قوانين لصيانة كرامة المرأة أم تحط من كرامة وكيان المجتمع



محمد الكحط
2024 / 10 / 8

نقف اليوم عند منعطف للطرق بين البعض من يحاول أعادة عجلة الزمن الى الوراء، لكنها تسير للأمام بسرعة هائلة مما يصعب عليهم ليس اللحاق بها فقط، بل حتى عدم فهمهم لما يدور في العالم من تطورات وتغيرات منها السلبي ومنها الايجابي، والسلبيات كثيرة والجميع أو معظمنا يقف ضدها، لكن اليوم هنالك من انجازات عظيمة للبشرية، وها هي الحياة تبدو أسهل وأجمل عن السابق في معظم البلدان المتطورة، لكن شعبنا لازال معزولا وغير قادر على اللحاق بعجلة التطور بسبب عدم توفر البنى التحتية لذلك، فلا كهرباء تحرك ماكنات الصناعة والزراعة وتلبي حاجة البحوث العلمية، ولا مؤسسات رصينة مستقلة للدولة تعطي مجال للمبدعين والعلماء العراقيين فرص العطاء والنجاح، بل العكس حيث لا يعطى لهم المجال بسبب سياسة المحاصصة سيئة الصيت في بناء وتنظيم الدولة وتقاسم مواردها بيد حفنة من اللصوص والسياسيين الذين لا تهمهم مسألة تقدم العراق ونهضته، لذا يقف العلماء والخبراء والمبدعين معزولين عن ادارة الدولة وتقديم خبراتهم لها لتتقدم الى الأمام.
التطورات في العالم أعطت حقوق إضافية للمرأة وكرمتها، فها هي اليوم معلمة وطبيبة وعالمة ووزيرة ورئيسة وزراء ورئيسة دولة، ناهيك عن دورها في العائلة كأم وأخت وزوجة والبنت والعمة والخالة وربة بيت ... الخ، وتسن القوانين وتعدل لضمان أكبر قدر من المساواة لحقوقها مع أخيها الرجل، وهكذا تقدمت هذه الأمم من خلال مساهمة نصف المجتمع الآخر في العمل والبناء والتربية، ولم تبقى حبيسة المنزل، واليوم في العراق نجد معظم النساء تكمل تعليمها الجامعي لكنها تبقى دون تعيين أما لعدم قبول عائلتها أو زوجها، أو لعدم توفر فرص عمل مناسبة لها، بسبب البطالة العامة في العراق وعدم القدرة على تشغيل الشباب لتوقف عجلة البناء والأعمار.
اليوم يخرج علينا البعض وبدوافع غير طبيعية ويريدون سن قوانين أكثر من مجحفة بحق المرأة وبالضد من صيانة كرامتها، يريدون تجريدها من بعض المنجزات التي تحققت لها عبر نضالها الطويل والصعب في العراق، وتحط هذه القوانين المقترحة من كرامة ووحدة العائلة وتعمق التفرقة في المجتمع العراقي الذي يأن من الصراع الطائفي والمذهبي والعرقي، وما يراد تطبيقه يزيد الطين بلة، فهل نحن بحاجة لذلك، أم نحن بحاجة الى مزيد من القوانين الحديثة التي تصون كرامة المرأة والطفل والمجتمع وتوحد صفوف الشعب العراقي، وتهيء سبل العيش الكريم لكل أبناءه. لا شك بأن هذا صراع بين قوى تريد العودة بنا الى الوراء وبين المجتمع العراقي بل والمجتمع الدولي كله الذي لا يرتضي ذلك.
اليوم يتطلب من الجميع الوقوف ضد ما يراد اقراره، وعلى القوى البرلمانية التي تحاول الدخول بمساومات لتحقيق أهداف معينة ويرضخوا للبعض الآخر متناسين أنهم هنا يمثلون الشعب العراقي بأكمله وليس فئة أو طائفة معينة فليس من الصحيح القول ان الجهة (س) تريد لقومها ذلك ولا نريد ان نقف ضدهم وكأن الأمر لا يعنيهم، لأن ذلك بالتالي ضد الجميع وبالمستقبل ستكون هنالك عواقب لا يمكن التكهن بتداعياتها.
نحتاج الى الوقوف يدأ بيد مع بعض لسن قوانين تخدم المجتمع وتسعى لتطوره وتحل مشاكله التي تفاقمت، والتفكير الجدي بأنهاء معاناته التي طال أمدها، لا العودة الى الوراء.