|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
محمد رياض اسماعيل
!--a>
2024 / 12 / 26
الزواج عقد مقدس بين اثنين لدفع عربة الحياة الى الامام ليولد افاقا جديدة، وفتح زمن الوجود الإنساني القادم نحو التمدد والتوسع، فلو لم يكن هنالك تناسل لما قامت حياة الانسان الى يومنا، ويمكن ان يتم التناسل خارج الزواج ويبقي على الوجود البشري وبالتالي توسع زمن الحياة على الأرض، ولكنها قد لا تهدي لحياة نوعية متطورة. مفهوم الزواج ليس بدعة او لعبة يقتصر على التناسل فحسب، بل تتعدى الافكار السطحية التقليدية للزواج بالإشهار والانجاب الى تحسين نوعية المجتمع وتطوير المفاهيم الاجتماعية والفكرية للانطلاق نحو حياة المستقبل أي بمعنى ان يصيغ ويفرش الزمن القادم بالطرق والمعايير المثالية، فلولا تحسين نوعية النشء الناجم من خلال هذا الرباط المقدس تلاشى زمن الانسان على هذه البسيطة وانتهى حياة وجوده عليها. ولو تركنا المفهوم التقليدي يسود على العلاقات الزوجية فإنها ستلد حياة جديدة ولكنها تبقى معاصرا زمنا قديما راكدا لا يصلح للعيش، وكذلك في التناسل خارج عقود الزواج، يدور فيه الانسان كالحبة في المسبحة، في حلقة فارغة لا تضيف شيئا لمستقبل آفاق الفكر الإنساني، مثلما كان يعيش حالة الضياع في العصر القديم بنزواته العاطفية كأي حيوان، قبل ان يُسدِل عليه مخاطر الوجود ستارا اسودا في النهاية ويصبح حياته على الأرض بحكم المنتهي. وهنا تجدر الإشارة الى انني لا اقصد بالزمن ما يتم حسابه في ايام التقويم السنوي والساعة واجزاءها التي تعتمد على دوران الأرض حول الشمس فتعاقب الليل والنهار، بل اقصد زمن الذاكرة البشرية التي تعتمد الماضي والحاضر الذي يبلور الماضي ويدفعه نحو المستقبل. أي كنا كذا وأصبحنا هكذا ولو فعلنا هذا نصبح كذا وكذا.. ولكل زمن حياة خاصة به.
ان حقوق النشء الجديد يفرض القدسية على عقد الزواج او ما يطلق عليه بالرباط المقدس، فكلما تحسنت بيئة العائلة وثقافتها اصبحت مدرسة لإنماء الفكر لدى النشء من كل جوانبه شريطة عدم فرض نمطية فكر معين عليه، ويصبح دور الحكومات مهمة للغاية في التمويل المادي بهدف الاستثمار الحضاري لإنشاء تلك البيئة ومن ثم إذابة الفوارق المعيشية الاساسية بين العوائل بكافة طبقاتها، خلال توفير هيكلية التصاميم الاقتصادية المعاصرة لمتطلبات المرحلة الحياتية القادمة للمجتمع باسره، ومن ثم تأتي مرحلة الإصلاح التعليمي التي تلي مرحلة النشء الأساسي في الأُسَر، ليصبح الجيل القادم على نفس خط الشروع للانطلاق نحو المستقبل.
عند تصميم الأحياء من قبل الخالق، زُرِعت فيها الشهوة الجنسية باختلاف أشكالها واصنافها، واصبحت غريزة اساسية لاستمرار الحياة ودفع عجلتها نحو المستقبل اي فتح آفاق الزمن لوجوده بمراحل، يمسح في كل مرحلة ذاكرة الانسان ليبدأ من جديد (من الصفر) ومن ثم يستقي ادراكه ووعيه للحياة من معين ما خلفه البشر في المجتمعات السابقة أي التكييف للماضي.. إذا قام الانسان على سبيل المثال، بخلق روبوت فان زمن الروبوت ينتهي بعد اختفاء صانعه بفترة قصيرة عند أي اختلال في بيئته وظهور اعطاب في أجزاء مكوناته، ولكن إذا تزاوجت الروبوتات من حد ذاتها او من تلقاء نفسها بدافع الشهوة او بغيرها من الدوافع التصميمية التي تُثَبتْ في لاوعي الروبوت، كأن يكون بدافع جنسي مثلا او بدافع الانجاب بجعل الحب لها نابع من جمال الأطفال (الابوة والأمومة) لاستمر الحياة، الحياة الذي أعنيه هو إدراك ووعي الروبوت لما حوله فيزيائيا نسلا بعد الاخر مع استمرار الذاكرة في الخزن والترقية.. العاملان الاساسيان هما الجمال والشهوة وتلحقها العوامل الاجتماعية التي تتم صياغتها وصقلها من قبل المجتمع والتي لا دخل للنوازع النفسية فيه.. اي ليست ضمن خوارزمية وجوده. فالروبوت سيكون أكثر ذكاء وأسرع تطورا من الانسان.
في البشر (س) يتزوج (ص) ويخلف (ع) ثم يتزوج (ع مع ل) ويخلف (ك).. (ع) مزيج من (س وص) و(ك) مزيج من (ع ول).. الذي يحصل هنا هو توسيع التخالط بين الناس ومط الحياة البشرية نحو المستقبل كما هو الحال في توسع الكون، وهذا التوسيع يولد التباين الشكلي والنفسي بين الناس. فترى أنف (س) تورث للأجيال القادمة ليظهر في (ك) مثلا والعينان في (ع) وهكذا يسافر العينان والأنف عبر الزمن في رحلة الحياة بالتنحي جيلا والظهور في جيل تالي، فيطير الانف او أي عضو اخر من بقعة في اقصى الأرض لتتحد بأعضاء أخرى في هيكله البدني أتت من بقعة في أدنى الأرض وأخرى أتت من اصقاع أخرى أبية على أي تغيير في الشكل والمحتوى. وتتغير مع ذلك أيضا الحياة شكلا ومحتوى في خلال هذه الرحلة، تسدل فيها ستارا على شريط ذكريات الأجيال البشرية التي تتقادم جيلا بعد جيل.. هنا الجميع تشارك في صناعة الحياة والزمن القادم وبالتالي المستقبل على الارض.. لا يلغي ذلك الا ارتطام أحد الكواكب بالأرض لتنهي كل شيء، اي ان بقاء الحياة على الارض يحددها عاملان التزاوج واختلال القوى المغناطيسية بين الكواكب بإرادة خارجة عن قدرة الانسان حاليا.. وهناك عامل ثالث هو تطور القدرة البشرية التدميرية للأرض من خلال التطور العلمي العسكري.. فللتطور ثمن باهض إذا لم تتطور معه الوعي الإنساني. اي إذا غلب الشر على الخير في نفس الانسان، واستمرت حياة الغابة كديدن في قيادة مسيرة الحياة البشرية. وفي الجانب التدميري أيضا هنالك البيئة، فالإنسان على مر المراحل الزمنية في رحلة الحياة يسعى لتطوير وسائل العيش دون إدراك ووعي بهذه الدالة الوجودية، فأفسد مكونات الطبيعة من ماء وهواء وتراب في تطبيق الاكتشافات التي أصبحت حاجة لرفاهيته ثم ما لبثت وأدركت مخاطر نتائجها وحاول عبثا ان يغيرها ليتغلب على نتائجها ولكن بعد ان غرق في ركامها. وكان الاحرى ان لا يطبقها بدون دراسة مستفيضة لعواقبها بتأني.. العالم في ضل تراكم الركام أصبح بحاجة إلى قيادة رشيدة لها سلطة التغيير في عالمنا..
لا يمكن أن تستمر الحياة لولا التشارك مع الآخرين، وأساسا تشارك الرجل والمرأة، لذلك اُعتبرت رابطة الزواج مقدسة منذ ان وعى الإنسان لما يجري حوله... الزواج عقد يصنع شكل المستقبل ويجعل الحياة مستمرا، وهو الذي اخرج البشر من حالة الفوضى الى التنظيم، ربما يأتي يوما يجد فيه البشر شكلا تنظيميا اخرا.. وتتم التزاوج في السلالات البشرية العديدة وتجعلها تأخذ شكلا جديدا لتستمر في البقاء مادامت علاقة التشارك مستمرة ويفتح افاق الزمن لحياة جديدة.. وان نتائج التشارك او ثمرة التزاوج هو البقاء والارتقاء والتحديث لبني البشر، ورغم التخالط البشري عبر التاريخ الإنساني والذي تصيغ الهوية الموحدة للبشر والتي في أصولها اما ان يكون اخا (او اختا) او ابن عم او ابن عمة او ابن خال او ابن خالة وما ينسل منها اعضاءه البشرية، نراهم يتقاتلون ويتباغضون اليوم ويقطعون سلسلة من سلاسل الحياة في فصيلة بشرية معينة.. الناس اختلطت بأصولها المختلفة عبر التاريخ وفي النهاية أصبحوا فرقاء يتقاتلون!
رابطة التزاوج تعمق صلات القرابة بين أنواع بني البشر، لتصبح في المجمل عائلة واحدة في مركب الحياة، فهي رابطة مقدسة ودالة للوجود ومفتاح لامتداد الحياة النوعية على الأرض، وليست لنزوة عابرة، كما هو الحال في التناسل خارج عقود الزواج، او في زواج بعض المختلين عاطفيا تفسرها نوازعهم بلا وعي وإدراك فيتجمد الفكر الإنساني بعكس الخصال التي تجود بها الزمن في عقود الزواج المثمرة التي تولد التطور والارتقاء.. فالإنسان لا يختار عائلته ولكن العائلة في جذورها اختارته في رحلة الحياة للوجود البشري على الكرة الأرضية.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|