السرج المذهب لا يجعل الحمار حصانا



مهدي عقبائي
2024 / 8 / 2

في مشهد يعكس استمرارية نظام ولاية الفقيه، أدى مسعود بزشكيان اليمين الدستورية كرئيس جديد لإيران يوم الثلاثاء 30 يوليو. وفي خطابه أمام البرلمان، أكد بزشكيان مراراً وتكراراً التزامه بتنفيذ برامج "القائد المعظم" علي خامنئي، موقعاً بذلك على ما يمكن وصفه بوثيقة الاستسلام للنظام.
افتتح بزشكيان خطابه بتمجيد رموز النظام، بدءاً من الخميني مروراً بقاسم سليماني وصولاً إلى إبراهيم رئيسي، مشدداً على "متابعة السياسات التي أعلنها خامنئي". كما أكد التزامه بدستور ولاية الفقيه، مشيراً إلى ما أعده له المرشد الأعلى في المستقبل.
من جانبه، لم يترك خامنئي مجالاً للشك في توجيهاته لبزشكيان، سواء في مرسوم التنصيب أو خطابه. يمكن تلخيص هذه التعليمات في كلمة واحدة: الخنوع. على غرار ما كان عليه الحال مع سلفه إبراهيم رئيسي. كما حذر أتباع خامنئي بزشكيان من تجاوز الحدود المرسومة له، مطالبين إياه بالتركيز على القضايا الاقتصادية وتجنب المسائل الحساسة مثل الحجاب وحرية الإنترنت.
في السياسة الخارجية، اتبع بزشكيان نهج خامنئي، مكرراً الشعارات المعتادة حول قضية فلسطين، مستخدماً إياها كغطاء للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان في إيران.
هذا الموقف لاقى ترحيباً من محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان، الذي أكد دعم المؤسسة التشريعية لحكومة بزشكيان طالما "التزمت بهذه المبادئ".
التحذيرات والمخاطر
يأتي خضوع بزشكيان للمرشد الأعلى في وقت يحذره فيه بعض مؤيديه من مصير الرؤساء السابقين، منبهين إياه إلى خطورة المستنقع الذي وقع فيه.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة "جهان صنعت" مقالاً يوم 30 يوليو، أشارت فيه إلى "المشاكل والأزمات التي وصلت إلى حد الانفجار دون مبالغة... وعرضت سفينة النظام لخطر الغرق". وخاطبت الصحيفة بزشكيان قائلة: "يجب اتخاذ إجراءات جذرية لإصلاح طريقة إدارة شؤون البلاد محلياً ودولياً. قبل أي شيء، يجب إزالة العقبات التي تعترض علاقات إيران مع العالم الخارجي. يجب إنهاء العزلة الطويلة والمكلفة التي عانت منها البلاد، وإلا فإن أي وعود بحل المشاكل الاقتصادية ستكون بلا قيمة".
حذرت الصحيفة بزشكيان من أنه أمام خيارين لا ثالث لهما: إما إيجاد طريقة للتغلب على العقبات الدستورية خلال فترة قصيرة، مستفيداً من خبرته البرلمانية، أو الاعتراف بعجزه والعودة إلى مهنة الطب "بإذن من المرشد الأعلى".
في هذا السياق، يمكن تطبيق المثل العربي "السرج المذهب لا يجعل الحمار حصانا" على وضع بزشكيان. فمهما حاول النظام الإيراني تجميل صورة الرئيس الجديد بوعود براقة وإصلاحات سطحية، فإن الواقع يظل أن بزشكيان مجرد أداة في يد خامنئي، ولا يمكنه تغيير جوهر النظام القمعي.
لكن يبدو أن كاتب المقال تجاهل تعهدات بزشكيان المتكررة بـ"الحفاظ على النظام" وولائه لخامنئي. فقد أكد الرئيس الجديد مراراً أن مبدأ ترشحه في الحملة الانتخابية كان "الحفاظ على النظام"، وأنه تمت الموافقة عليه كرئيس بناءً على قناعة راسخة والتزام عملي تجاه خامنئي.
في النهاية، يبدو أن بزشكيان ليس على مفترق طرق كما يصوره البعض، بل هو غارق بالفعل في مستنقع الخضوع للنظام. ومع التزامه الواضح بنهج أسلافه والتبعية المطلقة لخامنئي، لا يبدو أن هناك مساراً آخر أمامه سوى الاستمرار في الغرق في قاع هذا المستنقع، متجاهلاً التحديات الهائلة التي تواجه إيران داخلياً وخارجياً.
بهذا، يمكن القول إن بزشكيان، رغم توليه منصب الرئاسة، لا يملك القدرة على إحداث تغيير حقيقي في سياسات النظام. فهو مجرد واجهة جديدة لنظام قديم، يعكس المثل العربي "السرج المذهب لا يجعل الحمار حصانا".