كنت سأكون...*لعنة المطبخ أم لعنة المنصب الجديد*!!



كريمة مكي
2024 / 11 / 14

و أعود لأرض الحمامات...و أسأل بيّة إن كان والدها أعلمها شيئا عنها فتجيب بالنفي!
و أظلّ أحدّث نفسي بغباوة الزوجة الحالمة وسط ركام الأحداث:
لا شك أنه كان بصدد بناء الفيلا ليفاجئني بها...أنا أعرفه ...لقد اعتذر لي مرة وحيدة عندما كنت مريضة - هو الذي لي أنا بالذات أبدا لا يعتذر- اعتذر وقتها لأنه لم يسأل عني و استمر دائم الغياب حتى و هو في البيت!!
قلت له يومها أن الطلاق سيكون مفيدا له أكثر مني فما فائدة البقاء مع امرأة لا يعنيه أمرها إن صحّت أو مرضت...
وقتها اعتذر...
اعتذر الذي لا يعتذر!! و حكى لي عن مشاكل في الحزب و مع أصهار الرئيس و قال أنه سيسعى ليعوض كل ذلك في أقرب وقت.
فرحت لاعتذاره و أشفقت لحاله و لُمت نفسي على لومي له...
و لكنه من بعد ذلك نسي وعده و اعتذاره و عاد لإهمالي!!
اليوم يحدثني قلبي بأنه قد يكون حان وقت تحقيق ذلك الوعد... ذلك الوعد بالذات رغم أنني لم أنسى أنه أخلف معي كلّ وعوده التي أغرقني بها في بداية تعارفنا.
قد يكون شرع في تحقيق ذلك الوعد عندما حصل على قطعة الأرض ليفاجئني به حين يكون جاهزا.
لطالما كان يقول لي في معرض حديثه عن نجاحاته: أنا رجل إنجاز و ليس رجل لغو و سفسطة و كلام.
كنت أجده رجلا ناجحا و مكافحا و لذلك استصغرت نفسي أمامه و رضيت لها بما لم أكن أبدا لأرضاه لنفسي.
لا بأس...ها هو قد شرع أخيرا في الاهتمام بي و ببناء البيت الجميل الذي حلمت به طويلا...
الحمد لله...
أن يأتي متأخرا خير من أن لا يأتي أبدا كما يقال.
و لكن لِمَ لم يُشركني في وضع مخطط البناء خاصة و هو يعرف هَوَسِي بتنظيم البيت و بالذات تغيير المطبخ بعد أن كرهت مطبخي الحالي الذي ما إن جدّدته بالكامل من مالي الخاص حتى توفّت أمي.
لقد حدّثته عن كرهي للمطبخ و للشقة بأكملها منذ وفاتها و لكنّه لم ينتبه لحالة الاكتئاب المفزعة التي عشتها و اكتفى بأن قال لي كالمعتاد أنه لا يستطيع الآن شراء بيت جديد لكي لا تكثر حوله الإشاعات و الأقاويل...
كان أخشى ما يخشاه أن يعزله بن علي فتحل عليه اللعنة و ينطرد من دنيا السياسة التي صارت معشوقته الوحيدة و زاد افتتانه بها عن كل حد في المدة الأخيرة.
صار يُكلمني باقتضاب جاف في موضوع البيت الجديد حتى لا أكرّر طرحه على مسمعه المشغول دوما بما هو أهم عنده من صحّتنا النفسية.
و كان أن فهمت ممّا قال و لم يقل أنه علينا أن نتحمل أكثر في سبيل هذا المنصب الجديد حتى لو قضيتُ اكتئابا... و قضى هو خوفا و ارتعابا.
(يتبع)