التفخيذ ونقد الدكتور عبد الخالق حسين



مهند حبيب السماوي
2007 / 3 / 11

يمارس الكثير من الباحثين والمفكرين على أختلاف مشاربهم الثقافية وساحاتهم ألأيديولوجية فعل النقد على بعض الثيمات والموضوعات من أجل الكشف عن مسكوتاتها وتفكيك بنيتها وتحليل مكوناتها وتفتيت طبقاتها وتعرية مكنوناتها.
ولكن لكل اسف أن البعض من هؤلاء الكتاب يمارسون مهنة أو فعل النقد بأسلوب مشوش سطحي غير واضح المعالم والأبعاد مما يودي الى وقوعهم في خطأ كبير وضلال بعيد يتمثل في عدم تفريقهم بين طرق النقد وحيثياته المتنوعة وابعاد المختلفة ومستوياته المتعددة التي تتشظى من ثنايا فعل النقد .
فهنالك نقد تهكمي عنتري يمارس من أجل الأستهزاء بالأخر والحط من قيمته الأنسانية والتقليل من كرامته, على طريقة فولتير في نقد الدين في القرن الثامن عشر حيث أستخدم فولتير أسلوب التهكم والتسفيه في طريقة طرحه وتناوله للموضوع , هذه الطريقة لا تفيد ولا تغني ولن تقنع شخصاً بالحقيقة.
وهنالك نقد من نوع أخر يقوم على تبيان الأخطاء التي يقع فيها القول والخطاب , وذلك عندما نشاهد الخطاب يناقض نفسه من جهة كما نراه من جهة اخرى بعيد عن الواقع( بالمعنى العريض للكلمة) ولاينسجم معه ولايوجد بينه وبين الأخير صلة ممكن أن تُشعرنا أن هذه الخطاب واقعي مبني على أسس سليمة منطقية الأساس عقلانية المنهج واقعية المحتوى والمضمون!!!
وهنالك نوع ثالث من النقد يقوم على تفكيك العقلية التي صدر عنها الكلام وتفتيت البنية التي شكلت مناط الحديث ومدار الخطاب, بحيث أن النقد هنا سوف لايتجه نحو نص أو تعبير معين بل سوف يخترق هذا ويتجاوزه متجها نحو تركيب الوعي واليات الخطاب وستراتيجيات القراءة كما درج الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا بمنهجه التفكيكي المعاصرعلى تبيانه وتوضيحه في كتاباته المتنوعة.
وهنالك نوع رابع من النقد يتجسد في تركيز الكاتب على موضوع معين جزئي وجعله مرتبط بمنظومة فكرية متكاملة من غير أن يتاكد أن هذا الموضوع له وجود حقيقي وواقعي في داخل هذه المنظومة الثقافية بحيث يشكل أطار من أطرها العامة ووجه من وجوهها المتعددة, وبذلك يمارس نوعاً من التعميم الخاطئ عندما قام الناقد بتعميم جزئية شاذة على فضاء فكري شامل من غير حق, ولاشك أن التعميم الخاطئ هو أحد سمات رجل الشارع البسيط الذي لم ينل حظاً من العلم.
وحديثي في هذه المقالة سوف يتركز على مقالة الأخ الدكتور عبد الخالق حسين المسماة( الأسلام بين التفخيخ والتفخيذ) حيث كتب جزئين منها الأول تضمن رأيه والثاني حول ما أثير عنه من ردود.
وأعترف بصراحة أنني قد تأخرت في الكتابة والتعليق على ماجاء في مقالته من طروحات بسبب أرتباطت معينة, فأنني أحاول الأن التعليق حول المقالة عسى أن أن أكون موفقاً أو قريباً من التوفيق .
ولدي على مقالة الأخ الدكتور عبد الخالق حسين ملاحظات مهمة تتخلص فيما يلي:
1. أن الدكتور الأعسم يغالط القارى من أول وهلة فيسمي مقاله (الأسلام بين التفخيخ والتفخيذ ) , فهو قد تناول الأشكال الجزئي الفقهي الذي هو محل خلاف بين الفقهاء وأعطاه عنوان عام يتحرك في أطاره الأسلام بحيث يبدو كأن الأسلام كفضاء ثقافي ودين وحضارة وفكر وأنسانية وفقه وفلسفة وعلم كلام منحصر في عملية التفخيذ والتفخيخ!!!
وهذا يعني أن نقد الدكتور الأعسم قد مارس نقداً من النوع الرابع الذي شرحته أعلاه
2. المسالة التي _ ربما _ لم يدركها الدكتور عبد الخالق تكمن في أن رأي الأمام الخميني ليس المشهور في هذه القضية ولايشكل مسلمة من مسلمات الاسلام مطلقاً بل هو خلاف ماذهب اليه مشهورعلماء الشيعة الامامية الاثنا عشرية .
فقد ذهب عدد لايستهان به من علماء الشيعة مثل العلامة الشيخ النائيني والسيد أبو القاسم الخوئي ومحمد باقر الصدر ومحمد صادق الصدر والسيد عبد الأعلى السبزواري ومحمد حسين فضل الله ومحمد تقي المدرسي وعلي السيستاني والسيد محمد سعيد الحكيم والشيخ اليعقوبي وبشير النجفي ومحمد اسحاق الفياض وعلي خامنئي وغيرهم من مراجع الشيعة, ذهبوا الى أن
((من شروط العقد أن تكون المرأه المعقود عليها بالغة عاقلة رشيدة))
ومعنى هذا الرأي أنه لايجوز للرجل أن يتزوج من أمراة مالم تتسم بسمات ثلاثة وهي أن تكون بالغة وعاقلة ورشيدة, ومعنى هذه الصفات الثلاثة مايلي:
بالغة:
أي بلغت الفتاة سن الرشد وهو يعتمد على معيار حصول الدورة الشهرية لها أي ( طروء دورة الحيض للمراة) كما يقول المتشرعة.
عاقلة:
أي غير مجنونة وفاقدة للعقل حيث لايجوز الزواج بفتاة مجنونة.
رشيدة:
أي تميز بين الحسن والقبح وبمعنى اخر أقرب الى الأذهان أن لا تكون سفيهة!!!
وهذا يعني أنه لايجوز الزواج بمن لم تأتي عليها الدورة الشهرية وبالتالي لايجوز _وفقاً لمقتضيات ذلك_ الزواج من الرضيعة لأنها أصلاً ليست بالغة ولارشيدة ولم يكتمل لديها العقل.
3. اذا كان الدكتور الأعسم يدرك أنه رأي شاذ فكان الواجب عليه أن يقول ذلك وأن ينبه القارئ وينوه الى أن هذا الرأي ليس محل اجماع فقهاء الشيعة وأنه قد أنفرد به القلة وربما الأمام الخميني أحدهم.
4. عتبي على الدكتورعبد الخالق يكمن في أنه قد أثار قضية خلافية ليس عليها أجماع وصورها_ وربما من غير أن يعلم _ بأنها جوهر من جواهر الأسلام بحيث يقول الأسلام بين التفخيخ والنفخيذ !!! كأن الاسلام كما قلت أعلاه بكل مضامينه الفكرية قد أنحصر في هاتين الضاهرتين( التفخيخ والتفخيذ) وهو خطل وتعميم خاطئ أتفاجئ ان يقع فيه أحد منخرط في مجال الفكر والكتابة ويعتمد على الموضوعية والحياد.
5. أما بالنسبة للردود فقد كانت ذات اطاران أحدهما حاول تبرير فعل التفخيذ وأدعى_ بغرابة_ أنه محل اجماع !!! وهو الكاتب اسامة النجفي في مقالته(حول الزواج من الصغيرة: رد على عبد الخالق حسين) حيث قال ان (فتوى الخميني رحمه الله تطابق ماعليه كل فقهاء السنة والشيعة وباقي الفرق الاسلامية)!!!
وأن ( الواقع ان هذه المسألة التي أوردها عبد الخالق حسين مورد الاستهزاء هي مسالة فقهية بحته تناولها فقهاء المسلمون السنة والشيعة معا وعليها اجماعهم)!!!
بل أضاف (إني أتحدى أي فقيه سني او شيعي او اي مذهب اخر يقول أن هذه الفتوى خلاف الفقه بكل المذاهب)!!!
هذا القول المستهجن بصراحة دفع الكاتب حسن أسد الى أن يكتب مقالة بعنوان (اُسامة النجفي . أراد يكحلها عماها ), بل جعل الكاتب فائق الطالقاني يتسائل في مقالته(المسلمون هم من يسيئون الى الاسلام) أي أسلام وأي مذاهب تتحدث عنها ياهذا ؟
وقد كتب أيضاً الدكتور عزيز الحاج (الدعاة الاسلاميون وكرامة الاطفال الدكدتور) ووصف رد اسامه النجفي على انه يصور مقالة عبد الخالق كمحاولة للاعتداء على "مذهب آل البيت"!!!
وأما الاطار الثاني من الردود فكان موافقاً لما طرحه الاخ عبد الخالق , حيث كتب الكاتب سعيد الفحام في مقالته (المفاخذه سلاح دمار شامل بحق الطفولة) إذا كان ما تكلموا عليه بعض الاخوة صحيح ومايسمى بالمفاخذه وإنتهاك براءة الاطفال من الاسلام بشيئ فأني إعلنها براء من هذا النوع من الاسلام سواء كان شيعيا ام سنيا!!!
أما الدكتور لبيب سلطان فقد كتب (التفخيخ والتفخيذ - النفاق واجتماع المذاهب عند اسامة النجفي) وقال :كان جوهر مقال الدكتور عبد الخالق حسين هو خطر الأستخدام للدين و تفسير لبعض الأيات القرانية او ألأحاديث النبوية لبناء ممارسة سياسية او اجتماعية وفرضها على المجتمع باسم الدين والشرع،
6. وضع الكاتب سعيد الفحام ملاحظة في اخر مقالته المذكورة اعلاه وقال:
في هذه الظروف الحساسة الذي يدمر بها الوطن ويدمر بها الشعب العراقي كم تمنيت ان تسخر الطاقات والاوقات التي تضيع في طرح مثل هذه المواضيع في الوقت الذي يحتاج العراق وشعبه اقلام الشرفاء من ابنائه للكتابة عن الارهاب والارهابيين ومحاربتهم بلا هوادة.
واكاد اتفق هنا معه تماماً فالان أسمع وانا اكتب مقالتي هذه بان هنالك العشرات من زوار الأمام الحسين قد أستشهدوا بواسطة أنتحاري مهووس (وهو التفخيخ الذي تحدث عنه الدكتور عبد الخالق) , فهذا الأفكار هي التي تسيئ الى الدين الأسلامي وهي التي تجعل من المسلم في نظر الأوربي محل للشبهه أينما حل وليس موضوع التفخيذ أو ماشاكل ذلك من المواضيع الشاذة عن المشهور الفقهي عند علماء المسلمين .