حول الاعتداء على المتظاهرات والمتظاهرين من ذوي المهن الطبية



نساء الانتفاضة
2024 / 9 / 10

منذ بداية الاحتجاجات التي نظمها مجموعة متظاهرات ومتظاهرين من ذوي المهن الطبية والصحية والتمريضية دفعة 2023، في جميع المحافظات العراقية، إذ مر اكثر من عام عليها، وقد جوبهت تلك الاحتجاجات السلمية بالتسويف والوعود الكاذبة تارةً وبالقمع والاعتقالات والاعتداءات الجسدية التي طالت العشرات منهم نساء ورجال من قبل الاجهزة الامنية تارةً اخرى.

وعلى الرغم من وجود قانون يلزم السلطة بتوفير فرص عمل لهذه الشريحة من الخريجين، الا انها وكعادتها تعمل على تسويف المطالب وتجاهلها وتوعد بالحلول، التي لم تزد الامر سوى تعقيدا اكثر.

تتلخص مشكلة هذه الشريحة من الخريجين الذي يقدر عددهم بـ 60 الف عامل وعاملة بإعلان وزارة الصحة عدم الحاجة اليهم بسبب الاعداد الفائضة منهم في المستشفيات والمؤسسات التابعة لها. غير ان الواقع يقول عكس ذلك، اذ تشير الحقائق والتقارير الرسمية الى ان الممستشفيات والمراكز الصحية في البلاد تعاني نقصا واضحا بالكوادر الطبية والتمريضية وكوادر الإسعاف، وان اقسام الطوارئ والعيادات الاستشارية داخل المستشفيات الحكومية تتحدث عنها طوابير الانتظار للمرضى والمراجعين.

وبينما تتفاقم ازمة النظام السياسية ومع استمرار تهالك البنى التحتية للبلاد، على مدار العشرين عاما الماضية، وفي ظل حكم الاحزاب الطائفية والقومية المتطرفة، عانت الجماهير وما تزال تعاني من الويلات والافقار القهر والخراب. ما يدفع المواطنين من مختلف الشرائح الى الاحتجاج والتظاهر ضد السياسات التي تتبعها السلطة وخصوصا ارتفاع نسب البطالة بين الخريجين.

ان الاعتداء الاخير الذي حدث لخريجي المهن الطبية في الثالث من شهر ايلول الجاري ليس المرة الاولى بل حدث لمرات عديدة، وهذا الاعتداء شبيه باعتداء قوات الشغب على اصحاب الشهادات العليا والتي انبثقت عنها انتفاضة اكتوبر 2019 التي شكلت كابوساً لأحزاب النظام، اذ تم قمع حملة الشهادات العليا وخصوصا النساء ورشقهن بالماء الحار ما اثار غضب الجماهير التواقة لمجتمع تسوده حياة الرفاهية والحرية والمساواة، وحفز الجماهير الى الانتفاضة عارمة اجتاحت البلاد آنذاك.

ان قمع الخريجات والخريجين بهذه الطريقة الوحشية والمهينة مرفوض، فلا تكتفي القوى البرجوازية الذكورية المهيمنة على الحكم في العراق بمحاولة إصدار تشريعات رجعية تجاه النساء، تعزز اضطهادهن وقهرهن وتنتهك حقوقهن وتشرعن قتلهن؛ بل دأبت الى ضربهن وصعقهن بالعصي الكهربائية عند مطالباتهن بحقوقهن المشروعة بالحصول على فرص عمل بشكل صريح وعلني وامام أنظار الجميع, اذ ظهرت مقاطع فيديوهات نشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي لحظات الاعتداء على النساء بتمزيق ملابسهن وضربهن، وقد صرح نقيب الاطباء مؤخرا بان: ‏(احد النساء تم الاعتـداء عليها بالضـرب وتمزيق القميص وظلت في الملابس الداخلية)، دون ادنى اعتبار لإنسانية الكائن البشري، فيما يعيد النظام تدوير وتكريس هذا الاضطهاد قولًا وفعلًا.

لقد خلف نهب وفساد النظام البرجوازي تأثيراً خطيراً على الظروف المعيشية للمواطنين، فهو لا يقدم أي مخرج للطبقة العاملة في العراق وخصوصاً الفئات الاجتماعية المهمشة والأكثر تضرراً كالنساء، حيث انعكس تردي الواقع الاقتصادي وغياب الحماية وعدم الحصول على عمل والتمييز الذي تعاني منه النساء في مختلف المفاصل، بالإضافة لقضايا تقع على عاتقهن كخدمات الرعاية المجانية التي يقدمنها للأطفال والمسنين والمرضى ما يفاقم من معاناة النساء.

إن النضال من أجل حقوق النساء من ذوي المهن الطبية والتمريضية، هو جزء من نضال النساء من مختلف الشرائح المطالبة بالعمل، ويجب الوقوف معهن ومع كل المطالبين والمطالبات بفرص العمل على مستوى العراق.

اسيل سامي