|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
كريمة مكي
!--a>
2024 / 10 / 30
حتى هذه اللحظة أتمنى أن أستيقظ فأجد أن كل ما حدث لنا ليس سوى كابوس مرعب و أن نعود كما كنّا من قبل... و في كل مرة أتأكد أنها الحقيقة المُرّة بعينها و أنه لا سبيل حتى للحلم بإمكانية أن يكون كلّ ما حصل مجرد حلم في شكل كابوس مرعب.
فجأة قامت الثورة الشعبية و فجأة صرنا أعداء الشعب و مصّاصي دمه، فما عاد لنا الحق في الفرح بهذه الثورة!! و كيف يكون لنا ذلك و علينا نحن هي قد قامت و هل من أحد ليُصدِّقنا إذا ما قلنا أننا تمنّيناها بقوّة و أنها خلّصتنا من طاغية قبض على أنفاسنا نحن بالذات بيد من حديد و تجسس حتى على حميميتنا و همساتنا و أننا معه كنا الأكثر قهرا و الأكثر خوفا و الأقل أمنا... و إن كنّا نبدو لهم من المتنفّذين.
لم نكن من عائلته التي يدلّل و لكن من حكومته التي يأمر فيها و ينهى لذلك كنّا مضطهدين منه في حكمه و ها نحن نُضطهد بجريرته بعد حكمه.
زوجي الذي سُمّي منذ سنتين في هذا المنصب الكبير حَفَرَ بأعصابه ليصل إليه، لم يساعده في ذلك سوى ذكاؤه المتوقد و طموحه الذي يُطاول السماء فهو ينحدر من عائلة متواضعة النسب و الثروة و من مدينة داخلية بعيدة عن الساحل التونسي منبت السياسيين الذين يساعدون بعضهم البعض على تسلّق المسؤوليات الحزبية و الحكومية دون كبير عناء.
ذكاؤه مشهود له من كل ملاحظ و لكنه منذ أن ترك التدريس بالجامعة ليتولى مهام حزبية و حكومية صار مجبرا على التغابي و على إخماد شعلة طموحه حتى لا يُعزل في أي لحظة، فالجواسيس و الكائدين يحيطون به من كل جانب و من شروط الانتساب لحكومة الطاغية أن يكون كل أعضاؤها مُنحني الرؤوس حتى لا يبرز من بينهم إلا رأس الرئيس، و كل من يتعمد الإطلالة برأسه في المشهد العام إلّا و يلقى حتفه السياسي فلقد كان حجّاج تونس في القرن 21 على تمام الأهبة لقطف كلّ الرؤوس التي أينعت و تلألأ بريقها في حدائق الخضراء.
لم يكن الأمر مقتصرا على السياسيين و إن كانوا الحلقة الأقرب إليه و الأضعف بل كان يشمل كل نجوم المجتمع من فنانين و نجوم كرة و رجال أعمال فكل من يبرز بشكل أكبر من اللازم حسب مقاييس النظام يتم تحطيمه بصورة أو بأخرى فلا صورة تعلو فوق صورة الرئيس.
لا أحد يعرف بالضبط عمن كانت تصدر التعليمات لكن المتأكد أن مستشاريه أرادوا أن يجعلوا منه شخصية عظيمة لا تشرق شمس الإعلام إلا عليها لتضيئها و تُلمعها.
كان هناك مخطط واضح لا شك و أنه بايعاز من مستشاريه الأقرب لجعله صورة و لو مصغرة من الدكتاتوريين الكبار، فتونس بلد صغير بعدد سكان غير كبير و لذلك كان يكفي أن يصنع لها بعض أبنائها دكتاتورا على مقاسها فيحكمها بالخوف لثلاث و عشرين عاما
و لكن ما ذنبنا نحن اليوم؟؟؟ نحن الذين لم نستفد منه وهو في الحكم و لا نحن ارتحنا برحيله بل ها قد أدخلنا رحيله في دوّامة عذاب لا يعرف مداها إلاّ الله.
ما حدث خلال الثورة كان مرعبا، في ظرف قصير انقلبت علينا الدنيا و انهارت حياتنا بلا مقدّمات ما بين إعلام و رأي عام يسبّنا و ينتهكنا بلا رحمة و أقارب و أصحاب أداروا لنا وجه التودّد فأذاقونا السّم الزعاف.
(يتبع)
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|