و أخفيتُ الإحساس الوحيد الذي سَنَدَنِي!



كريمة مكي
2024 / 12 / 13

لو تدري بية سارة...
لقد حاولت ترك الرسم و فشلت و حاولت إهداء اللوحات و خفت بعد أن تذكرت وعيد سي محمود يوم شجّعني على الرسم و على أن لا تتجاوز لوحاتي حدود هذا البيت!!
كم خفت منه...
هل خفت منه أم أني و قتها خفت عليه؟
كأني خفت عليه أكثر مما خفت منه على نفسي.
خفت أن تستفحل أمراضه بسببي...
كنت إذا عاندته في موقف ما يثور ثورة عارمة و يدخل في نوبة جنونية أبقى بعدها طويلا في حزن و في ندم لذلك صرت مع الأيّام أستخرس خشية أن تودي به غضبة من تلك الغضبات فأموت وقتها حزنا و ندما.
لم أستطع التخلص من شعوري بالأمومة تجاهه!
خوفي على صحته و راحة باله جعلني أقتل رغباتي... و كان أن قتلتني أجملها!
كنتُ مغرمة بالفنان الزبير التركي غرام ابنة بأبيها و أخفيت أجمل إحساس سندني في مِحني خوفا على محمود و طبعا على بية سارة!
كنت أرى في الزبير التركي الأب و المرشد و المعلّم و تمنيت الالتقاء به لأنسى خيبتي مع أبي و مع زوجي.
حب الأب لابنته و خوفه عليها لم أعرفه لا مع أبي و لا مع محمود و وجدته في رسام تونس الأجمل و الأرقى.
تخيّلته أبي و تماهيت مع الدور الذي اخترعته له في حياتي حتى صرت أعرض عليه لوحاتي ليناقشني فيها بأريحيته المعروفة و بلطفه و عطفه على الرسامين المبتدئين.
كنت في أحلك أوقاتي أشكو له قسوة أبي الراحل و حِدّة هذا الزوج المأخوذ بالبحث عن السراب في الخارج و هو لا يدري أن الكنز الحق كان في بيته و بالذات في قلب امرأة تفديه بنفسها و لكنه كان أعمى عن النظر إلى الداخل.
لقد عرّفني أبي على الزبير التركي من حيث لم يقصد فارتميت في بحر الفن الذي نهل منه الرسام حتى صرت أستاذة في الفن التشكيلي و أبي يتصوّر أنني أستاذة تاريخ إلى أن مات!
*مقتطف من قصة ʺكنت سأكون زوجة للدكتاتورʺ تونس 2011