(حملة 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة بين الامال والواقع)



رؤى زهير شكر
2024 / 12 / 10

رؤى زهير شكر

لأكثر من عشرين عاماً شكّل دخول مفهوم مناهضة العنف ضد المرأة والاحتفاء بها وبمنجزاتها وبما تقدمه للاسرة بشكلٍ خاص وللمجتمع بشكل أعم وأوسع، شكّل حرصا حكوميا للاحتفال بيومها العالمي في الثامن من اذار من كل عام، بشكل يصل حد المبالغة ، فضلا عن تأكيد الدولة العراقية حرصها ودعمها عبر حكوماتها المتعاقبة على اطلاق حملة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة من خلال اقامة مؤتمرات وورش واحتفالات وندوات ومهرجانات وعليه تتطلع المرأة العراقية الى اثر هذه البيانات والفعاليات ومدى تفعيلها على الجانب الانساني قبل النسوي ومدى مصداقية تفعيل توصيات كل المؤتمرات التي تقام خلال فترة الستة عشر يوما هذه .
إلا أن هذا العام كان مختلفاً بعض الشيء، إذ شهد يوم الخامس والعشرون من تشرين الثاني تسنم السيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني رئاسة الاجتماع الدوري للمجلس الأعلى لشؤون المرأة الذي حرص على تأسيسه وانطلاقه في وقت سابق، وهنا نقف وقفة جادة لأبرز ما جاءت به توصيات الاجتماع المذكور، فمن خلاله بارك المجلس نجاح عملية التعداد العام للسكان والمساكن في العراق، كونه يشكل قاعدة بيانات مهمة عن وضع المرأة داخل المجتمع، وإعداد الخطط اللازمة للارتقاء بواقعها ومن هذه النقطة بالتحديد ينبثق سؤال عن آلية إعداد الخطط اللازمة للارتقاء بها وبواقعها وهل ستوفر الدولة العراقية مكاناً آمنا وكريماً لعشرات النساء اللائي ينبشن النفايات على مداخل العاصمة بغداد ومخارجها ومعظم مناطق الطمر الصحي في البلد بحثاً عن فتات خبزٍ يسد رمقهن؟
فيما ركزت الفقرة الثانية على توجيه الوزارات بضرورة إشراك أكبر عدد من النساء المؤهلات ذوات الكفاءة في إدارة الأقسام، وتمكينهنّ من تولي المناصب العليا وهذه الفقرة بحد ذاتها لا يمكن تنفيذها كون أغلب المناصب الإدارية الحالية خاضعة لسلطة المحاصصة الحزبية ويتم جدولتها وفقاً للرؤية الذكورية وحتى العشائرية أيضاً فعلى سبيل المثال في إحدى دوائر الدولة نجد أن نسبة 4٪ من النساء قد حصلن على منصب مسؤول شعبة أو قسم ولم تتمكن إحداهن من الارتقاء حتى لمنصب مديرة دائرة ناهيك عن التعنيف الوظيفي الذي تكبدته الموظفات من السلطة الذكورية الحاليّة لمؤسسات الدولة.
أما ما جاء في فقرة إطلاق مبادرة (لها) التي تتضمن برامج تهدف إلى تمكين النساء اقتصادياً وتعزيز قدراتهنّ، ومنها مبادرة التوعية من الأمراض النفسية والجسدية الشائعة، فهو أمر بحاجة لإعادة قراءة واقعية كون الواقع الاقتصادي للبلد يمر بأسوأ مراحله وتمكين النساء اقتصادياً ضرب من الخيال إذ إن تمكين النساء العاملات في القطاع الحكومي أقرب لدبيب النمل فكيف بالقطاع الخاص واللائي تخرجن وأغلبهن من حملة الشهادات العليا ولم يحصلن على أية وظيفة؟ وهذا الأمر أكبر من مراجعة طبيب نفسي يعالج اكتئاباً، فحتى زيارة المراكز النفسية بحاجة لدعم مالي وهذا ما نفتقر له على أرض الواقع.
أما فقرة تسمية أحد الجسور باسم إحدى الشخصيات النسوية العراقية البارزة، وإقامة مهرجان شعري سنوي للنساء، فنساء العراق وأعلامهن الأدبية والثقافية والمرأة العراقية بشكل عام ليست بها حاجة لتسمية أحد الجسور باسمها أو إقامة مهرجان شعري لها، فالمبلغ الذي يتم صرفه على إقامةِ مهرجان شعري تصدح فيه الخطب والكلمات والولائم والمكافآت، تكون الأولى به الأرامل والثكالى، كما هو الحال مع المبالغ التي تم صرفها على جميع المهرجانات الشعرية السابقة من باب منحة الثلاثة مليارات دينار التي منحتها الحكومة الحالية لرعاية مهرجانات شعرية يعتلي منصتها ويقودها من مجدوا البعث يوما.