تهافت البرلمان العراقي في تعديل قانون الأحوال الشخصية وتشريع زواج القاصرات



أسيل العزاوي
2024 / 7 / 25

يعد العراق من أولى الدولة العربية المتقدمة في الانضمام إلى (اتفاقية سيداو CEDAW عام 1979م)هي الشرعية الدولية لحقوق المرأة. وتسعى هذه الاتفاقية في القضاء على اشكال التمييز العنصري والطبقي والديني ضد المرأة، واحترام وجودها كإنسانة تحظى بالمساواة القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، ومن جانب أخر تسعى الدولة العراقية بنظامها الديمقراطي بعد 2003م في العمل على زياد وعي النساء وتمكينهن اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وجعلهن رائدات في بناء حياة اجتماعية جيدة ؛ لكنه تمكين لا يخرج من حيز النمطية المجتمعية ومراعاة الثقافة الذكورية والسلطة الدينية في أغلب بنوده . ومازالت الدولة العراقية أيضا لم تلق بالا ولا وزنا في إرساء مشروع تنويري لوزارة المرأة التابعة لرئاسة الوزارة فهي وزارة مهملة ومهمشة بميزانية مالية فقيرة جدا ، وبقيت أهم التحديات التي تواجها المرأة العراقية مركونة على رف البرلمان، وتقف الأكثرية من الإسلام السياسي وأنصار الثقافة الذكورية من مجلس النواب بالضد من إقرار القوانين التي تحمي المرأة ، ويعزز هذا الرفض الصوت النسوي الضعيف للبرلمانيات التابعات للأحزاب ويقفن أغلبهن ضد المرأة وحقوقها. فمازال قانون العنف الأسري معلقا ولم يحسم أمره لحماية المرأة والطفل مع تصاعد جرائم قتل النساء و تعنيف الأطفال وقتلهم ، فضلا عن قانون جرائم غسل العار الذي يطبق بالعراق بشكل شرعي وهي جرائم تتجاوز القانون في تطبيق الأعراف العشائرية والعادات البالية على المرأة وحياتها وجسدها، فضلا عن إهمال ملف النساء العراقيات الإيزيديات الناجيات من جرائم داعش الإرهابي .كان الأجدر في البرلمان مناقشات وإقرار قوانين تحمي المرأة وحقوقها وليس سلب حقوقها ، لاسيما فيما تعانيه طبقات الفقيرة من النساء العاملات في امتهان أجسادهن وكرامتهن ومنهن : المشردات ، النساء اللائي يعملن في الدعارة والمخدرات ، الراقصات في النوادي الليلة ، فضلا عن التحديات القمعية التي تعاني منها المرأة الريفية في التعلم والعمل والصحة، وتمارس عليها سلطة العادات البالية بشكل مضاعف في سلب حياتها وحريتها وأحلامها.
وعلى الرغم من التحديات التي تواجها المرأة العراقية في مجتمع ذكوري بامتياز،لا يحترم المرأة ولا يعترف بحريتها وحقوقها ونص المساواة القانونية، يرفع نواب عن الإسلام السياسي الشيعي مسودة للرئاسة البرلمان في تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959. ينطلق هذا القانون في إرساء التمييز القانوني والديني ضد المرأة الناضجة المتزوجة ، وضد الطفلات الصغيرات في اغتصابهن في ماسموه (الجنس الحلال) من خلال العودة إلى براثن الفقه الإسلامي الذكوري المتزمت وتطبيقه بدلا عن القانون المدني والمحكمة التي تجرم زواج القاصرات واغتصابهن باسم الدين ، فضلا عن ضياع حقوق المرأة المتزوجة وسلب أطفالها وحرمانها من النفقة في حال لم يغتنِ من جسدها وعزوفها عن تقديم الخدمات الجنسية له، وبالتالي يتم تجريد القضاء القانوني المدني من سلطته التشريعية، تصبح المحاكم وسيلة لتغطية هذه الجرائم قانونيا. ويعد تعديل القانون الأحوال الشخصية انهتاك صريح لحقوق الإنسان وتجاوز بربري على مبادئ الديمقراطية في إعادة ثقافة الجواري والحريم، عبر إزاحة القوانين الوضعية وتسييد الثقافة الصحراوية وتشريع العنف الفقهي في زواج الطفلات بالعودة إلى السلفية الجنسانية ،وطمس كل معالم الحداثة العلمانية ، عبر إحلال المدونة الفقهية بشقيها المذهبي والطائفي هو تجاوز على الدولة والقانون ، وتأكيد رجعي ومتطرف في الغلو الديني من خلال ممارسة السلطة الذكورية الذهانية المتعصبة اتجاه الفتاة الصغيرة في استباحت طفولتها وجسدها التي كانت سائدة قبل أربعة عشر قرنا في التاريخ الإسلامي. ويندرج تمرير زواج القاصرات /اشتهاء الطفلات بمثابة قانون يحمي ويداعب الاستيهامات الجنسية لدى المرضى النفسيين البيدوفيلين في الاعتداء على الفتيات الصغيرات وانتهاك اجسادهن.
بينما تسعى الدول العلمانية الديمقراطية في استبدال الموروث الصحراوي الديني بقيم إنسانية نبيلة تحترم المرأة وحريتها ورغباتها، وإسدال الساتر على الحقبة المظلمة من التاريخ الفقهي لدى المسلمون الأوائل بوصفها مرحلة تاريخية انتهى زمنها في ممارسة العنف الجنسي واستلاب أجساد الطفلات ،ولا يجب أن تعامل معها بوصفها فقها شرعيا وقانونيا. فإن زواج الطفلات هو جريمة ضد الإنسانية وتأكيد على سلب الطفولة واجبارهن أن يعشين مرحلة عمرية تتجاوز أعمارهن. ويسن زواج الطفلات بالقصور السيكولوجي عند الرجل أيضا وخروجه من فطرته السليمة ،و توليد لديه حالة من العنف والخلل الذاتي والأخلاقي في اشتهاء الطفلات وليس المرأة الناضجة . ويعود سلبا هذا النسق اللاأخلاقي على الطفلة والمجتمع ، ويشكل من جانب آخر ضغطا مزدوجا عند ولي أمرها في تزويجها وهي صغيرة. فضلا إنها ستربي جيلا مشوها ؛لأنها طفلة لا تملك التجربة ولا العلم ولا الثقافة فهي مقموعة خانعة وخاضعة في المنزل وظيفتها الانجاب والخدمة .ويرتبط زواج الطفلات في استهلاك الأنوثة المبكرة لدى المرأة إذ يربط وجودها بجسدها وقدرته على الانجاب ،فإن انقطاع الطمث تنتهي حياة المرأة وتدخل في سن اليأس ثقافيا واجتماعيا. أما الرجل فحياته لا تنتهي عند السبعين أو ربما لوقت موته، مع تناسي قد يكون مريضا أو عاجزا جنسيا. لذا يرغب بتعدد الزوجات حتى لو لم يكن وان هناك سببا يدفعه لذلك.