عيد المرأة : بين الاحتفاء والبحث عن العدالة والمساواة



محفوظ بجاوي
2025 / 3 / 8

يأتي الثامن من مارس كل عام ليذكرنا بأن المرأة ليست مجرد نصف المجتمع، بل هي المحرك الأساسي لكل تطور ونهوض حضاري. إنه يومٌ عالمي يُحتفى فيه بإنجازات النساء، لكنه أيضًا فرصةٌ لتسليط الضوء على العقبات التي لا تزال تعيق تحقيق العدالة والمساواة في مختلف المجالات. فرغم التقدم الذي شهدته العديد من المجتمعات، لا تزال المرأة تعاني من التمييز في كثير من المجالات، سواء في الأجور، فرص العمل، التمثيل السياسي، أو حتى الحقوق القانونية والاجتماعية. المساواة ليست امتيازًا تمنحه السلطة للمرأة، بل حقٌ أصيل يجب أن يُكفل لها دون قيد أو شرط، فالعدالة الحقيقية لا تتحقق بمجرد سن القوانين، بل بترسيخ ثقافة تحترم حقوق المرأة، وتضمن لها الفرص نفسها التي تُتاح للرجل دون تمييز أو تحيّز.

ولا يمكن الحديث عن حقوق المرأة دون ربطها بالعدالة الاجتماعية، فتمكين المرأة يبدأ من منحها فرصًا متساوية في التعليم، الصحة، والعمل، وضمان استقلالها الاقتصادي. إن المرأة التي تعاني من الفقر أو تُحرم من التعليم أو تتعرض للعنف المنزلي، لن تستطيع تحقيق ذاتها أو المشاركة الفعالة في المجتمع. لذلك، فإن النضال من أجل المرأة لا يجب أن يكون مجرد احتفال رمزي، بل حركة مستمرة نحو إزالة كل العقبات التي تعترض طريقها. وما زالت المرأة تعاني من التهميش في مراكز صنع القرار، ورغم وجود بعض المكاسب، إلا أن تمثيلها في البرلمانات والحكومات والمناصب القيادية لا يزال محدودًا. لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية حقيقية دون مشاركة فاعلة للمرأة في الحياة السياسية، ليس كديكور تجميلي، بل كطرف حقيقي في رسم السياسات واتخاذ القرارات التي تمس المجتمع بأسره.

إن الاحتفال بعيد المرأة يجب أن يكون مناسبة للتأكيد على أن حقوق المرأة ليست قضية نسوية فحسب، بل قضية مجتمع بأكمله، فالعدالة والمساواة لا تعني الصراع بين الجنسين، بل تعني أن يحظى الجميع بفرص عادلة بغض النظر عن جنسهم. وفي يوم المرأة، لنجعل صوتها مسموعًا، ولنطالب بمزيد من الحقوق، لا بالمزيد من المجاملات.