|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
كريمة مكي
!--a>
2024 / 11 / 21
صار منذ أن انخرط في السياسة و أخذت لُبَّهُ يُبالغ في تذكيري بواجبات زوجة المسؤول الكبير و بأنّ أي خطأ مني قد يُدمر مستقبله و يقضي على طموحاته.
عيّشني في خوف بالغ فنذرت حياتي للمنصب الذي لا يعنيني في الأصل بما أني كنت أراه، لا كما هو و الناس الغافلة تراه، بل بعين الفن البصيرة كنت أراه وحش مفترس للصحة و الأعصاب و وهم ماكر خبيث يفتك بالبهجة و بالأعمار.
كان حين يخيب في سعي ما...يظل متحسرا و مهموما يقول: هذه السياسة أحبّها و لكنها لا تبادلني الحب...
لم أكن أجده من أولئك السياسيين الحكماء الذين يكون همهم حقا إصلاح أحوال البلاد و العباد بل كان من المهووسين بالسلطة للتحكم في الناس و الانتقام من كل من يقول له لا...
كان يكره هذه الكلمة و يجن جنونه منها لذلك نزعتها من قاموسي و انخرطت في لعبة الحكم المدمرة في البيت فجعلته الغالب و جعلني المغلوبة!!
و أراه يخرج للعمل فيعود مغلوبا راضيا بغلبته إن في ذلك الحزب الكئيب الذي فارق حريته الغالية يوم دخله، أو أمام الرئيس و زوجة الرئيس و أصهار الرئيس.
لماذا خِفته و لم أتركه هو و المنصب الملعون...فبدونه كنت سأحيا أفضل: بعملي و بالفن الذي أعشق فوق كل عشق و إن كنت أهملته طويلا و تعمّدت هجره لفائدة زوج أناني و ابنة أكثر أنانية.
منذ بداية الزواج و هو يفتعل حركات غيرة جنونية بغير سبب واضح...و إذا طلبت طلبا بسيطا كالذهاب لبيتنا ليومين أو ثلاثة يقيم قيامتي.
غضبه كان يفزعني...
كانت روحا شيطانية دكتاتورية متلبسة به تجعله يتصور أنه وحده على صواب و كل من يعارضه يستحق السّحق...
و انسحقت خوفا من أن أفقده أو أفقد ابنتي و هما قد صارا كل حياتي.
انسجمت مع الرسالة التي تصوّرت أن القدر كتبها عليّ و لكن كما تقول أمي: ʺمكتوب و عاونتو بإيديʺ!!
لقد ساعدت القدر بيدي لينكتب عليّ هذا المكتوب الأسود...
أقنعت قلبي بحجج واهية فلم يعاندني كثيرا... و ظننتُ طويلا أنني أقنعته!
رسمتُ دورا انتحاريا لزوجة مثالية لا تخطىء و لا تتعب و لا تغضب و لا تثور...
أردت أن أبدو زوجة السياسي الملتزمة التي تعتني بكل شيء في البيت و تُصلح تقصيره مع ابنته و عائلتي و عائلته.
أعطيته عمري ليعيش به حلمه على أمل أن يكون لي نِعم السند يوم أحتاجه و يوم رحلت أمي و انهرتُ تماما... لم أجده معي، كعادته في تبرير هروبه مني: العمل و لا شيء غيره دائما في الوزارة أو في الحزب في أيام العمل و أيضا في أيام السبت و الأحد و إن بقي في البيت فهو على الهاتف مع صاحبه جلال يخططان،،، يحلّلان،،، يسبّان فلان و فلان.
كم كنت أرضى بتبريراته و إن لم يعتذر أعتذر لنفسي مكانه.
كيف صرتُ مدمنة عليه مع الأيام رغم أنه خالف معي كل مبادئ اليسار الذي كان أحد أبرز قادته في الجامعة و كنت أذهب خصيصا لجامعته لأسمع خطاباته الرنانة و أنتشي بها لأكتشف أني تزوجت يساريا منافقا أشدّ تزمتا من أبي.
كم كنت و أنا صغيرة أتمنى الزواج من رسام بوهيمي يموت و يحيا بين الألوان و يأخذني معه بعيدا لأقصى الأحلام.
و التقيت في الجامعة برجل من اليسار يُحسن فنّ الإغواء فغرّني معسول الكلام.
كم كان بخيلا معي ماديا و مشاعريا... و كم كنت راضية بلا هدف واضح و لكن كلّما ذكرتُ رسالته اليتيمة لي قبل الزواج غفرت له كل خطاياه في حقي و وعدت نفسي بقادم أفضل يوم يعزله الرئيس فيعود لعائلته و للتدريس.
يتبع
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|