|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
حنان محمد السعيد
!--a>
2024 / 7 / 2
يتباهي العالم المعاصر بمساندته للنساء ودعمه للنساء وتمكينه للنساء، ولكن هل هذا حقيقيًا بالفعل؟
إن كل الأرقام والمؤشرات تكذب ذلك الادعاء، فالنساء تعانين من قلة فرص العمل، ولا يحققن المساواة في الأجور والفرص.
وفوق ذلك هن يتعرضن في جميع بلاد العالم للتحرش والاعتداء اللفظي والجسدي والجنسي دون أن يكون هناك إجراءات رادعة حقيقة تنصفهن.
وهن لا يعتلين أي مناصب سياسية كبرى إلا في حالات نادرة، وكلما كانت المرأة قوية وأظهرت جدارة تمت محاربتها بشتى الطرق.
إن ذلك الأمر لم يتغير منذ العصور الوسطى فهي مازالت تعاني ذات الاضطهاد ونفس القدر من الكراهية.
فإذا كانت جادة في عملها اتهمت بأنها مسترجلة، وإن كانت ذات فكر حر اتهمت بأنها منحلة.
وإذا كانت ذات رأي ومستقلة تم اضطهادها بصنوف من الاضطهاد التي لا تخطر على قلب إنسان سوي.
إن الأمر قد يصل لوصمها بالجنون، بل ودفعها للجنون كما كان يحدث في العصور الوسطى حيث كانت تتهم بالهستيريا أو يجرى لها جراحة بضع الفص!
جراحة بضع الفص
جراحة بضع الفص هي إجراء تم ابتداعه في القرن التاسع عشر يتضمن قطع التواصل ما بين الفص الجبهي والمهاد.
وعلى الرغم من الادعاء بأن هذا الإجراء كان له أسباب علاجية.
إلا أنه استخدم في الغالبية العظمى من الحالات للتنكيل ببعض الأشخاص ممن تسببوا في إزعاج أصحاب السلطة.
سواء كانت هذه السلطة الحاكم أو رجل الدين او الزوج او الاب فغالبية ضحايا هذا الإجراء الهمجي كن من النساء.
إن ذلك الإجراء يترك الضحية في حالة من السكون واللامبالاة، ويجعلها منفصلة اجتماعيًا.
وهو يجعلها تفتقر للمبادرة وتتشتت ذهنيا ويجعلها في حالة من الاكتئاب المستمر حيث لا يمكنها الشعور بالسعادة مرة آخرى.
إن شخصيتها تبهت وتتوارى تمامًا، وكأنهم قد انتزعوا منها الروح، واستبدلوها بكيان فارغ لا روح فيه.
ومن تعرّض لهذا العمل الهمجي أصيب فيما بعد بمضاعفات شديدة أهمها:
- صداع مزمن.
- نوبات صرعية.
- نزف داخل الجمجمة.
- خرف.
- فقدان للذاكرة.
- خراجات دماغية.
- موت.
هل تتصور إن مثل هذا الإجراء الهمجي مازال متبعًا إلى يومنا هذا ولكن بأدوات مختلفة وإن تشابهت الأسباب!
إن المرأة التي يثبت ان لديها رأي وإرادة، تلك التي تطورت بثقافتها واجتهادها وناطحت السحاب.
تلك التي لا ترقى إليها رأس في محيطها وتثير مشاعر الحسد والغيرة من الرجال قبل النساء تتعرض في عصرنا الحالي لإجراء أكثر وحشية!
تقنية النانو
إن تقنية النانو جعلت من بضع الفص أمرًا سهلًا للغاية بل أنه يتم في صمت وسرية تامة، ولا يمكن إثبات حدوثه حتى بالطرق المعروفة.
فيكفي أن يتم زراعة كمية لا تتعدى جزء من الجرام من مادة الجرافين المستخدمة في صنع شاشات المحمول داخل الجمجمة حتى يصبح الأمر منتهيًا!
هذه المادة دقيقة للغاية يبلغ سمك الطبقة منها جزيء واحد، ويمكن لجرام منها أن ينتج طبقات رقيقة تغلف كوكب الأرض بالكامل.
هذه المادة يمكن زراعتها في جمجمتك أثناء خضوعك لإجراء طبي عند طبيب الأسنان على سبيل المثال.
حيث يتم زرعها دون أن تشعرين فتبدأ بالانتشار داخل المخ بواسطة الموجات الكهرومغناطيسية التي ترسل إليها عن بعد.
إنها تشكل شبكة داخل الدماغ وتقوم بفصل الفص الجبهي ومع الوقت تتسبب في دمار كامل للدماغ.
وسوف تعانين في هذه الحالة من نفس الأعراض السابقة بداية بالصداع وفقدان الذاكرة وتدهور الحالة العقلية ويمكن أن يؤدي ذلك للموت.
الهستيريا
إنها مآساة أخرى عانت وتعاني النساء منها منذ القدم، فكلما فعلت أو قلتِ شيئًا يجعل الرجال غير مرتاحين يمكن وصمك بها أو بأي شئ مشابه مثل "نرجسية" أو "ناشذ" أو "مسترجلة" أو غيرها من الأوصاف الكاذبة الجاهزة.
فإذا كانت إنسانة مثقفة وتعشق الكتابة ونبع منها أفكارًا مزعجة بالنسبة لهم اعتبروها مصابة بالهستريا.
وإذا كانت مصابة بالاكتئاب أو أعراض ما بعد الصدمة بسبب ما تتعرض لها في حياتها، فهي مصابة بالهستريا.
وإذا رفضت التسلط والظلم الواقع عليها فهي مصابة بالهستريا، وإذا طالبت بحقوقها فهي مصابة بالهستريا!
لقد انتشر الأمر كالنار في الهشيم خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ولقد روج معتنقو الأمر إلى أن النساء عمومًا مؤهلات للإصابة بالأمراض النفسية والعقلية.
وهو أمر على ما يبدو يتم نشره عبر الرجال في مختلف العصور ومن مختلف الثقافات والعقائد.
نشأة مصطلح هستريا
في اليونان القديمة تحدث أبقراط وأفلاطون عن الرحم أو الهستريا وقالوا أنه "يجول" في جسم المرأة مسببًا الكثير من المشكلات الجسدية والعقلية.. ووجدوا من يصدقهم .. ياللعجب!
أما في عام 1748 فقد وصف الطبيب الفرنسي جوزيف راولين الهستريا بأنها مشكلة تنشأ عن تلوث الهواء.
وقال أنه على الرغم من أن هذه الحالة يمكنها أن تصيب الرجال والنساء على حد سواء إلا أن النساء أكثر عرضة لها بسبب طبيعتهن "الكسولة" و"عصبيتهن" الشديدة.
أما الطبيب الفرنسي فرانسوا بواسييه دي سوفاج دي لاكروا فقد اعتبر أن هذه الحالة هي مجرد تقلبات عاطفية تحدث لأصحاب الأرواح الحساسة.
ووصف أعراض الحالة بالتالي:
- انتفاخ.
- أزمات قلبية.
- ضيق تنفس.
- عسر بلع.
- برودة الأطراف.
- تهيج.
- تقلبات مزاجية.
- تسارع نبضات القلب.
- تكرار التبول.
أما الطبيب الأمريكي سيلاس وير ميتشل فقد وصف الراحة التامة للنساء لعلاج هذه الحالة بينما وصف الحركة وممارسة التمرينات الرياضية لعلاج الرجال المصابون بها.
ومن ضحايا هذا العلاج كانت الكاتبة شارلوت بيركنز التي وجدت الأمر مروعًا بالنسبة لها.
وقد وصف الطبيب بيير جانيت المرض بأنه مرض عصبي يؤدي إلى تفكك الوعي ويكون مصحوبًا بتشنجات ومشي أثناء النوم وإزدواج في الشخصية.
أما فرويد فقد اعتبر أن الهستريا هي تحول المرض النفسي إلى أعراض جسدية نتيجة للقمع وعدم القدرة على التعبير.
هيباتيا ومي زيادة وأخريات
كانت هيباتيا عالمة رياضيات وتؤمن بأفكار أفلاطون الفلسفية، ولقد عاشت في مصر الرومانية.
ولأنها عالمة ولها فكرها الخاصة تم استهدافها واتهامها بالإلحاد والشعوذة وقتلت على يد حفنة من الغوغاء.
بعد صراع سياسي دار بينها وبين الأسقف كيرلس الأول الذي اعتبرها تمثل خطرًا على أتباع كنيسته.
مي زيادة
أما مي زيادة أو ماري إلياس فهي أديبة وشاعرة عربية تتقن تسع لغات، وهي إبنة لأب لبناني وأم سورية.
وكان لمي زيادة صالون أدبي من أشهر الصالونات الأدبية في مصر يتم فيه استضافة أعظم شعراء وأدباء وكتاب عصرها مثل:
طه حسين، ومصطفى صادق الرافعي، وأمين معلوف، ويعقوب صروف، وأحمد لطفي السيد، وعباس محمود العقاد وأنطون جميل، وخليل مطران، وزكي مبارك.
كانت مي من أهم المدافعات عن حقوق المرأة وهذا ما ذكرته في كتابها "المساواة" المنشور عام 1923 وفي هذا الكتاب تقول:
لا أطلب للمرأة المساواة بالرّجل لاعتقادي أنّها تفوقه سموّاً بقلبها. والنّظريّات الّتي ترمي إلى تسويتها بالرّجل تحول حتماً بينها وبين عالمها الخاصّ الّذي به- به وحده- تظلّ محلّقة فوق كلّ أفق يستطيع الرّجل في جدّه وعبقريّته أن يبلغه. فالمساواة هبوط لها، لا صعود.
تعرضت مي لكافة صنوف الخيانة والتنكيل من أقرب الناس إليها وخاصة بعد وفاة والدها وحتى أنها أجبرت على دخول مستشفى الأمراض العقلية.
وفي ذلك تقول:
«أنا امرَأة قَضيتُ حَياتي بَين قَلمي وأدواتي وكُتبي، ودِراساتي وقد انصَرفتُ بِكل تَفكيري إلى المَثل الأعلى، وهذه الحَياة "الأيدياليزم" أيّ المِثالية التي حييتُها جَعلتني أجهَلُ ما في هذا البَشر مِن دَسائِس.»
ماذا عن الآخريات؟
إن الكثير من النساء المعلومات والمجهولات لاقين نفس المصير لنبوغهن، ولأنهن فقن الرجال عقلًا وفهمًا وإمكانيات.
فما كان من هؤلاء إلا التنكيل بهن وتشويههن، واستباحة حياتهن، ودفع الغوغاء لإيذائهن وإلحاق أشد صنوف الضرر بهن.
والحكاية لم تنتهي..