-زهرة الصمود في صحراء القيود: المرأة في زمن الجراح-



هيفين عمر
2024 / 8 / 1

في زمن تُنهَش فيه المرأة، حيث تُسلب كرامتها وتُقيد حريتها بأغلال الأعراف والتقاليد البالية، تقف المرأة صامدةً كجبلٍ شامخٍ يرفض الانحناء لعواصف الظلم والاضطهاد. إنها زهرةٌ تنبت في صحراءٍ قاحلة، تتحدى عطش الأرض لتُزهر بألوان الحياة، معلنةً أن قوتها لا تُقاس بما يُفرض عليها من قيود، بل بما تحمله في قلبها من إصرارٍ وإيمانٍ بجوهرها النقي.

في هذا الزمن، تُصبح المرأة رمزاً للصمود والبقاء، تتحدى بقلبها الكبير وجسدها الضعيف تلك النظرات الدونية التي تُحاول تحجيمها وتقليص دورها. في كل يوم، تُثبت المرأة أن قيمتها ليست بما يرتسم على وجهها من جمال، بل بما تزرعه في محيطها من حبٍ وحنان، وبما تقدمه للمجتمع من عطاءٍ لا ينضب.

هي الأم التي تُربي أجيالاً على قيم الحرية والعدالة، هي الزوجة التي تدعم شريك حياتها وتقف بجانبه في السراء والضراء، هي الأخت التي تكون سنداً لأخيها في أوقات الشدة والرخاء، هي الصديقة التي تستمع وتنصح وتُخفف عن الآخرين همومهم وأحزانهم.

لكن رغم كل هذا العطاء، لا تزال المرأة تُعاني من جراحات الماضي، من تلك القوانين والأعراف التي تُحاول تقييدها وتحديد مكانتها. في هذا الزمن، يُصبح واجبنا كمجتمع أن نقف بجانب المرأة، أن نمنحها حقوقها الكاملة، أن نُزيل عنها كل تلك الأغلال التي تُعيق حريتها ونموها. علينا أن نُدرك أن تطور المجتمعات ورقيها لا يمكن أن يتحقق إلا بإعطاء المرأة المكانة التي تستحقها، بتمكينها من أن تكون هي نفسها، بكل ما تحمله من قدرات وأحلام وطموحات.

فيا ليتنا نُعيد قراءة التاريخ بعيونٍ جديدة، نرى فيها المرأة كركيزة أساسية لبناء الحضارات، لا كمجرد تابعٍ يُنفذ الأوامر. علينا أن نُدرك أن النهضة الحقيقية تبدأ من تحرير المرأة من كل تلك القيود الظالمة، وإعطائها الفرصة لتُبدع وتُساهم في بناء مستقبلٍ أفضل للجميع.

المرأة في زمن تُنهَش فيه، تُعلمنا درساً في الصمود والعطاء، تُرينا أن القوة ليست في الجسد، بل في الروح التي تأبى الانكسار، في القلب الذي ينبض بالأمل رغم كل الصعاب. إنها تُعلمنا أن الأنوثة ليست ضعفاً، بل هي سر الحياة وجوهرها، وأن تحرير المرأة هو تحريرٌ للإنسانية كلها.
إلى كل امرأة تجتاز دروب الحياة الوعرة، اعلمي أنكِ لستِ مجرد كيان مادي يتحرك في هذا الوجود، بل أنتِ تجسد روحاً أزلية تحمل أسرار الكون بين طياتها. تذكري أن جمالكِ يكمن في قوتكِ الداخلية، تلك القوة التي لا تُقاس بما يُرى بالعين، بل بما يُشعَرُ بالقلب. كوني كالنهر الذي يتدفق بحرية، لا تعيقه الصخور بل تزيده عزماً وإصراراً. لا تنسي أن في كل جرحٍ يكمن درسٌ، وفي كل تحدٍ يتوارى سر النمو والارتقاء. كوني أنتِ الفيلسوفة التي تكتشف معاني الحياة في خضم الفوضى، وكوني الشاعرة التي تكتب بأحرف من نور على صفحات الزمن. إنكِ الحلم والواقع، البداية والنهاية، فلا تتوقفي عن البحث عن ذاتكِ الحقيقية وسط هذا العالم المتغير.