المراحل التاريخية الاربعة لفلسفة الجندر او النسوية الغربية



محمد احمد الغريب عبدربه
2024 / 9 / 8

هذا عرض موجز لجزء مهم من كتاب النسوية وما بعد النسوية للمحررة سارة جامبل، والتي ترجم من المجلس الاعلي للثقافة، عام 2002، من ترجمة احمد الشامي، ويستعرض المراحل الاربعة المهمة في تاريخ النسوية الغربية، وليس العالمية والعربية، وتعتبر الموجة الثانية وهي التطور الثالث اهم المراحل لانه تحولت توجه النسوية من فكرة الحقوق الي الهوية وذات المرأة.

الفصل الاول : بواكير النسوية
ملامح عامة
تستعرض الكاتبة ستيفاني هودجسون، في بدايات الفصل عدة نقاط حول بواكير النسوية وهي الفترة التي تمتد من ( 1550-1700)، حيث أشارت ان الحرمان من الحقوق شملت الرجال والنساء وذلك فيا يتعلق بالتصوت والتعليم الجامعي، والحقوق العامة، ولكن اوضاع المرأة بشكل خاص كانت سيئة في كل من ( العمل- الملكية- حق الزواج والابناء)، وكان العمل النسائي اتسم في هذه الفترة باللاعقلانية والتركيز علي الأسرة دون التحول المدنية.
تطورات المرحلة
وشهدت هذه الفترة حسب قول الكاتبة وتفنيدها علي عدة تطورات وانجازات في حقوق النساء، منها تغيير بعض القوانين للمرأة، والاستماع الي النقد الديني، حيث كانت هناك مناقشات مع الرب والنص الديني، فمثلا جين انجر كانت لها رؤيى جديدة لسفر التكوين، وان المرأة خلقت لمساعدة الرجل، ونفي اللوم عن الانثي فيما يتعلق بسقوط البشرية، والمرأة خلقت من جنب الرجل. وايضا كانت هناك تطورات ايجابية أخري تعلقت بوجود الكثير من الكتابات الادبية والشعر حول اوضاع المرأة، بالاضافة إلي ظهور بعض النماذج النسائية مثل الملكة اليزابيث, فترة طويلة في الحكم من 1558-1603، أنا ملكة الدنمار/ الكونتيسة بيمبروك.
الحراك النسائي
ناقشت سيتفاني العديد من التحركات النسائية في هذه المرحلة التي امتدت الي اكثر قرن ونصف، وضربت امثلة تكوين جمعية الكويكرز : جمعية الاصحاب، والتي أدت الي الدعوة للمسأواة بين البشر أمام الرب، والادلاء المرأة برأيها في المحافل العامة، وأيضا معهد مريم المباركة وهي طائفة دينية راديكالية ولها دعوات للحقوق المرأة.وكانت دعوات نسائية لمناقشة مفهوم النظام الابوي، وحيث ظهرت دعوات لمواجهته.
ويلاحظ ان هناك بعض الابعاد الثقافية للنسوية خلال هذه الفترة، حيث اشارت الكاتبة الي وجود دعوات سحاقية والعلاقات بين المرأة والاخري./ الدعوة الي فحص ثقافة المرأة/ اوضاعها الاجتماعية السيئة/ مواجهة الدونية.
ستيفاني والنسوية
يمكن مناقشة وعرض بعض الملاحظات الاسئلة علي كاتبة الفصل، فيمكن توجيه بعض الاستفهامات ومنها ( الي اي مدي أثر الحراك النسوي في واقع المرأة الحقيقي وتطورها في فترة البواكير؟/ ماهي تأثيرات الكتابات النسوية في حقوق المرأة والتغيير؟/ إلي مدي أثر تغيير القوانين في وضع المرأة؟/ مدي تأثير الثورة الصناعية في القرن السابع عشر علي اوضاع المرأة؟/ ما هو تأثير الاوضاع الاجتماعية علي المرأة بخلاف ما ذكرته الكاتبة من قوانين الزواج ؟/ . ما هو تأثير ارهاصات العصورالوسطي علي اوضاع المرأة؟).
ويمكن الأشارة الي بعض الملاحظات حول الكاتبة سيتفاني، وطريقة تناولها لموضع فترة البواكير للنسوية، حيث اتجهت الي الكتابة التاريخية البحتة، والسرد التاريخي . لم تتجه الي تحليل السياق الاجتماعي والثقافي بشكل كبير، ولكن سرد تاريخي معلوماتي فقط. تميز اسلوبها ببعض التحيز للمرأة علي حساب اوضاع الرجال، ولم تذكر بعض كتابات الرجال حول المرأة، ال هاينريش كورنيليوس أجريبا، وكتابه “حول تفوق الأنثي او سمو ذلك الجنس فوق الذكر” الصادر عام 1529، والكاتب الانجليزي توماس اليوت وكتابه “الدفاع عن المرأة الصالحة،” عام 1540، والكاتب “ادوارد جوسينهيل” اول نقاش اجتماعي حول النوع في كتاب “ بيت/ مدرسة المراة” عام 1554.
وذكرت ان ارسطو ضد المرأة وذلك في عرضها للكتابات الكلاسيكية تجاه المرأة، وأنها ادني شأنا من الرجل، ولم تشير الي بعض الكتابات الكلاسيكية الاخري التي كانت مع المرأة مثل افلاطون.



الفصل الثاني
الموجة النسوية الاولي
يلاحظ ان الكاتبة لم تشير كثيرا الي الاوضاع السيئة المرأة او عرض نقدي لحقوق المرأة، وذلك قد يكون لثبات الوضع نسبيا للمرأة من خلال فترة البواكير، وما حدث هو تحسينات لاوضاع المرأة، وقد اشارت سريعا الي اوضاع الزواج للطرفين، حيث حق الطلاق كان مكلف للطرفين، بالاضافة إلي أن المرأة كانت مكرمة في بيت الزوجية، وواجب الزوج في الانفاق.
انجازات وتطورات ايجابية
شهدت هذه الفترة تطورات كثيرا للمرأة حيث حدثت اصلاحات في قوانين المرأة وفي التعليم، التأكيد علي أهمية الجمع بين المسؤوليات الاسرية والمدنية. والتركيز علي فكرة الطبقة الوسطي، وتوحيد صفوفها، والبحث عن الاستقلال المادي. و
ومن ابرز التطورات هو ظهور الاتجاه العقلاني وذلك في سياق ظهور ثورة العقل والتنوير. فكانت هناك افكار وكتابات ستيورات ميل: حول المرأة وذلك في سياق العقلانية الفكرية حيث رفض قمع المرأة/ معاملة العبيد للمرأة/ التمييز القانوني ضد المرأة/ مفهوم طبيعة المرأة امر مصطنع/ رفض التبعية القانونية بين الجنسين/ المساواة في الحقوق.
وكانت هناك كتاباات طومسون التي تناولت توضيح الفرق بين المشكلات لكل فئات النساء المتزوجات والغير اللذين يعيشون في ظروف معينة، بمعني الانتباه الي الاحتياجات المختلفة . والكاتبة ماري ولستونكروفت والتي ركزت كتاباتها حول الاتجاه العقلاني، والجمع بين المسؤولية المدنية والاسرية، والاستقلال الاقتصادي والتعليم. وماري اليسالتي اهتمت بتحليل اوضاع وعمل المرأة في المصانع خلال الثورة الصناعية.
الحراك النسوي
ذكرت الكاتبة بعض الحراك النسوي،حراك شارع لانجهام، والذي كان حول دعوة النساءالي حل مشكلة الاستقلال الاقتصادي عند الزواج. بالاضافة الي قضية كارولين نورتون حول حضانة الاطفال، وكانت دعوة منها تحت اسم مستعار كتابات لاصلاح قوانين حضانة الاطفال. واخيرا دعوة 25 مرأة للمطالبة بالملكية بالمرأة المتزوجة وتم السماح بذلك.
سلبيات
ومن خلال قراءة نقدية للفصل الثاني يممن الاشارة ان هذه الفترة شهدت بعض
الملامح السلبية منها ،عدم الاهتمام بالكتابات النسوية كتابات ولستونكروفت هذه الفترة شهدت تطور انتقائي حيث شخصيات محددة طورت الحركة بأهداف معنية. وفي المجمل يمكننا القول بعدم اكتمال المشروع الاصلاحي الكلي للمرأة. ويمكن الاشارة الي عدم استجابة الكتابات لواقع المرأة، ولتباين في المواقف، وعدم العمومية .وهذه المرحلة اتجهت إلي الاعتماد علي الرجل في المطالبة بالحقوق وبأنها مرحلة انفعالية.


الفصل الثالث
الموجة النسوية الثانية
ملامح عامة
اهتمت الكاتبة سو ثورنام، بعض الكثير من الكتابات التي ظهرت خلال هذه الفترة، والتي بدئت في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، وقد رأت الكاتبة ان هذه الموجة تجمع اهداف الموجه الأولي ولكنها تبحث في اهداف ابعد من فكرة المساواة وتعتبر مرحلة اكثر تعقيداً من الاولي، وتعتبر ثورية وجماعية، وقد ركزت ايضا علي الحراك النسوي بجانب الكتابات النسوية المتعددة التي شهدت طفرة كبيرة مقارنة بالموجة الاولي .
الحراك النسوي
ذكرت الكاتبة بعض من التحركات والنشاطات النسوية المتعددة منها، مظاهرة سبتمبر 1968 التي كانت احتجاجا علي مسابقة ملكة جمال امريكا، والتي كانت تدعو الي رفع مستوي وعي المرأة، وهي نقلة نوعية، وكانت هناك نشاط نسوي لليبرالية الراديكالية، وهم ناشطات في المجال السياسي اليساري الراديكالي، بالاضافة الي مؤتمر وطني لتحرير المرأة في كلية راسكن عام 1970، والذي كان يهدف الي الوحدة في الصوفف، والعمومية والاستقلال الجنسي، واهداف اخري تعلقت بالنضال الطبقي والثوري، والوعي السياسي والاجتماعي.
وذكرت أن الحركات السياسية مثل الحركات النضالية والاجتماعية وحركات مواجهة الاستعمار والعنصرية كان لها الاثر في النسوية ولكن اختلفت في امريكا عن انجلترا، حيث كانت اهداف المرأة في الولايات المتحدة تتمحور حول التحرر الجنسي، والحركة الطلابية، والوعي، وثورة الجسد، ومواجهة الاستعماروالعنصرية، ورفع الوعي، وحركة النساء السود، والامر في انجلترا ارتبط باليسارية الراديكالية، والاشتراكية النسوية، والنضال العمالي، والابعاد الاجتماعية للنضال الطبقي.
الكتابات المتعددة
عرضت الكاتبة سورنام، الكثير من الكتابات التي شهدتها هذه الموجة، منها النسوية بيتي فريدان ( السحر والانثي : 1965)، وجيرمين جرير( المرأة المخصية : 1971)، جولييت ( سلطة المرأة: 1971). وعرضت ابرز افكارالفيلسوفة النسوية سيمون دي بوفوار حول الحضارة والثقافة، ووعي الذات، وادراك الذات، والثورة الثقافية. وكتابات كيت ميليت حول الابوية مؤسسة سياسية، والرجل التسلطي الاستعماري، والعناصر الثقافية والايدولوجية، والكاتبة شولاميت فايرسترون حول التفرقة علي نوع الجنس، والفروق البيولوجية، والثورة الماركسية.



الفصل الرابع
ما بعد النسوية
الموجة النسوية الثالثة، او المرحلة الرابعة من تطور النسوية، شهد الكثير من التطورات والتي توأمت مع مرحلة ما بعد الحداثة، لذا قد تسمي وفقا لكاتبة الفصل سارة جامبل مابعد النسوية، فهي غيرمحددة المعالم، ولا يوجد تعريف لها، واتسمت بأنها نقد ساخر شبه فكري للحركة النسوية، وتعتبر رد فعل مدمر للموجة . وايضا الاهتمام بالنسوية واختلاف الاهداف بشكل جذري، واتسمت بالنزعة الإنسانية الليبرالية، ورفضت في هذه المرحلة الكثيرمن الافكار، مثل رفض اعتبارالمرأة ضحية، وأنها غير قادرة علي السيطرة علي حياتها، ورفضت ايضا فكرة مواجهة السلطة الأبوية، والدعوة نحو المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة دون تفرقة.
اشكاليات مثارة
سارة جامبل اشارت ان هذه الفترة اثارت إشكالية مفهوم النسوية والملامح له، وايضا وهي فترة إشكالية في العموم، وبها اختلافات، ولكنها فترة خطية، وليس بها تطور نوعي، وهي في المجمل تدعو الي الحرية المطلقة والمساواة الكاملة، مثل ظهور فكرة التهجين، ومبدأ التعددية والاختلاف، والمنظرة السوداء بل هوكس، والتركيز علي العمل السياسي والظلم الاجتماعي، وجيرمين جرير، وكتاب “ المرأة الكاملة”.
التحرر الكامل
اكدت سارة جامبل أن هذه الموجة الاخيرة من النسوية، اتسمت بالتحرر والمجتمع الاستعراضي والدعوة الي الحريات الجنسية، وظهور جماعات تجرير المرأة بشكل كامل ، وصحافة سرية ودوائر راديكالية، وجماعات حرة، واتسمت هذه الاجواء بالصخب، وبأنها سياسية ثورية، والصوات الواحد، والذات الأنثوية.