|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
كريمة مكي
!--a>
2025 / 1 / 22
نعم أقولها و بلا فخر كأنني كنت سبب ترقيته عندما سمع بن علي رأي ابن خلدون لإيجاد حل لمثل تلك الانتفاضة على لسان زوجي!!
منذ مدة صرت أعرف مواقف زوجي من مكالماته مع صديقه جلال و هو أستاذ جامعي في اللغة الفرنسية كان محمود قد أقنعه بالانخراط معه في حزب التجمع حتى يكوّنا و من معهما من الشباب خاصة مجموعة ضغط وازنة في مواجهة جناح الشيوخ و الأضراس المُسَوّسة كما يسميها زوجي.
عندما بدأت أحداث الحوض المنجمي تتصاعد و الإعلام الأجنبي يخوض فيها بهِمّة محاولا إشعال الفتيل أكثر، سمعت محمود يصف المحتجين بأقذر النعوت و يقول لجلال على الهاتف: ماذا يريدون أكثر مما أعطيناهم؟!
على الرئيس أن يُنزل الجيش و يمحقهم على بكرة أبيهم...!
سيكون ذلك درس لهم و لجميع المعارضين و خاصة أصحابنا ʺاللي تعرفهم... هذوكم متاع ربيʺ.
كان يقصد طبعا اخوانجية المهجر الذين ما انفكوا يطلون من فضائيات مختلفة و يؤرقون بال النظام.
بعد أن أنهى المكالمة تدخلت على غير عادتي فقلت له إن ما قلته ليس كلاما سياسيا لسياسي واعد مثلك، الجيش لا يعمل ضدّ الشعب و إلا فإنها تكون الكارثة و هذا ليس كلامي بل كلام المفكر العظيم الذي أنجبته تونس و استشهد به أكبر مفكري الغرب و كثيرا من الرؤساء في العالم و منهم الرئيس الأمريكي رونالد ريغن عند لقائه بالحبيب بورقيبة في واشنطن.
كنت وقتها أراجع مع سارة المواد الأدبية و أعد لها تلاخيص لأنها لا تحب هذه المواد و تركز دائما على المواد العلمية فمخها علمي كما تقول و ليس أدبي مثلي.
و بالصدفة كانت بيدي الأوراق التي فيها موقف ابن خلدون من حامية المُلك فأريتها لمحمود فأخذها و تمعّن فيها ثم ألقى بها على الطاولة و خرج إلى مقر الحزب في اجتماع عاجل.
من الغد دعاه الرئيس إلى القصر و كلفه بالتوجه إلى المنطقة المضطربة للتحدّث مع الأهالي الغاضبين.
عندما عاد للبيت كان في قمة الانتشاء...
طلب مني أن أجهز له حقيبة سفر صغيرة فيها بدلة و أدوات الحلاقة لأنه ربما سيبيت في صفاقس.
و أنا أجهز الأغراض سمعته يتصل بجلال و يقول له:ʺ لقد استمع الرئيس لما قلته البارحة في دار التجمع فاستحسن كلّ ما قلته و دعاني للتوجه فورا إلى هناك...و ضحك قائلا: بركاتك يا شيخ ابن خلدون!!ʺ
ثم واصل:ʺلم أكن أظن أحدا ممن يكرهوننا سينقل للرئيس ما قلته بأمانة و لكن يبدو أنه تم تسجيل الجلسة و إسماعها من بعد للرئيس.
علينا أن نكون حذرين من هنا فصاعدا...
أريدك أن تنتبه جيدا لكل ما قد تقوله اليوم إن طلبوا منك الحديث في اجتماع هذا المساء و أريدك أن تنتبه خاصة لما سيقول ذلك الكلبʺ.....ʺ أنا لم أعد أطمئن له... لقد صار مؤخرا من جماعة بلحسن( يقصد أخو ليلى الطرابلسي)...ربي يستر...
اسمعني أنا مستعجل الآن...فقط أريدك أن تحضر لي كتاب ابن خلدون لأني على ما يبدو سأحتاجه مستقبلا...إلى اللقاءʺ.
التفتَ فوجدني خلفه أمدّه بالحقيبة.
قلت له: أيّ كتاب تريده لابن خلدون؟ عندي كتابين أحتفظ بهما منذ أن درست في السنة الأولى تاريخ.
قال متأففا: تاريخ و ابن خلدون...هل هذا وقته: البلاد ʺواقفة على رجلʺ و أنت تخرّفين.
و أخذ الحقيبة في عصبية بعد أن اكتشف أني قد سمعت ما لم يكن يُحب أن أسمع.
لطالما أعطيته رأي في مواضيع كثيرة فيسمع مني و لا يناقشني طويلا و أحيانا يستهزأ بما أقول و يقول: من أين تأتين بهذه الأفكار ... يبدو أنك تقرئين الكتب بالمقلوب...الحمد لله أنك لا تتحدّثين مع الناس هكذا و إلا سيقولون حتما إنك مجنونة.
أبتلع الإهانة و أصمت و لكني الآن صرت أشفق عليه بعد أن سمعته في أكثر من مناسبة يردّد نفس كلامي و بحذافيره ثم ينسبه بكل ثقة لنفسه! كذلك هم المزيفون في عالم السياسة و في غيرها.
يغيرون آرائهم في لمح البصر حسب مصلحتهم الآنية أو المؤجلة و هاهو يدعو للتهدئة و الحوار و تطمين الأهالي بعد أن كان لا يرى سبيلا لفض الاحتجاج الشعبي إلاّ القوة الغاشمة!!
لكن هل اعترف بفضلي حين قرّبه بن علي و أسند إليه منصبا رفيعا بعد أن صدّقه مثلما صدّقته يوم عرفته؟؟؟
مسكينة كنت... و مسكين أكثر ʺبن عليʺ الذي أعجب به أيّما إعجاب و هو لا يدري شيئا عن قناعات سي محمود التي ارتدت يومها على عَجل قناع ابن خلدون فتأقلمت و أقنعت و ترقّت في العمل!!
*مقتطف من قصة ʺكنت سأكون زوجة للدكتاتورʺ تونس 2011
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|