18 سبتمبر اليوم الدولي للمساواة في الأجور



دينا الأمير
2024 / 9 / 15

المساواة بين الجنسين في العمل حق أساسي من حقوق الإنسان وأمر بالغ الأهمية لتعزيز الحماية والرفاهية لجميع أفراد المجتمع. نصَّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته رقم (23) على: أنه «لكل شخص حق العمل، وحرية اختيار عمله، في ظل شروط عمل عادلة ومُرضية، وله الحق أيضاً في الحماية من البطالة، ولجميع الأفراد – دون أي تمييز – الحق في أجرٍ متساوٍ على العمل المُتساوي».

تحيي الأمم المتحدة اليوم الدولي للمساواة في الأجر في 18 سبتمبر من كل عام، بهدف إبراز الجهود طويلة الأمد نحو تحقيق المساواة في الأجر عن العمل متساوي القيمة، وتسليط الضوء على الفجوة بين أجور الرجال والنساء في مختلف القطاعات والمهن وحق النساء في الحصول على فرص التوظيف والترقية والتدريب، وتعزيز التزامات الدول والمنظمات والشركات والأفراد باتخاذ إجراءات فعالة للقضاء التمييز.

بعد دخول النساء في قوّة العمل بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وعدم مساواة أجورهن بأجور الرجال، أطلقت «اتفاقية رقم 100» والتي عُرفت باسم «اتفاقية المساواة في الأجور لعام 1951». تُعدّ هذه الاتفاقية أول صك دولي يُقر مبدأ «مساواة العمال والعاملات في الأجر عند تساوي قيمة العمل»، واعتمدت في المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 29 يونيو 1951، ودخلت حيز التنفيذ في 23 مايو 1953. وفي مصطلح هذه الاتفاقية في المادة (1-ب) تشير عبارة: (مساواة العمال والعاملات في الأجر لدى تساوي قيمة العمل) إلى معدلات الأجور المحددة دون تمييز بسبب إختلاف النوع.

كما عرّفت «منظمة العمل الدولية» أن مفهوم «المساواة في الأجر مقابل العمل ذي القيمة المتساوية» يؤكد على حق النساء والرجال في الحصول على أجرٍ متساوٍ عن العمل المتساوي القيمة، ويضمن المساواة في أجر الوظائف المتطابقة أو المتماثلة، والمساواة في أجر الوظائف المختلفة، ولكنها متساوية في القيمة.

وفي عام 2017 تأسس “التحالف الدولي للمساواة في الأجور” بتعاون من منظمة العمل الدولية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. يهدف التحالف الدولي تحقيق المساواة في الأجور بين النساء والرجال في كل مكان، من خلال الجمع بين مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة ذات مجالات وخبرات مختلفة لاتخاذ خطوات ملموسة لتسريع سد فجوة الأجور بين الجنسين وتحقيق المساواة في الأجور في جميع البلدان والقطاعات الاقتصادية.

وعلى الرغم من التقدم المحرز في النهوض بواقع المرأة ومشاركتها في سوق العمل، وتصدى قوانين أغلب البلدان للتمييز في الأجور وفرض المساواة في الأجر عن الوظيفة المماثلة، لا تزال المرأة تتقاضى أجراً أقل من الرجل عن العمل ذاته، وفي أغلب الأحيان يتم حصر النساء في الوظائف متدنية الأجر أو التي تتطلب مهارات أقل. كما تقضي المرأة حوالي ثلاثة أضعاف عدد الساعات التي يقضيها الرجل في أعمال الرعاية والعمل المنزلي غير مدفوعة الأجر.

وفق تقديرات أممية لعام 2023، تقدر فجوة الأجور بين الجنسين بنسبة تقترب من 20% لصالح الرجال على مستوى العالم. كما تعاني النساء من البطالة أكثر من الرجال في جميع أنحاء العالم. وتشير أيضاً إلى أن الفقر وعدم المساواة والحرمان في الوصول إلى الموارد والفرص التي تحد من قدرات النساء أدى إلى بطء تقليل الفجوة بين الجنسين.

إن خطة أهداف التنمية المستدامة 2030 تتناول العمل اللائق والنمو الاقتصادي والمساواة بين الجنسين وتمكين النساء. حيث يركز الهدف الخامس على المساواة بين الجنسين والقضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء. أما الهدف الثامن فإنه يعزز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام وتوفير فرص العمل اللائق للجميع وإتاحة الفرص للجميع للحصول على عمل منتج يدر دخلاً عادلاً ويحقق الأمن في مكان العمل. والهدف العاشر يدعو للحد من أوجه عدم المساواة التي تُمثل تهديداً للاستقرار الاجتماعي والسياسي.

إن التمييز وعدم المساواة بين الجنسين والتفاوت في الدخل بين الرجل والمرأة وبطالة النساء مازال قائماً، ويلقي بتداعياته السلبية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولتعزيز المساواة والقضاء على التمييز في العمل ولخلق عالم تسوده العدالة والرفاه واحترام حقوق المرأة يتطلب تظافر جميع الجهود المجتمعية وخاصة الحكومية، بوضع قوانين صارمة وفرض عقوبات على المخالفين وتمكين النساء اقتصادياً.

هذه الظاهرة تجد لها تجليات في المجتمعات المختلفة، بما فيها في مجتمعنا البحريني، فبين الأوجه الكثيرة من التمييز التي تنال المرأة، تبرز عدم المساواة في الأجور، وهي وإن لم تكن قاعدة عامة، لكنها موجودة في حالات ومؤسسات كثيرة، وهي قضية بحاجة لأن تكون محط اهتمام ومتابعة من مؤسسات المجتمع المدني، خاصة منها تلك المهتمة بحقوق المرأة، في اتجاه أن تكون المساواة في الأجور قاعدة ينصّ عليها القانون، ويضمنها.