يوم ظنّ أنّه ذاهب إلى المقصلة!!



كريمة مكي
2025 / 1 / 31

لقد كتمتُ له أسرارا كثيرة و لو كنت لا أحبه كما يظن لكنتُ أوّل الواشين به و لفضحته لدى أعدائه و هم كُثر في الحزب و في الحكومة و بالأخص في العائلة.
و لكني أخذتُ عهدا على نفسي أن أصونه من يوم تزوجته و خاصة من يوم أن حكى لي عن زوجة أحدهم ممّن وشت به لدى رئيسه فانهار و انهارت حياته.
يومها استفظعت ما عملت تلك الزوجة و أطردت من رأسي فكرة الانتقام مهما جرحني بالكلام و الأفعال فأنا لم أنسى أبدا ذلك اليوم!!
يوم أن جاءه اتصال في المساء من عند صديقه جلال يُعلمه بغضب الرئيس عليه و أنّه سينتقم منه أشدّ انتقام بعد أن علم بصفقة أبرمتها وزارته عمدا لفائدة صاحبه رجل الأعمال المعروف و كانت موجّهة من البداية لتكون من نصيب صهر الرئيس.
ليلتها ظلّ يضرب وجهه بكلتا يديه و يبكي كالطفل: لقد انتهيت...لقد انتهيت... و أسعى لتهدئته فيدفعني بعيدا عنه و هو يرتعد خوفا و يدور في الصالون كالمخبول.
يومها عرفت أنني أحبّه جدّا و أخاف عليه جدا فقد كدتُ أموت من الخوف عليه.
أحاول تطمينه فأعجز،
أحاول أن أقول له: فليذهب المنصب إلى الجحيم فأحجم.
كنت الأدرى بغرامه بالسلطة لذلك كنت عاجزة عن مساعدته فتفكيرنا لم يكن في هذا الاتجاه واحد.
قضينا ليلة بيضاء بعد أن انزوى منكمشا في ركن الصالون و بقيت في غرفتي أدعو له و أبكي.
في الصباح الموالي ذهب إلى المكتب كمن يذهب إلى المقصلة!
وجد جلال وصاحب الصفقة بانتظاره و هما يضحكان...
سألاه: كيف أكلتَ المقلب، هذا مجرّد تمرين بسيط... أردنا فقط أن نختبر رباطة جأشك لنعرف إن كنت حقا ذا قلب صحيح!!
ها هو صاحب القلب الضعيف أمامي بعد انهيار النظام كما كان ليلتها...
يشعر أنّ الدنيا قد انقلبت على رأسه!
كلّ برامجه، تخطيطاته، حساباته الدقيقة...كلّها سقطت سقوط النظام و لا مجال أبدا للتدارك.
*مقتطف من قصة ʺكنت سأكون زوجة للدكتاتورʺ تونس2011