![]() |
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
![]() |
خيارات وادوات |
زينة ركين
!--a>
2025 / 3 / 8
كفى خداعًا. كفى نفاقًا. كفى توزيعًا للورود كرشوة رخيصة لإسكات الغضب. نحن لسنا بحاجة إلى يوم عالمي لنتذكر أننا نعيش في عالم غير عادل، عالم يسرق منا حقوقنا ويقدّمها لنا على شكل مجاملات سطحية وخطابات جوفاء. هذا اليوم بالنسبة لنا ليس احتفالًا، بل دليل إدانة ضد نظام ينهشنا كل يوم ثم يتظاهر بأنه يحترمنا ليوم واحد في السنة.
-أي مساواة تتحدثون عنها؟-
كل عام، في الثامن من آذار، يتحول الجميع إلى "مدافعين عن المرأة"، يطلقون التصريحات الرنانة، يملأون الشاشات بصور النساء الناجحات، ويوهموننا بأننا "نعيش عصر التقدم والمساواة". لكن في اليوم التالي، يعود كل شيء إلى طبيعته: نفس الفجوة في الأجور، نفس العقليات المتعفنة التي تضع المرأة تحت المجهر في كل خطوة تخطوها، نفس القوانين الجائرة التي تكرّس التمييز بدلًا من القضاء عليه.
هل نسيتم أن المرأة لا تزال تُعامل ككائن أقل في سوق العمل؟ أن صوتها لا يزال يحتاج إلى "إذن" حتى يُسمع؟ أن طموحها لا يزال يُواجه بالعرقلة، وأن استقلاليتها تُقابل بالرفض والوصاية؟ أن وصولها إلى مراكز القرار لا يزال استثناءً وليس القاعدة؟ نحن نعلم أن الفرص ليست متكافئة، وأن الطريق أمام المرأة لا يزال أصعب، وأن المجتمع لا يزال يقيّمها بناءً على مظهرها وسلوكها بدلًا من كفاءتها وقدراتها.
والأكثر إهانة هو كيف يحاول البعض إقناعنا بأن "العالم تغيّر"، فقط لأن هناك عددًا قليلًا من النساء اللواتي تمكنّ من كسر الحواجز. نجاح بعض النساء لا يعني أن النظام عادل، بل يعني أنهن اضطررن إلى مضاعفة الجهد، إلى القتال المستمر، وإلى تقديم تنازلات مرهقة فقط ليحصلن على ما يُمنح للرجال بشكل تلقائي.
-الغضب الذي لا تفهمونه-
نحن غاضبات لأننا سئمنا من أن نكون مضطرات لإثبات جدارتنا في كل مرة نطالب فيها بحقوقنا. غاضبات لأن المجتمع لا يزال يرى فينا "دورًا" يجب أن نلعبه، وليس أفرادًا أحرارًا لهم كامل الحق في تقرير مصيرهم. غاضبات لأننا كلما تحدثنا عن العدل والمساواة، وُصفنا بالمبالغة، بينما الظلم الذي نعيشه يوميًا يُعتبر "الطبيعي".
الغضب ليس مبالغة، بل هو حق. حقنا في أن نرفض الظلم، في أن نكسر القيود المفروضة علينا، في أن نطالب بمستقبل لا نُعامل فيه كـ"استثناء" في كل مرة نحصل فيها على شيء من حقوقنا الأساسية.
-الظلم واحد… في كل مكان-
لكن الأكثر استفزازًا؟ أن النظام الذي يكرّس القمع ضد المرأة هو نفسه الذي يستهزئ بكل نضال ضد الظلم، سواء كان تجاه الإنسان أو الحيوان أو البيئة. نحن نفهم جيدًا أن من يسخر من معاناة الأضعف لن يكون حليفًا حقيقيًا لنا. العنف واحد، الاستغلال واحد، والتبرير دائمًا جاهز.
المجتمع الذي يرى أن المرأة "يجب أن تبقى في مكانها" هو نفسه الذي يرى أن الحيوانات "موجودة لخدمتنا"، وهو نفسه الذي يدمر البيئة دون تفكير في العواقب. لأن كل هذه الأنظمة مبنية على السيطرة، على فكرة أن هناك كائنات "أقل" تستحق أن تُستغل من أجل راحة الأقوى. فكيف يمكن لمن لا يرى قيمة حياة الحيوان أن يدرك قيمة كفاح المرأة؟ كيف يمكن لمن يستهزئ بأي قضية تحررية أن يكون صادقًا في دعمه للمساواة؟
لذلك، لا نريد احتفالاتكم، نريد ثورة. لا نريد خطاباتكم الفارغة، نريد تحركات حقيقية. لا نريد أن نكون "ملهمات" فقط، نريد أن نكون صانعات للقرار، بلا حواجز، بلا وصاية، بلا انتظار لـ"إذن" من أي شخص.
لا نريد أن يُقال لنا "لقد حصلتن على حقوقكن"، لأننا نعلم أن الحقوق لا تُمنح، بل تُنتزع. لا نريد أن نُعامل كرموز، بل كبشر لهم إرادة، لهم طموح، لهم الحق في العيش بحرية وكرامة دون قيود مفروضة بحجة "المجتمع".
هذه ليست دعوة للاحتفال، هذه دعوة للغضب. الغضب المشروع، الغضب الذي يخلق التغيير، الغضب الذي لا يقبل أن يكون يوم المرأة مجرد مناسبة عابرة، بل بداية لنهاية الظلم الذي سئمنا من تحمله.
إذا كنتم تؤمنون فعلًا بالمساواة، فاحرقوا الورود، مزّقوا الخطابات الفارغة، وانزلوا معنا إلى ساحة التغيير الحقيقي. وإلا، فاحتفظوا بتهانيكم لأنفسكم، نحن لسنا بحاجة إليها.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|