ظاهرة تزويج القاصرات في العراق



اسراء سلمان
2024 / 7 / 12

تعد ظاهرة تزويج القاصرات من القضايا الاجتماعية المثيرة للجدل في العديد من البلدان، والعراق ليس استثناءً. يتضمن التزويج
المبكر للقاصرات مجموعة من التحديات الاجتماعية، والنفسية، والصحية، بالإضافة إلى آثاره القانونية. في العراق، تتداخل الأعراف الاجتماعية مع الأطر القانونية، مما يخلق بيئة معقدة تؤثر على حقوق الفتيات ومستقبلهن.
الخلفية القانونية
عرف المشرع العراقي في قانون الاحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 الزواج بالشكل التي :
ففي المادة الثالثة من القانون اولا ينص على : ( الزواج عقد بين رجل و إمرأة تحل له شرعاً غايته إنشاء رابطة الحياة المشتركة والنسل.)
هنا قام المشرع بشرح مبسط لفكرة الزواج والغاية منه هو انشاء رابط الحياة المشتركة والنسل . ووضع قانون الاحوال الشخصية العراقي عدة نقاط لتوضيح من هو مؤهل لهذا العقد فجعل اتمام الثامنة عشر هو شرط من شروط تمام الاهلية كما نصت المادة السابعة من قانون الاحوال الشخصية . حيث يعتبر عمر الثامنة عشر هو عمر البلوغ للذكر او الانثى . والذي يجعلة يعامل معاملة البالغين امام القوانين .في نفس القانون في المادة الثامنة منه نجد ان القانون يبدأ بأخذ منحنى اخر حيث يبدأ بالتكلم عن زواج مَن هم دون الثامنة عشر . في عمر الخامسة عشر تحديدا حيث في المادة الثامنة اولا تنص على ( إذا طلب من أكمل الخامسة عشرة من العمر الزواج، فللقاضي أن يأذن به، إذا ثبت له أهليته وقابليته البدنية، بعد موافقة وليه الشرعي، فإذا إمتنع الولي طلب القاضي منه موافقته خلال مدة يحددها له، فإن لم يعترض أو كان اعتراضه غير جدير بالإعتبار, أذن القاضي بالزواج,) وهنا تتكلم هذه النقطة عن طلب الصغير القاصر للزواج فيجعل القانون هذا ممكن في حالة موافقة الولي وهنا يجب ان انوه على ان الولي هو الاب او الجد او العم من جهة الاب فقط اي ذكور العائلة مستثنى من ذلك موافقة الام او قبولها . اي ان المشرع العراقي بعد وصفة للسن الذي يصبح به الانسان مؤهل لادارة حياتة ولادارة امواله هو الثامنة عشر لكن يتغاضى عن هذا في ما يتعلق بالزواج . في نفس المادة الثامنة في النقطة الثانية التي تنص على (-للقاضي أن يأذن بزواج من بلغ الخامسة عشرة من العمر إذا وجد ضرورة قصوى تدعو إلى ذلك ويشترط لإعطاء الإذن تحقق البلوغ الشرعي والقابلية البدنية). وهنا نرى الكارثة التي على اساسها يتم تزويج الاطفال . فنرى ان المشرع العراقي اعطى الحق للولي الجبري وهنا اتكلم عن ذكور العائلة حصرا بتزويج الفتيات الصغيرات واشترط شرطين وهما البلوغ الشرعي اي ان تحيض الفتاة والاخر هو القابلية البدنية وهنا احب ان اوضح ان معنى قابلية الفتاة على تحمل الوطئ كأن تكون ممتلئة الجسم او تمتلك الضخامة البدنية . لكن في كل هذا الوصف لم يتطرق المشرع ولو بأي شكل كان الى مدى القدرة العقلية والنفسية لطفلة صغيرة على الزواج . هل فتاة في الخامسة عشر ممكن ان تتحمل الوطئ نفسيا وهل هي قادرة على ادارة حياة , منزل , تربية اطفال , تحمل مسؤوليات الحياة ؟ كل هذه الاسئلة لم تراود المشرع العراقي الذي نظر الى الموضوع نظرة جنسية بحته وهي مدى قدرتها على تحمل الوطئ ؟ يرافق ذلك ان المؤسسة الدينية قد سمحت بزواج من هم اصغر من هذا العمر. سمحت بزواج من هم في التاسعة وتتم هذه العقود خارج اسوار المحاكم في المكاتب الشرعية لرجال الدين وهنا ايضا يجبر القانون العراقي والمشرع على الاعتراف بهذا الزواج وتثبيته في المحاكم ولايعتبره جريمة او اغتصاب للطفولة لسبب بسيط انه تم الدخول بهذه الطفلة وفق المادة التاسعة اولا . فهل ابنة التاسعة تتحمل الوطئ وهي طفلة لم تكتمل اعضائها وليست مؤهلة عقلية لهذه الفعل . لابل نرى ان الامور تذهب ابعد من ذلك ففي كتاب تحرير الوسيلة الجزء الثاني الصفحة 241 نرى تكلم رجل الدين عن مدى شرعية وطئ طفلة دون التاسعة فتنص على ( لايجوز وطئ الزوجة قبل اكمال التسع سنوات دواما كان النكاح او منقطعا واما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم و التفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة ولو وطأها قبل التسع ولم يفضها لم يترتب علية شئ غير الاثم على الاقوى ) . فنرى كارثة التحدث عن زواج طفلة رضيعة زواجا دائما او زواج متعة ويسمح بشتى الافعال التي جرمت في كل دساتير المجتمعات المتقدمة . فهل هذه الطفلة تنطبق عليها شروط الزواج هل طفلة الرضيعة هي مؤهلة لانشاء حياة ؟ اما ان مؤسسة الزواج هي مجرد حاجات الرجال الجنسية والبيدوفيلية فقامت المؤسسة القانونيه والدينية بتوفيرها واذا قام الرجل بوطئ الطفلة الرضيعه وحدث الدخول فهذا الزواج هو معترف به في القانون وفق المادة المذكوره اعلاه.
ومن الاثار المترتبة على تزويج الصغيرات
الاضطرابات النفسية حيث يمكن أن تعاني الفتيات القاصرات من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق نتيجة للتغيرات الكبيرة في حياتهن والضغط النفسي المترتب على المسؤوليات الزوجية.اضطراب ما بعد الصدمة تعرض الفتاة الصغيرة للزواج القسري أو المبكر قد يؤدي إلى اضطراب ما بعد الصدمة، خاصة إذا تعرضت للإيذاء الجسدي أو النفسي.
انعدام الثقة بالنفس قد تعاني الفتيات من انعدام الثقة بالنفس والشعور بالدونية، حيث يشعرن بأنهن غير قادرات على التحكم في حياتهن.
العزلة الاجتماعية قد تتعرض الفتيات المتزوجات في سن مبكرة للعزلة عن أقرانهن والمجتمع، مما يزيد من شعورهن بالوحدة والتهميش.
التكيف السيء مع الأدوار الزوجية يمكن أن يكون التكيف مع الأدوار الزوجية والأمومة صعبًا جدًا للفتيات الصغيرات، مما يؤدي إلى شعورهن بالإرهاق والضغط النفسي.اما من حيث لآثار الجسدية فتعاني الفتيات
المضاعفات الصحية للحمل والولادة جسم الفتاة الصغيرة قد لا يكون مستعدًا جسديًا للحمل والولادة، مما يزيد من مخاطر حدوث مضاعفات مثل الولادة المبكرة، وتسمم الحمل، ومشاكل الحوض.
سوء التغذية قد يؤدي الحمل في سن مبكرة إلى سوء التغذية، خاصة إذا كانت الفتاة لا تحصل على الرعاية الصحية الكافية أو النظام الغذائي المناسب.
مشاكل في النمو الزواج والحمل المبكر يمكن أن يؤثر على النمو الطبيعي للفتيات، حيث أن الجسم يستنفد موارد كبيرة في دعم الحمل بدلاً من إتمام النمو الطبيعي.
الإصابات الجسدية الفتيات القاصرات قد يتعرضن لإصابات جسدية نتيجة للعنف الزوجي أو ممارسة الجنس القسري. ومن حيث الآثار الاجتماعية والاقتصادية
التعليم والتطوير المهني الزواج المبكر عادة ما يوقف تعليم الفتيات ويقلل من فرصهن في الحصول على عمل مستقبلاً، مما يؤدي إلى دورة من الفقر والتبعية الاقتصادية.
الاستقلالية والحرية الفتيات المتزوجات في سن مبكرة غالبًا ما يفقدن الاستقلالية والحرية في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياته.
تزويج القاصرات هو قضية متعددة الأبعاد تؤثر بشكل عميق وسلبي على الصحة النفسية والجسدية والاجتماعية للفتيات. تعتبر التوعية والمبادرات القانونية والتعليمية ضرورية للحد من هذه الممارسة وضمان حقوق الفتيات في حياة صحية وآمنة ومستقبل مشرق.. هذا الاستثناء يفتح الباب أمام تزويج القاصرات تحت ضغط العائلة والتقاليد الاجتماعية.
ومن الأبعاد الاجتماعية والثقافية لهذه الظاهرة
تعكس ظاهرة تزويج القاصرات في العراق تداخلاً معقداً بين التقاليد الثقافية والدينية والضغوط الاقتصادية. في العديد من المجتمعات الريفية والعشائرية، يُنظر إلى الزواج المبكر كوسيلة لحماية الفتيات وضمان مستقبلهن. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر الزواج المبكر وسيلة لتخفيف العبء الاقتصادي عن الأسرة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
تتخذ بعض المنظمات غير الحكومية خطوات لمواجهة ظاهرة زواج القاصرات. تشمل هذه الجهود حملات التوعية والتعليمية التي تهدف إلى تغيير المفاهيم الاجتماعية حول الزواج المبكر، بالإضافة إلى تعزيز دور القانون في حماية حقوق الفتيات. رغم هذه الجهود، لا تزال هناك تحديات كبيرة تتطلب تعاوناً أكبر من جميع الأطراف المعنية.
الإحصائيات الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى
و قد أصدر مجلس القضاء الأعلى في العراق تقارير دورية تتعلق بتزوج القاصرات، والتي تُظهر معدلات تثبيت عقود الزواج الخارجي (أي الزواج الذي يتم خارج المحاكم الرسمية). وفقًا للإحصائيات، شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في عدد حالات الزواج الخارجي التي يتم تثبيتها رسميًا لاحقًا في المحاكم. على سبيل المثال، أظهرت تقارير مجلس القضاء الأعلى زيادة في حالات الزواج الخارجي المثبتة بنسبة تتراوح بين 20% إلى 30% سنويًا.
هذه الإحصائيات تُظهر أن هناك عددًا كبيرًا من حالات الزواج التي تتم خارج الأطر القانونية الرسمية، وهو ما يعكس التحديات التي تواجهها السلطات في تطبيق القوانين المتعلقة بزواج القاصرات. إن هذه الزيادة في حالات تثبيت عقود الزواج الخارجي تشير إلى أن الأسر تفضل في كثير من الأحيان إتمام الزواج خارج المحاكم لأسباب تتعلق بالضغوط الاجتماعية أو الاقتصادية.
الخاتمة :
إن ظاهرة تزوج القاصرات في العراق تتطلب مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد القانونية، الاجتماعية، الثقافية، والصحية. لا يمكن حل هذه المشكلة من خلال تعديل القوانين فقط، بل يجب أن تشمل الجهود التوعية والتثقيف وتمكين الفتيات وأسرهن من خلال برامج اجتماعية واقتصادية. إن تحقيق التوازن بين احترام التقاليد الثقافية وحماية حقوق الإنسان يمثل التحدي الأكبر في هذا السياق.
في النهاية، من المهم التأكيد على أن الآراء الفقهية ليست ثابتة، ويمكن أن تتغير بتغير الزمن والظروف الاجتماعية. من الضروري أن يستمر الحوار بين الفقهاء والمفكرين الإسلاميين لإعادة النظر في الفتاوى القديمة بما يضمن حقوق الإنسان ويحافظ على القيم الإسلامية الحقيقية التي تدعو إلى العدل والرحمة والإنسانية.....
ونحن نشدد انه الى هذه اللحظة المشرعين العراقيين متمسكين بهذه القوانين وليس هنالك اي امل لهؤلا الاطفال بالحماية من هذه الافعال لسبب بسيط ان المشرع العراقي مؤمن بتزويج الصغيرات ويرى الموضوع غير قابل للنقاش . ويستمر اغتصاب الصغيرات في بلدي وتموت العديد من الصغيرات لتصبح مجرد رقم او ذكرى في الطب العدلي فبدل ان تكون طفلة اكبر احلامها هو فستان جميل او لعبة جديدة يرقد جسدها المنتهك باردا على اسرة الطب العدلي .