المهم أن ترضى عنه الرئيسة!!



كريمة مكي
2024 / 12 / 24

لقد اتصلتُ به ذات مساء في المكتب بعد أن تأخّرت بيّة فأخبرني كاتبه أنه في اجتماع و لا يستطيع الرد عليّ و حين أعلمته أن الأمر يهم ابنته قال لي لقد أبلغته و قال لي أنه سيتصل بك بعد العاشرة و أضاف أنه الآن مشغول مع السيدة شقيقة المدام( أي شقيقة ليلى بن علي)!
كدت أنهار وقتها... أشقيقة المدام أهم عنده من ابنته التي لا ندري مصيرها... و منّي أنا أمّها و قد قتلني الخوف و الفزع؟
يومها عاد قبل العاشرة بقليل... كنت ملقاة على الصالون في انتظار الخبر المُميت!
دخل مبتسما منشرحا يعلمني أن بيّة ذهبت إلى توزر لحضور مهرجان الموسيقى الالكترونية و أنها أوصته أن يبلّغني بالأمر لأن هاتفها غير مشحون!
و لماذا لم تتصل بي بهاتف أحد أصحابها؟ سألته و قد عادت لي الروح بعد وقت مضى عليّ كأنه الدهر.
قال لي بشيء من الامتعاض: ألا تعرفين لماذا؟ لأنك كالعادة ستمانعين لأنك تخافين عليها من الطريق و لأنك ستذكرينها بأن الوقت وقت امتحانات إلى آخر اسطواناتك التي لا تنتهي...
قلت له في غضب: يعني أنك موافق أن تذهب إلى الجنوب بمفردها؟
قال لي: ليست بمفردها: معها أبناء عِلية القوم!!
قلت: كما هم معك في المكتب هذا المساء!
ردّ بابتسام مستفز: و من أخبرك؟ آه عبد الرحمان...هذا الكاتب لا يكتم سرّا...سأطلب من سميرة كاتبتي الكتومة أن تعوّضه في العمل مساءا.
كان يتكلّم بنشوة من كان برفقة شقيقة زوجة الرئيس التي يخيّل له أنها ستزوّده بما يريد و تعطي عنه أطيب الانطباع لدى الرئيسة و الرئيس.
كنت في كمد و حسرة منه و خاصة من بيّة ابنتي الأنانية التي آثرت فُسحتها فأعلمت أباها و أهملت والدتها!
دخلت المطبخ لآتيه بالعشاء و أنا في حالة خيبة و وهن مريع و سمعته يقول كالمتفاخر: ʺألم يعلمك عبد الرحمان أيضا بأن أخت المدام طلبت لنا العشاء.
لا تتعبي نفسك أنا ذاهب إلى النوم: غدا صباحا عندي موعد على أقصى درجات الأهميةʺ.
إذن كان يتعشيا سويا...
و هل كانا يتعشيان أم كانا في اجتماع عمل إلى العاشرة مساءا؟
و أي عمل معها كان يعمل؟ و أي أعمال تُعرف للطرابلسية إخوان ليلى و أخواتها غير الاستحواذ على الصفقات التي تعلنها الوزارات و المؤسّسات العمومية...!
أليست هذه أختها التي قيل أنها في علاقة غرامية مع رجل أعمال يصغرها بسنين حتى صارت مؤخرا حديث مجتمع السياسة و المال و الأعمال.
و لكن ما الذي بينها و بين محمود؟
أحقا بينهما عمل أم أنها صارت كالفنانات لا تستحي من المجاهرة بعلاقتها بأكثر من رجل واحد...
أتراه أعجبها فراودته أم هو من راودها لغاية في نفسه؟
صحيح أنّ محمود ليس وسيما لذلك الحد لكن تبقى عنده درجة كبيرة من القبول إضافة لانضباطه و جديته التي تجعله محط أنظار النساء الحالمات بأصحاب السلطة الأقوياء.
إنّ جنونه بالسلطة قد يدفعه لمراودتها... إني أعرفه، المهم أن ترضى عنه الرئيسة بعد أن رضي عنه الرئيس منذ أحداث الحوض المنجمي.
منذ فترة صار يلمّح لي تلميحا خفيفا أنه في سبيل الحفاظ على المنصب سيكون مجبرا على تقديم بعض التنازلات و لولا ذلك ما كان ليتنازل أبدا...
هل بدأت الآن مرحلة دخوله في دوّامة التنازلات التي لا مبادئ تصمد فيها و لا أخلاق و لا حتى رجوع عنها في المنتصف.
هل سيمنحها صفقات لا تستحقها أم سيمنحها ما هو أكثر حميمية؟!
*مقتطف من قصة ʺكنت سأكون زوجة للدكتاتورʺ تونس 2011