل البشري بامكانات كبيرة ومتميزة, وأحيانا متفردة, فأنا اعتقد بأن ميزة المقارنة, أو المنهج العقلي المقارن, هو من أهم مميزات فواعل هذا الجهاز الجبار الذي يسمى العقل, وسيكون مقالنا عبارة عن مقارنة بين قصتين متقاربتين نوعا ما .
القصة الأولى: طفلة صغيرة, جميلة, بريئة, شديدة الذكاء, نشأت في بيئة ومدينة دينية محافظة, والدها كان عالما دينيا تقيا, وكان من فضلاء حوزة النجف الاشرف, في اربعينات القرن الماضي, كانت امنية هذه الطفلة وحلمها الوحيد الذي سيطر على تفكيرها البريء ومخيلتها الواسعة, هو ان تصبح طبيبة, تعالج الامهات, وكانت بذكائها تعلم بأن الطريق للوصول لهذا الحلم وتحقيقه هو عبر الانخراط في الدراسة النظامية الاكاديمية.
واجهت الطفلة رفضا قاطعا وصارما من والدها, حيث اكد لها بان الزهراء عليها السلام اوصت بان خير للمرأة ان لا ترى رجلا, وأن لا يراها رجل, فلم تعلن عنادا ولا رفضا ,لأنها تعلم جيدا ان طاعة الوالدين تأتي من بعد طاعة الله, فآمنت بأن تقيدها بأوامر والدها, هو الأصح والأنسب عند الله تعالى.
ما الذي حصل بعد ذلك, وما ذا كانت النتيجة؟ وهل تركت هذه الطفلة حلمها يفلت من بين يديها. ؟
لا, بل عمدت إلى تعلم القراءة والكتابة في بيتها, وبدأت بتثقيف نفسها ثقافة دينية وتربوية واخلاقية عالية, وبعدها بدأت بتوظيف امكاناتها التي خلقها الله تعالى لها, والتي وفرتها لها بيئتها الاجتماعية والدينية والاخلاقية, من أجل صناعة جيش من المؤمنين الصالحين, من الاطباء والمهندسين, حيث انها وبعد زواجها, وظفت كل حياتها من اجل ان تخلق من ذريتها جيشا من الاطباء, ليحققوا لها بالنيابة, حلما طالما تحكم بروحها ووجدانها, خاصة وان زوجها (رحمه الله) كان رجلا عالما اكاديميا كثير الاسفار, فكانت هي من حملت ثقل هذه الامانة, ونجحت فيها نجاحا باهرا, في ظروف صعبة وقاسية وارهابية كانت تمر على العراق في زمن حكومات ظالمة لم تكن تسمح بأن ينال الفرد تحصيلا اكاديميا عاليا, ولكنها مع ذلك, نجحت بشكل مبهر, وأسست لنمط من التنشئة الاجتماعية والتربوية, يستحق أن يُدَرَّس, حيث اصبحت بحق مستحقة للقب : (أم الأطباء).
القصة الثانية: فتاة جميلة شابة, تعيش في بلد أوربي, دخلت إلى كلية الطب, وأكملت دراستها, وأصبحت من الطبيبات المشهورات, وفي اثناء دراستها في الكلية, تعرفت على شاب مسلم شيعي (أعتقد لبناني), وأحبته, وتزوج الاثنان, بعد ان دخلت في دين الإسلام وأعلنت إتباعها لمذهب آل البيت عليهم السلام .
بعد فترة من الزمن, وبعد تعمقها في دراسة وفهم الشريعة الإسلامية, وبسبب ضغوط مهنة الطب وتأثيراتها السلبية الكبيرة على حياتها الزوجية (وبالأخص الاثر السلبي الذي حصل في تربيتها لأطفالها), قررت هي وزوجها قرارين, الأول أن يهاجروا من هذا البلد الأوربي (إسبانيا), الى بلد مسلم محافظ, لكي يتمكنوا من أن ينشئوا أطفالهم في بيئة إسلامية محافظة, وثانيا (وهو الأهم) قررت ان تترك عملها ك (طبيبة للأمهات), بعد ان ادركت انها امام خيارين صعبين جدا, إما تكون طبيبة ناجحة, وتخسر امكانية تنشئة اطفالها تنشئة دينية روحية اخلاقية خالصة؛ وإما ان تكون اما ناجحة في تربية اولادها, فاختارت الخيار الثاني.
واللطيف في الامر ان هذه الطبيبة الاسبانية المسلمة, تم اجراء لقاء صحفي معها, وسألها صاحب اللقاء:
أي شيء ترينه أفضل للمرأة, بعد ان خضتي التجربتين؟
فأجابت بجواب مهم وعميق وصادم, قالت :
(أن لا ترى رجل, وأن لا يراها رجل). ! متمثلة بمقولة السيدة الزهراء عليها السلام, عندما اجابت والدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما هو خير للمرأة؟ فأجابته الزهراء عليها السلام بالجواب أعلاه.
كان يمكن للسيدة النجفية في القصة الاولى ان تكون من اشهر وامهر الطبيبات, وكان يمكن لها ان تعين اولادها ليكونوا اطباء كذلك, ولكن من المستحيل ان تتمكن من جمع التربية الاخلاقية التي اشتهر بها اولادها واحفادها, وبين حصولهم على مراتب عالية في الدراسة الاكاديمية.
*******
المرأة في القصة الأولى, هي سيدة نجفية جليلة، قد تجاوزت ال٨٥ من عمرها الذي قضته في طاعة الله، لم يؤذن لي بنقل اسمها واسماء اولادها واحفادها الاطباء، مراعاة للخصوصيات.
المرأة في القصة الثانية, تم نقل تفاصيل حادثتها لي على لسان احد علمائنا الاجلاء.
*******
قصتين, الأولى ابتدأت بمقولة : خير للمرأة أن لا ترى رجل وأن لا يراها رجل.
والثانية انتهت بمقولة : خير للمرأة أن لا ترى رجل, وأن لا يراها رجل .
القصة الاولى تحولت فيها المرأة إلى وتد انتج جيوشا من المؤمنين يقودون المجتمع, انطلقت وابتدأت من دارها.
والقصة الثانية إمرأة انطلقت خارج دارها, ولكنها ادركت ان بيتها هو مهمتها التي كلفتها بها السماء، فعادت الى ما فطرها الله عليه.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|