المحمدية: قضية كنزة العاملة المنزلية وما عرفته من تطورات



أحمد رباص
2024 / 7 / 23

بعد تعرضها للاستغلال والتعذيب والاستعباد، تمكنت كنزة، عاملة منزل بالمحمدية تبلغ من العمر 27 عاما، متحدرة من سيدي حجاج بإقليم سطات، من الفرار من بين أيدي "جلاديها" بفضل مساعدة سائق سيارة أجرة. تقدمت بشكوى مشغليها وطالبت من العدالة إنصافها.
خضعت كنزة، يوم الجمعة الأخير، إلى “عملية جراحية في يدها اليمنى” استمرت ثلاث ساعات. لكن حالتها البدنية تتطلب عملية أخرى. وأذاعت وسائل إعلام محلية أنها ستضطر إلى الخضوع لعملية جراحية أخرى في أنفها بسبب الكسور، مضيفة أن الموضع المذكور، بحسب الأطباء، يعاني من التهاب وتورم منذ فترة.
كما خضعت كنزة لفحوصات طبية أخرى من أجل إعداد “تقرير مفصل” عن حالتها الصحية حتى تتمكن من إحالتها إلى الطبيب. وسيتعين عليه أن يمنحها شهادة طبية لتدلي بها في إجراءاتها القانونية.
انتشرت قصة الشابة على مواقع التواصل الاجتماعي. عملت كعاملة منزل لدى عائلة ثرية بعد أن قبلت عرضًا من زوج أختها عندما كانت حياتها "طبيعية". وبحسب شهادة كنزة فإن الشهر الأول كان «هادئاً». منذ يناير 2024، أصبح التعاون صعبًا. وتقول الفتاة البالغة من العمر 27 عاماً إنها كانت تتعرض يوميا للمضايقات، والمعاملة الوحشية والتجويع. ومن مجالي العنف الذي أكده الأطباء الذين فحصوها: آثار عنف وضرب بالعصا تعود إلى فترة قديمة نسبياً.
صرحت كنزة أيضاً بأنها أُجبرت على النوم "على الأرض"، واتباع "نظام غذائي جاف يتكون من وجبة واحدة في اليوم"، وتحمل الإهانات اليومية.
بمساعدة سائق سيارة أجرة، تمكنت كنزة من الفرار. وتم نقلها إلى الدرك الملكي، وتقدمت بشكوى ضد مشغلتها، مطالبة بتحقيق العدالة: "بغيت حقّي”.. “أنا عيانة”.. “تعداو عليا بزاف"..
لكن في مقطع فيديو منشور على شبكات التواصل الاجتماعي، ينفي أحد أقارب الزوجين المتهمين من قبل أقارب كنزة بشكل قاطع المعلومات التي نشرتها الشابة، وبرأ الزوجين المتهمين،مؤكدا أن كنزة كانت لديها دائمًا إمكانية "الهروب" من المنزل إذا كانت قد تعرضت للإيذاء.
بيد أنها سردت كيف أنها كانت تُستبعد من مهمّة رمي المهملات خارج البيت التي كان يضطلع بها نجل الأسرة؛ وذلك خشية أن تهرب وتفضح ما جرى، مبزرة أنها في أحد الأيام تمكنت من الفرار وهي تنفذ أمر رمي الأزبال، فانتهت حينها شهور من الاحتجاز، وفق تعبيرها.
هل أخذ التحقيق مجراه؟ جوابا على هذا السؤال، قالت الأستاذة فتيحة شتاتو، المحامية العضو في فدرالية رابطة حقوق النساء، إن “التحقيق لابد أن يفتح بشكل مستعجل لتحديد كافة ملابسات الأقوال التي تقدمت بها كنزة”، معتبرة أن “المتهم بريء حتى تثبت إدانته، خصوصا أن هذه الأقوال تحمل تهما خطيرة، بما فيها الاحتجاز والتعذيب”، وأضافت موضحة: “لكننا مع ذلك لا نرجو أي رحمة قانونية لفائدة هذه العائلة إذا ثبت فعلاً أنها قامت بهذه الأفعال التي تكتسي صبغة جنائية”.
ونبهت شتاتو إلى “المسألة التي ناضل من أجلها الحقوقيون، وهي عبء الإثبات، الذي سيسقط على عاتق الضحية في هذه القصة، خصوصا أن الأفعال تقول المدعية إنها حدثت في المنزل، أي في نطاق خاص تنتفي فيه إمكانية الاستماع إلى شهود غير أفراد العائلة”. لكن من الملاحظ في خرجات كنزة أنها كشفت أن مساعدة أخرى كانت تأتي إلى منزل هذه العائلة، و”أشعرتها الضحية بما يجري”، ويمكن العودة إليها.
من جهة أخرى قالت تفس المحاميةإن “التحقيق لابدّ أن يحدد كافة الملابسات المرتبطة بهذا الموضوع، ومن الضروري أن يهتدي إلى شيء ما”، مضيفة: “نحن في دولة الحق والقانون، ولا يمكن أن نسمح بضياع حقّ هذه السيدة”، ومؤكدة على أن “كل مذنب لابد له من عقاب، وذلك حتى نقطع مع منطق سابق اتضح فيه إفلات العديدين من العقاب بطرق مختلفة”.
كما ركزت الناشطة الحقوقية على “ضرورة الحفاظ على كافة حقوق الضحية، وأن تتوفر إجابات حقيقية حول هذا التعذيب”، وتابعت: “مبدئيا يفترض أن مساعدة منزلية لابد أن تجازى ماديا ومعنويا لا أن يمارس عليها العنف؛ مع أننا ننتظر أن تتّضح الصورة أكثر وتتوفر ردود الجهة المتهَمة”، وختمت بيانها الصحفي قائلة: “هذه أيضا فرصة لننادي بتوفير حماية للنساء، خصوصا المنحدرات من فئات هشة”.