ظاهرة العنوسة في لبنان.. أسباب ثقافية واجتماعية



جبار عودة الخطاط
2024 / 8 / 15

ظاهرة العنوسة، أو النساء العازبات في لبنان، تشكل أرقًا إجتماعيًا لدى الأوساط المعنية بالحفاظ على النسيج الإجتماعي في بلاد الأرز؛ برغم بأن نساء لبنان معروفات بالجمال والأناقة، وحينما تحاول الإستفسار عن سبب عدم الزواج متوجهًا بهذا التساؤل للمرأة اللبنانية التي تجاوزت العقد الرابع من عمرها، ولم تتزوج تلمس تحفظها السريع على مفردة العنوسة، وتصر على عنوان المرأة العازبة؛ حيث تلمس بشكل واضح الإعتداد بالشخصية؛ رافضة نعت غير المتزوجة بالنقص، ويبدو إن للمرأة اللبنانية أولويات أخرى في سياق حياتها !
للوقوف على الأسباب الكامنة خلف ظاهرة النساء العازبات في لبنان كان لنا جولة سريعة هذه حصيلتها:

محطتنا الأولى كانت مع الكاتبة والناشطة الإجتماعية (صفاء شميساني) التي بادرت بالإجابة على سؤالنا بالقول:
"هناك عدة عوامل قد تسهم في تجربة بعض الفتيات اللبنانيات للعنوسة، منها:
1.الظروف الاقتصادية: الوضع الاقتصادي الصعب في لبنان قد يجعل الفتيات يواجهن صعوبة في إيجاد فرص عمل مستقرة وبالتالي تأخير الزواج.
2. التحديات الاجتماعية: ثقافة المجتمع والتوقعات الاجتماعية قد تضع ضغوطًا على الفتيات بشأن الزواج، وتقييدات العائلة والتقاليد قد تكون عائقا أيضًا.

3. التوترات السياسية والاقتصادية:
الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي تعصف بلبنان قد تؤثر على استقرار الأسر وتؤدي إلى تأخير الزواج للشباب.

4. التواجد الكثيف للنازحين السوريين: وجود عدد كبير من النازحين السوريين في لبنان قد يؤثر على الديناميات الاجتماعية والاقتصادية وقد يزيد من المنافسة على فرص العمل والإسكان، مما يؤثر على قرارات الزواج.

5. تأثير الثقافة الغربية:
انتشار وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي قد يؤدي إلى تأثيرات ثقافية تجعل الشباب يركزون أكثر على تحقيق الأهداف الشخصية والمهنية قبل الزواج" .

بينما يرى المحلل والباحث في علم الاجتماع طلال عتريسي أنه فيما يخص المجتمع اللبناني تعد الأنثى عانسا عند تخطي سن الثلاثين، في حين يعد الذكر عانسا عند تجاوزه سن الأربعين.
ولفت إلى أن معدل سن الزواج ارتفع خلال السنوات الأخيرة ليصبح بين 25 و30 سنة، مبينا أن لهذا الأمر جوانب عدة سلبية.
وبين عتريسي أن التأخر في سن الزواج يؤدي لانخفاض معدل إنجاب الأطفال، الأمر الذي يجعل مجتمعاتنا "هرمة"، وتفتقر للشباب كما في المجتمعات الأوروبية.
ويحذر عتريسي من أن تأخر سن الزواج قد يؤدي لزيادة إمكانية الانحراف في العلاقات وانتشار الفساد، وهذا يعارض العادات والقيم التي تسير عليها مجتمعاتنا، مشيرا إلى أن سلبيات هذه الظاهرة أكثر من إيجابياتها"

بدورها تؤكد الناشطة الاجتماعية رُبى شكر أن " لا مشكلة ابدا تتمثل في عدم زواج المرأة ..فهي مثلا لا تريد الزواج الآن، وهي متصالحة مع نفسها في الوقت الحاضر، ولا ترغب في الإقدام على هذه الخطوة، لأنها قد تفقدها حريتها، وحين يفقد المرء حريته فإنه يفقد إنسانيته، ولهذا فهي تبحث عن شخص يرتبط بها ولا يسلبها حريتها التي تعتبرها أعز ما تملك"
وهي ترى "أن أولويات الحياة تتبدل، ففي كل مرحلة أولوية تتقدم على الأخرى كالعمل والعائلة والنشاطات الاجتماعية، ولهذا فإن هناك تدرجا في هذه المواضيع، وليس بالضرورة أن يكون الهم الأول والأولوية الأولى هو الزواج، ولكن المجتمع لا يتفهم هذا الموضوع"