يطالب الشعب بالتغيير .. والبرلمان يسعى للتبديل التعسفي



علي عرمش شوكت
2024 / 9 / 13

هنالك مثل شعبي يقول ( العافية بالتداريج ) ويعني بمراحل .. هكذا درج الساعون الى ايقاف بناء الدولة الديمقراطية وتأسيس دولة دينية، واخذوا لتعبيد طريقهم، رسم خارطة الوصول الى هدفهم عبر قضم القوانين التي تنطوي على قواعد ديمقراطية. بالتزامن مع تصعيد المناخ " الروحاني " بزج عدد كبير من رجال معممين للتهجم على القوى المدنية، وصاروا يمارسون محاولات صادمة منذ نحر انتفاضة تشرين الباسلة، على وجه التحديد، تمثلت بطرح قوانين لها اثر كبير على حياة الناس الاجتماعية، مثلاً وليس حصراً " القانون الجعفري " الذي كان مولوداً من رحم مفهوم المكونات. فهو كان ولا زال يشكل الممهد والفاعل الطائفي لتمزيق وحدة الشعب العراقي. مما انتج صراعاً طائفياً ساخناً راح ضحيته الالاف من القتلى على الهوية. اخذاً ردحاً من الزمن الى ان اسقطه وعي الناس والاخوة الرصينة بين مختلف فئات الشعب العراقي.
وبعنجهية مسلحة بالغة من قبل القلة الحاكمة، يتواصل السعي والمماحكة المذهبية متجاوزاً وعابراً للحدود الدستورية، يصاحبه الازدراء بارادة الاغلبية من المواطنين، متمخضاً عن قضم متواصل من جرف ما سميت بالديمقراطية وتهديم السد الوطني، على غرار ذلك الفأر اللعين الذي هدم سد مأرب.. مبتدئ بثقب صغير.. وهنا تمثل بالعودة الى التعسف بقانون الاحوال الشخصية، هذه المرتبة الاجتماعية الاكثر حساسية وخطورة ولم يشتك منها احد من العراقيين منذ خمسة وستون عاماً عمر القانون ، والمتعلقة اساساً برصف الناس على رصيف المواطنة الرصين. سعياً منهم لاظهار ملامح " المشروع الاسلامي" طغياً بالحكم وبغفلة ضياع التوازن البرلماني الذي برز على اثر انسحاب التيارالصدري .
تلزمنا المخاطر المتوقعة جراء ما اقدم عليه البرلمان ذو الطبعة الفريدة بالامس القريب والذي يخلو من المعارضة، بتعديل جائر على قانون 188 لسنة 1959 ، ولا غرابة اليوم ازاء ما طرح من ذات الجهة الحاكمة شبه بلاغ وعلى لسان السيد المالكي بقوله ( ان الاحزاب هي السلطة الرابعة ) ويقصد احزابهم الحاكمة، حيث كان يوحي قطعاً و يقصد الزحف حتى على الاعراف التي ارست تعريفة اقدم من زمن اباحة التجاوزات على القوانين والاعراف المرعي، بكون الصحافة وبمعنى اوسع الرأي العام هي " السلطة الرابعة " ليغتصبها قولاً اذا جاز هذا التعبير، و يمنحها بما لايملك المتحدث شرعاً الى الاحزاب الحاكمة .!! .
بمعنى من المعاني، لا مناص من ان تكون كل السلطات تحت سيطوة المتنفذين حصراً، و الاستحواذ حتى على الاعراف وليس القوانين فحسب. الامر الذي يومئ الى ان السعي متواصل بـ " التداريج " على حد المثل الشعبي وهو لا يخلو من اظهار التصميم على منهج التبديل لاي نفس ديمقراطي، و كمغالبة مع مطلب الاغلبية بالتغييرالضروري للنظام الذي من ابرز فقاعاته توطين منابر الفساد التي امست لاتعد ولا تحصى هذا وناهيك عن الفقر والبطالة والمخدرات وهدر السيادة. والتهديد بافلاس الدولة بسبب انخفاض اسعار النفط المخيم شبحه على الابواب.
والعودة على بدء ان ما طرح في البرلمان حول قانون الاحوال الشخصية كان مغلفاً بمغالطات. مدعين اصحاب التعديل بانه من وحي " الشريعة " بغية ان يحترم. ولكنهم اول من تجاوز عليه، حينما حاصرهم الرأي العام المعارض الغاضب، وذلك بتغيير عمر الزواج للقاصرات من تسع سنوات الى اربع عشرسنة، وتعديلات اخرى لا تمت للشريعة بشيء .. حسناً ماقاموا به من تغيير في مفاهيهم رغم بساطته.. ولكن اين هذا من ادعائهم الالتزام بالشريعة. الا يكشف ذلك تخبط وجهل وخداع وتعسف بالقوانين والشرائع .. متى يرعوي هؤلاء المدعون.